قراءة في الجزء الأول من الرواية المفقودة
تاريخ النشر : 2020-12-29 16:46

التقرير الإستقصائي الذي أذاعته قناة الكوفية يحمل الكثير من الخفايا الخطيرة التي تبرر ما وصلت اليه الحالة الفلسطينية الآن، ويؤكد أن حركة فتح كانت في قلب دائرة الإستهداف أمريكياً وإسرائيلياً، وذلك لقناعة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنه لا يمكن تمرير أي مشروع يستهدف تصفية القضية الفلسطينية طالما إستمرت حركة فتح بقوتها وبمدها الجماهيري، وبالتالي لا بد من توجيه ضربة مزوجة لحركة فتح من شأنها شل قوتها وإضعافها.
إن مخرجات الإنتخابات المحلية في الضفة الغربية أعوام 2004/2005 أكدت تعاظُم قوة حركة حماس الجماهيرية، وتراجع شعبية حركة فتح مما إستدعى الأمر توجيه الضربة الأولى شبه القاضية من خلال إستدراج حركة حماس للإنتخابات التشرعية بواسطة أبو مازن بعد أن أكدت كافة إستطلاعات الرأي فوز حماس بالإنتخابات التشريعية حال إجرائها، وهذا ما حصل فعلاً في إنتخابات يناير 2006 ،وما تبعها من تسليم غزة وتحميل أعبائها لحركة حماس، لكن فوز محمد دحلان بإعلى الأصوات في دائرة خانيونس أكد حضور الرجل شعبياً وجماهيرياً ليس فقط في غزة وإنما في محافظات الضفة الغربية أيضاً مما يُبرهن أن فتح لازالت قوية و مما عجّل بتوجيه الضربة القاضية لحركة فتح من داخلها، وهذا ما جعل وسائل إعلامية مدعومة من أجهزة إستخبارات اسرائيلية وأمريكية تُعلن أن قيادات شابة فلسطينية في طريقها لتسلُّم مقاليد الحكم في السلطة الفلسطينية في إشارة لمحمد دحلان، وهذا ما أثار حفيظة أبو مازن الذي بدأ يفكر بالخلاص من دحلان ومن حضوره الجماهيري والشعبي بتلفيق أي تهمه مهما كانت، وهنا تقاطعت المنفعة الأسرائيلية مع منفعة الرئيس أبو مازن في مسألة إقصاء دحلان وإبعاده عن المشهد السياسي، فإسرائيل تسعى الى ذبح فتح جماهيراً من خليل إقصاء طليعتها الممثلة بدحلان ورفاقه قادة الإنتفاضتين وأعلام المعتقلات والحركة الأسيرة، وأبو مازن من جانبه الذي لا يؤمن بالعمل العسكري ولا بإي شكل من أشكال المقاومة، ويريد تحويل حركة فتح الى حزب يُدار من خلف المكاتب، ويرى في دحلان كابوساً يطارده إعتماداً على رواية الإعلام الإستخباري الإسرائيلي والأمريكي، وأن القشة التي قسمت ظهر البعير كانت تباين المواقف بين محمد دحلان وأبو مازن حول تقرير جولدستين الذي يتهم إسرائيل بجرائم حرب ضد الإنسانية خلال حرب 2008/2009وقتلها لحوالي 1444فلسطيني مقابل مقتل 14إسرائيلي من بينهم 11عسكري، فدحلان واللجنة المركزية كانا مع إعتماد التقرير ويروا فيه فرصة لتقديم جنرالات الحرب الإسرائيلية للمحاكم الدولية، في حين أبو مازن طلب تأجيل عرض التصويت على التقرير، وبالتالي أنقذ مجرمين عسكريين إسرائيلين من المحاكمة.
لجان التحقيق التي تشكلت للنظر في التهم الموجهة لدحلان لم تثبت أي إدانة على الرجل، وأن تحوّل اللجنة من إستماع الى تحقيق عبر عنه أبو ماهر غنيم بانسحابه فليس لدى الرجل ما يقوله، وما جعل عزام الأحمد يقول" أنا لا أخون ضميري وأن المسئول عن تسليم غزة هو الرئيس أبو مازن " وأن إتصالات يوفال ديسكن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي " الشاباك" ومعرفته مسبقاً بمسألة إقصاء دحلان قبل إنتهاء لجنة التحقيق من عملها لهي دليل واضح أن التهم مُلفقة، فلا تقرير ولا إثبات تهم، والشاباك على الخط. إذاً الهدف كان دحلان وحركة فتح بأسرها، وفي المحصلة لا إسرائيل نجحت في مخططاتها في ضرب فتح، ولا الرئيس أبو مازن نجح في كبح جماح دحلان ولا بالحد من حضوره الجماهيري، وأما دحلان فلم يتخلَ عن فتح، ولم يُغادر مربعها، ولا يزال يُنادي بوحدة حركة فتح إدراكاً منه ومن كل الغيورين أنه إذا كانت فتح بخير فالقضية بخير وهذه هي الحقيقة الراسخة