مهمات بايدن الثقيلة
تاريخ النشر : 2021-01-07 11:28

ما زال الرئيس ترامب يعتقد بأنه الرئيس الأمريكي الأحق من بايدن، وحجته أن 74 مليوناً من الأمريكيين انتخبوه، لذلك من المتوقع أن تكون مهمات تسليمه الرئاسة للرئيس المنتخب جو بايدن في العشرين من يناير/كانون الثاني الحالي، في غاية الصعوبة، لذلك من المتوقع (على الرغم من صعوبة ذلك) قيامه بحرب محدودة في هذه المنطقة أو تلك.

في كل الأحوال ترك ترامب لخلفه إرثاً ثقيلاً من المهمات الصعبة أبرزها: الانقسام الفعلي الحاصل في المجتمع الأمريكي. يحدث كل ذلك بالتوازي مع تغيّر كبير للصورة الديموغرافية والعرقية بين سكان الولايات المتحدة، وهو ما يؤدي فعلياً إلى تغير في موازين القوى السياسية، في حال سيطر الحزب الديمقراطي على الكونجرس.

 لكل ذلك، ستكون المهمة الأولى لبايدن، على صعيد الداخل الأمريكي إعادة اللحمة الداخلية، وهي مهمة بالتأكيد ستكون شاقة. كذلك فإن مهمة مقاومة جائحة كورونا، لن تكون أسهل من المهمة الأولى. المهمة الداخلية الثالثة لبايدن، هي معالجة الوضع الاقتصادي المتدهور؛ إذ وفقاً للمعلومات الإحصائية الكثيرة، التي تتحدت عن تفاصيله، ومنها مثلاً «بنك أتلانتا الاحتياطي الفيديرالي»، الذي يتحدث عن عجز في الاقتصادي الأمريكي يقارب 42%. إضافة إلى الركود الاقتصادي الأمريكي الكبير. فقد انفجر عجز الموازنة الأمريكية، إلى حدود 4 تريليونات دولار.

أما بالنسبة للسياسات الخارجية الأمريكية، فقد ترك الرئيس دونالد ترامب، علاقات بلاده بالكثير من الدول الكبرى، في حالة توتر كبير يرثى لها. بالطبع، سيحتاج بايدن إلى وقت لا يستهان به، لترميم جسور تلك العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي، ومع روسيا والصين وغيرهما.

لذا، من المتوقع أن يصدر الرئيس بايدن، المراسيم الرئاسية (التي يُتوقع أن يصدرها)، فور تسلمه منصبه، مرسوم بعودة انضمام الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ، وهو ما وعد به خلال حملته الانتخابية، وأكده بعد فوزه، لكن العودة إلى الاتفاقية هي الأسهل مقارنة بالخطوات التي تليها وهي الأكثر تعقيداً، وتتطلب تجنيداً واستثمارات مالية عالية في الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، فضلاً عن إلزام الشركات الأمريكية بالأهداف والقواعد المتعلقة بالتلوث البيئي، والتي رفعت إدارة ترامب عدداً لا بأس به منها، فأعفت الشركات الأمريكية من جزء من التزاماتها بهذا الشأن.

وكان بايدن قد اقترح، كجزء من خطته البيئية، إنفاق تريليوني دولار على الطاقة النظيفة والبنية التحتية، فضلاً عن الوصول إلى خفض صافي الانبعاثات إلى صفر بحلول عام 2050.

 بالتأكيد، سيحتاج بايدن الكونجرس إلى جانبه. وحتى اللحظة يمكنه ضمان مجلس النواب، ذي الأغلبية الديمقراطية، وإن لم يحصل حزبه على الأغلبية في مجلس الشيوخ فسيضطره ذلك، إلى إصدار عدد أكبر من المراسيم الرئاسية لفرض سياسته.

 أما الملف النووي الإيراني، وعودة الولايات المتحدة إليه، والتي أعلن بايدن أنه ينوي القيام بها، فقد يثبت أنها أكثر تعقيداً مما يتوقع، بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق تحت إدارة ترامب عام 2018، وعلى الرغم من الضغوط الشديدة التي كانت دول عدة قد مارستها آنذاك على إدارة أوباما، إلا أنه قرر المضي قدماً وإبرام الاتفاق بالتعاون مع الدول الأوروبية، كفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة إلى الصين وروسيا.

والسؤال هو ما إذا كان بايدن سيضطر لتقديم تنازلات ل «إسرائيل» ويزيد من حجم بيع الأسلحة إليها، كما حدث في عهد أوباما وترامب لاحقاً. فبعد عام من توقيعها الاتفاقية النووية الإيرانية، زادت الولايات المتحدة من حجم مساعداتها العسكرية ل «إسرائيل» ليصل إلى 38 مليار دولار إضافية، جرى تقسيمها على عشر سنوات، بدءاً من عام 2019.

 هناك ملفات أخرى متعلقة بالسياسة الخارجية، تركها ترامب خلفه، بعدما أرسى وقائع على الأرض لن يستطيع بايدن بسهولة تغييرها، ومن بينها القضية الفلسطينية، واستئناف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والعودة إلى اليونسكو وغيرها. فمن المستبعد أن يتمكن بايدن من التراجع عن أي من الوقائع التي كرسها ترامب ميدانياً.. من هنا، فإن مهمات بايدن الرئاسية ثقيلة جداً، بفعل إرث ترامب الثقيل والصعب.

عن الخليج الإمارتية