"جزرة" غانتس الى "حماس...لما والى أين؟!
تاريخ النشر : 2020-11-24 08:28

كتب حسن عصفور/ ربما تكون هي "صدفة زمنية"، أن يختار وزير الجيش الإسرائيلي ورئيس حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس فشل الجولة "التصالحية" الأخيرة بين فتح وحماس، ليكشف عن الشروط التي تبحث عنها تل أبيب نحو عقد "تفاهات طويلة" مع حركة حماس في غزة، خلال لقاء مبعوث الأمم المتحدة، المنتهية ولايته نيكولاي ملادينوف.

ولكن الذي لا يمكن اعتباره "صدفة" ابدا، ان دولة الكيان بمكوناتها الحاكمة، تبحث عمليا بكل السبل الممكنة لأن تصبح معادلة "التهدئة مقابل المال" واقع سياسي، ضمن واقع يعتقدون أنه القاطرة الأهم لفصل جناحي "دولة فلسطين" القائمة – الغائبة عن الحياة السياسية رسميا، وأن تبقى تلك "الحقيقة الانفصالية" أداة إنهاك لأي حركة نهوض كياني فلسطيني مستقبلا.

ومراقبة للتطورات التي تتحرك، فأجهزة الأمن في دولة الكيان، قبل ساسته، تدرك أن هناك ما يمكن استغلاله "جيدا" لإرباك المشهد الوطني الفلسطيني، بعد تصريحات خالد مشعل الأخيرة، حيث وضع ملامح سياسية صريحة لإقامة "كيانية غزة المركزية" دون صلة راهنة بالسلطة أو الدولة، تحت ذرائع متعددة، لكن جوهرها انفصالي الى حين ترتيبات مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس، علها تنتج "حالة سياسية" تضع حماس كأولوية في "تسوية جديدة"، او شريكا مركزيا فيها، انطلاقا من "الكيان الغزي المستقل".

بالتأكيد، ما حدث من عودة السلطة الفلسطينية علاقتها مع الكيان، كرسالة "حسن نوايا سياسية" للرئيس الأمريكي المنتخب والرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي، سيدفع الكيان للدخول من "الشقوق" الجديدة بين طرفي الواقع الحاكم في الضفة والقطاع.

الحفاظ على "الكيانية الغزية المستقلة"، هدف إسرائيلي بامتياز تشاركت معها الإدارة الأمريكية منذ عهد الرئيس بوش مرورا بحمايته في عهد أوباما، ووجد كل الدعم والتطوير في "العهد الترامبي " الأسوأ اثرا على القضية الفلسطينية.

هل تحاول إسرائيل عبر "جزرة غانتس" أن تستبق إدارة بايدن لتحافظ موضوعيا على "ديمومة الكيانية الغزية"، وتفرضها كواقع يضعف أي مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، وتصبح كـ "خنجر" يستخدم في تعزيز الرؤية التوراتية، خاصة بعد بيان "الرباعية" حول عقد مؤتمر لحل الصراع برعاية دولية عربية، لن تكون حماس جزءا منه، والتمثيل الفلسطيني ينحصر فقط في الرسمية الفلسطينية، ما قد يربك نسبيا الموقف الإسرائيلي لو عقد المؤتمر.

 سيخرج بعض ناطقي حماس للتأكيد على "الثوابت"، وقد يرفضوا كما هم منذ 2007 أن يكون هدفهم "كيان غزة المستقل"، رغم انهم يوميا يبنون حجرا جديدا في معماره، بل أصبحت الدعوات صريحة منهم ومن فصائل أصابها "الحول السياسي"، عندما طالبت بعدم الاعتراف بالسلطة وفك الارتباط بها، لمصلحة "الكيانية الغزية المركزية" بعد خطوة عودة العلاقات مع إسرائيل.

الذهاب الى تلك الدعوة الانفصالية بغطاء "ثوري" لا يمكن لها أن تمر مرورا عابرا على المنظومة الأمنية الإسرائيلية، فهي ستعمل بكل الوسائل لتعزيزها، وأيضا بكل ما يبدو انه "وطني جدا" بل ما فوق "الوطنية"، ولكنها لن تترك مثل تلك الدعوات تمر هكذا، سواء التي تعي ما تريد كما غالبية حماس، أو البلهاء منها، كما فصائل تبحث عن "ذاتها" بعد أن فقدت حضروها غير الكلامي.

"جزرة غانتس" الأخيرة لحركة حماس، ليست تصريحا كما هو معتاد، بل قد يكون الأول منذ زمن، بذلك الوضوح...تسوية طويلة مقابلة تهدئة طويلة (مسألة الأسرى مرورا في الطريق)، لكن السياسي هنا، العمل على تعزيز "كيانية حماس" في قطاع غزة.

الحذر يجب أن يكون من حركة فتح أولا، لأن تسارع على ترتيب بعض مسارها الذي فقد بوصلته، وابتعد عن علاقة مع الشعب وفصائل منظمة التحرير، وأن تعمل بكل ما يمكنها لأن تترك حالة "الشرنقة السياسية" التي دخلتها منذ زمن، فالقادم أما تعزيز "الكيانية الفلسطينية" أو تعزيز "المحميات الكيانية" في بعض الضفة وقطاع غزة.

ولا مكان في مسار التاريخ للبلداء أو الأغبياء...!

ملاحظة: النفي السعودي للقاء نتنياهو مع ولي العهد محمد بن سلمان، أضعف كثيرا من تصديقه من قبل ساذج سياسي...خاصة بعد تصريح وزير خارجية المملكة عن "التطبيع"...بلاش لعبة الاستهبال تاني!

تنويه خاص: ليش السلطة الفلسطينية تصر على أن تكون عودة السفراء الى دول عربية بشكل سري...هيك سلوك مسيء لها جدا، وكأنها تقوم بما لا يجب أن تفعل...شوية "مرجلة" كما تفعل أجهزة الأمن في الضفة ضد مخالفيها!