حرب باردة قد تتحول إلى ساخنة
تاريخ النشر : 2020-10-30 11:25

أعلنت واشنطن، يوم الاثنين الماضي، أنها وافقت على بيع تايوان مئة منظومة صواريخ دفاعية من طراز «هاربون» في صفقة قيمتها 2,4 مليار دولار، متجاهلة غضب بكين إزاء بيع أسلحة أمريكية بيعت قبلاً للجزيرة بقيمة مليار دولار. وجاء الإعلان بعد ساعات على تأكيد بكين أنها ستفرض عقوبات على شركات أمريكية مرتبطة بصفقات أسلحة سابقة لتايوان التي تعتبرها جزءاً لا يتجزّأ من أراضيها. وتوعّدت الصين مراراً بانتزاع الجزيرة بالقوة إذا لزم الأمر. وصعدت بكين ضغوطها الدبلوماسية والعسكرية على تايوان منذ انتخاب تساي إنغ-وين رئيسة في 2016، والتي تعتبر الجزيرة دولة مستقلة وليست ضمن «الصين الواحدة». بينما بثت بكين تسجيلات مصورة تحاكي شن هجمات على أراض تشبه الأراضي التايوانية وقواعد أمريكية في غوام.

وكانت الإدارات الأمريكية السابقة حذرة في مسألة تسليح تايوان، لكن الرئيس ترامب أقل حذراً في معركته التجارية والتكنولوجية مع الصين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تجاو ليجيان إن الغرض من العقوبات على الشركات الأمريكية التي تسلح تايوان «ضمان المصلحة الوطنية» وستطبق على الذين «أساؤوا التصرف» في هذه الصفقة. كما اعترضت الصين على زيارة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو لسريلانكا الثلاثاء الماضي في إطار جولة آسيوية تهدف إلى التصدي لنفوذ الصين المتزايد في المنطقة. وكانت الصين استثمرت مليارات الدولارات في سريلانكا ضمن إطار مشروعها العابر للقارات المسمى «طريق الحزام الاقتصادي».

وقبل أيام طالب الرئيس الصيني شي جين بينج، جنوده في مشاة البحرية التركيز على الاستعداد للحرب خلال زيارة لقاعدة عسكرية في جنوب الصين. وتعتبر تلك الإشارات بمثابة «تحذير لأولئك الذين يسعون إلى عرقلة الخطط الصينية لإعادة توحيد تايوان». فالحرب التجارية والتكنولوجية بين الجانبين التي تدخل في نطاق الحرب الباردة سرعان ما تتحول إلى حرب ساخنة اذا استمر التوتر قائماً.

وتلعب وسائل الإعلام الصينية دوراً مكثفاً في الدعاية للحرب حالياً، ويلاحظ هذا الكلام عبر الإنترنت وعلى وسائل الإعلام الحكومية، ما يشير إلى توتر كبير.

وتواجه الصين بالفعل ضغوطاً بشأن تايوان، وتضغط على مطالبات إقليمية أخرى متنازع عليها من بحر الصين الجنوبي إلى جبال الهيمالايا. وإذا شعرت الصين بأنها تواجه تحديات مباشرة على أي من هذه الجبهات، فقد لا يتمكن الرئيس الصيني من التراجع، بعد أن أعدَّ الجمهور لموقف قتالي.

من جانبها، أعلنت واشنطن فرض عقوبات على 24 شركة وشخصية صينية شاركت في بناء جزر اصطناعية في بحر الصين الجنوبي، وحولتها إلى مواقع عسكرية. وقد اتهم وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر بكين بتحديث الجيش للإطاحة بسلطة أمريكا على العالم. كما أشار إلى أعمال جيش التحرير الشعبي الصيني «الاستفزازية» في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي وفي مناطق أخرى تقع ضمن نطاق مصالح الصين. واعترف إسبر بأن منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بؤرة تنافس بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية. وأضاف، مشدداً: «لا ننوي التنازل في هذه المنطقة. لن نتنازل عن شبر واحد لأي دولة أخرى». فردت وزارة الدفاع الصينية على الفور على إسبر، قائلة إن بعض السياسيين الأمريكيين أضروا بالعلاقات العسكرية الأمريكية الصينية عشية انتخابات نوفمبر لمصالحهم الخاصة.

وتنتهج إدارة ترامب سياسة متطابقة مع الإدارات الجمهورية السابقة مثل تأكيد مايك بينس، نائب الرئيس الأمريكي، بأن الدول التي تقمع شعوبها عادة لا تتوقف عند هذا الحد. فضلًا عن خطابات بومبيو المتكررة التي يتحدث فيها عن ضرورة تغيير النظام الصيني ليصبح متوافقاً بشكل أكبر مع القيم الليبرالية الأمريكية. بالإضافة إلى إمكانية أن الجمهوريين قد يرون أن أفضل طريقة لإعادة انتخاب ترامب لفترة رئاسية ثانية، هي الترويج لأن الولايات المتحدة منغمسة في صراع أيديولوجي مع الصين الشيوعية.

وتتلخص سياسة ترامب تجاه الصين في الحفاظ على التفوق العسكري الأمريكي حيث أرسل حاملات طائرات إلى تلك المنطقة إضافة إلى تسليح تايوان. فالتوتر بين القوتين سيستمر في حالة فوز ترامب الذي يسعى لتقويض الزحف الاقتصادي الصيني في آسيا وإفريقيا وأوروبا.

عن الخليج الإماراتية