الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أحد أقطاب اليمين المتطرف الذي إستطاع أن يصل الي البيت الأبيض متربعا على عرش أقوى قوة عسكرية و اقتصادية في العالم ، لم يكن ليصل الي ذلك لولا إختيار الحزب الجمهوري له أولا و ثانيا إنتخاب الشعب الأمريكي له ،بالتأكيد ترامب يتحمل كامل المسؤولية عن إقتحام الكونغرس و غيرها من الجرائم و لكن من أوصله إلي البيت الابيض يتحمل المسؤولية الرئيسية عن ذلك .
تنامى قوى اليمين المتطرف و العنصري في جميع أنحاء المعمورة و إقترابه من مراكز صنع القرار في العديد من الدول أو الوصول الي سدة الحكم ، يضع العالم أمام تحديات خطيرة حيث تتنامى الفرص نحو المزيد من الصراعات الاقليمية و الحروب الداخلية و ربما إندلاع حرب عالمية ثالثة تختلف بالشكل و لكنها تتطابق في جوهر ما عانى منه العالم خلال القرن المنصرم من أهوال الحرب العالمية الاولى و الثانية .
إن رفض القوى و الاحزاب الديمقراطية و الدول التي تسير بها العملية الديمقراطية بشكل منظم ،لعملية اقتحام الكونغرس من العصابات من أنصر ترامب فهذا أمر طبيعي ،ولكن إن تخرج قوى اليمين و التي أوغلت في شعوبها قتلاً و قهراً ، و تستنكر فهذا أمر شاذ و إستغفال لعقول البشر .
قوى اليمين المتطرف و التي لا ترى في العملية الديمقراطية إلا مدخلا لها للسيطرة المطلقة و الابدية على السلطة و تعترف بنتائج الانتخابات التي تحقق أهدافها فقط ، و إن كان و لابد من إجرائها ،تطلق العنان لتخويف و تركيع المجتمع و إثارة الرعب و بالتالي استمرارها في الحكم ، الاحزاب اليمينية في العالم العربي و غيره لا ترى في الآخرين من الأحزاب و القوى إلا سلماً لها للوصول الي السلطة ، و سرعان ما تبطش بشركائها فور تمكنها من الحكم .
ترامب لم يدير فقط اقتحام الكونغرس ، بل أدار ذلك وسط جو من الإحتفال و وصف الرعاع بأنهم الوطنيون ، من جماعة الأولاد الفخورين و النازيين حيث ارتدى البعض منهم شعار معسكر الإبادة الجماعية " أوشفيتس" و الذي قتل فيه أكثر من مليون إنسان على يد هتلر و نظامه الدموي،
وشاركت عصابات ترامب و بكل قوة و التي تنادى بتفوق العنصر الأبيض رافعين علم الولايات الجنوبية إبان الحرب الأهلية الأمريكية و التي رفضت إلغاء العبودية ، التناغم الكبير بين ترامب و نتنياهو و باقي الديكتاتوريات حول العالم يعبر عن النزعة الاجرامية و الفاشية و العنصرية المتأصلة في داخلهم ، و إن القاسم المشترك بينهم عدائهم المطلق للإنسانية و هم في حقيقة الأمر يشكلون أكبر خطر على البشرية و يهددون وجودها .
لو كانت الولايات المتحدة الامريكية كدول العالم الثالث ، و لو لم تكن أمريكا دولة مؤسسات و أن الدستور الأمريكي يحدد مسار العمل بشكل واضح و أن الفصل بين السلطات لا يمكن القفز عنه ، لانهارت الولايات المتحدة و واجه العالم مصيرا حالك السواد لا يقل قتامة عن الحقبة السوداء خلال القرن الماضي .
و على ذكر الرئيس السابق جورج بوش الإبن إن ما حدث في واشنطن لم يكن ليجري في جمهوريات الموز ، فتلك التسمية من نتاج الإمبريالية الأمريكية و شركات موزها عندما أسقطت حكومة هندوراس ،لقد تناسى بوش أن يده ملطخة بدماء شعوب المنطقة و أن قانون الموز الأمريكي مازال حاضرا في المشهد الدولي ،
حيث الولايات المتحدة لا تقيم وزنًا للقانون الدولي و لكن نيران التطرف و الفوضى احتلت ولو للحظات كرسي رئيس مجلس الشيوخ ، كرسي نائب الرئيس الأمريكي المنتخب و بتحريض من الرئيس الأمريكي المنتخب .
و يبقى السؤال المطروح هل من الممكن أن يستخلص العالم الدروس من خطورة وصول اليمين المتطرف إلي السلطة ؟؟