في وداعِ نميمة البلد
تاريخ النشر : 2020-12-25 21:00

في الجمعة الأخيرة من العام 2020، اكتب آخر مقال تحت زاوية نميمة البلد التي استمرت ستة سنوات تقريبا، تناولت في جوانبها قضايا متعددة، سياسية كإدارة الحكم وانشغالاتها، واقتصادية واجتماعية تتعلق بهموم المجتمع وانتظاراته، دافعت على السياسيين أحيانا وعن المواطنين أكثر. واجهت نقدا وامتعاضا من بعض المسؤولين ومن حاشيتهم، وحازت على استحسان لدى غالبية القراء، وساهمت في فتح النقاش بالأفكار والقضايا التي عرضتها أو تضمنتها نميمة البلد. كما حققت انتباه بعض المسؤولين واتخاذ إجراءات وتدابير استدراكية من قبل الحكومة والرئاسة وبعض المسؤولين في قطاعات مختلفة.     

في ظني "وأغلب الظن ليس إثما" أن الغايات المرجوة من زاوية "نميمة البلد" وأهدافها المتعلقة بفتح النقاش المجتمعي الى العلن وعدم بقاءه في أروقة الحكم لدى عليّة القوم أو في أحاديث مغلقة بين المواطنين على شكل نميمة "والصيت السيء الذائع عنها" الى مقال يحظى بالاحترام يناقش ويطرح ما يقال ليصل إلى صانع القرار في مستوياته المختلفة "في السياسة والحكم والإدارة والقطاع الخاص والأهلي والإعلام والمؤسسات الاجتماعية الحاكمة كالعشائر وغيرها" أو المواطن الذي يرغب بالحصول على المعلومات أو معرفة ما يدور في أروقة الحكم في البلاد.

في المقالات الفارطة، منذ بداية العام 2015 إلى اليوم، دافعت "نميمة البلد" بتحد وعناد عن قيم الدولة المدنية، التي حلمنا بها جميعا في مسيرة النضال والثورة؛ دولة القانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية، في مواجهة لكل التيارات والأشخاص الراغبين بخرق العقد الاجتماعي الذي عمده الشهداء والجرحى والأسرى والمناضلين في الوطن والشتات بالتضحيات الجسام.  كما دافعت عن حقوق الناس في مواجهة الاستبداد، وساهمت في نقاش قضايا الإصلاح والتنمية ومحاربة الفساد.

دافعت نميمة البلد عن حرية التعبير والإعلاميين والمبدعين، كالدفاع عن البقاء والحياة، باعتبارها الأداة الحضارية للتغيير السياسي والاجتماعي، والمدافعة عن حقوق الجماعات والافراد، والرافعة من شأن الحوار الوطني والمجتمعي عارضة بذلك تفاصيل ما يجول في عقول الفلسطينيين ويخطر ببالهم، معبرة عن أحلامهم وآهاتهم ووجعهم. استخدمت نميمة البلد أحيانا قَوارِصُ الْكَلِمِ في نقد المسؤولين أينما كان ذلك لازما، ومدحا أينما كان واجبا، وطيب الكلام حينما لزم الامر حباً في اصلاح ما كُسر أو دفعاً لما هو نفعٌ للبلاد، وتشجيعاً لما فيه خيرٌ للمواطنين، بلا محاباة ودون مجاملة.   

نميمة البلد كانت تُرسل عبر البريد الإلكتروني إلى صانع القرار الأول في ذات وقت إرسالها إلى وسائل الإعلام المختلفة والإعلاميين وقبل نشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، في ظني أنها كانت تصل أحياناً نصاً، وأحياناً حديثا، وأحياناً أخرى على شكل نكتة أو تبرم، وأحياناً تحدث خرقاً باتجاه الاستجابة، وأحيانا غيظا وغضبا باتجاه صاحب النميمة وليس اتجاهها.  

صاحب نميمة البلد أو خطبة يوم الجمعة إلى معشر القراء، في الوقت الذي يخط مقال/ خطاب إسدال الستارة على "نميمة البلد" (أي الوداع) في الجمعة الأخيرة من عام 2020، سيستمر في الحكي بكتابة مقاله الأسبوعي بعنوان آخر دون كللٍ أو مللٍ، وبلا مجاملةٍ أو محاباةٍ، ودون اكتراثٍ للملمات، ودون خوفٍ أو جزعٍ، بل بصبرٍ وبحبٍ وأملٍ في التغيير؛ بتقبل المسؤولين النقد وتحمل المسؤولية عن أفعالهم وأقوالهم وإن استخدمت قَوارِصَ الكلام في الكتابة أو الحكي القادم.

الجمعة القادمة ستكون الفاتح من يناير، أول أيام السنة الجديدة (2021)، على أملٍ أن تكون أفضل من سابقاتها، وأن يتبدد الخوف من الوباء "كوفيد-19" وأنهى تغوله على البشرية، وبمقالة جديدة بزاوية جديدة كما اعلنت قبل ستة أشهر. وبمناسبة أعياد الميلاد المجيدة أبرق الى أبناء شعبنا أحر التهاني على أمل أن تعاد الاحتفالات بهذه المناسبة في العام القادم بمشاركة أبناء شعبنا جميعا.