غاز غزة يحل أزمات السلطة المالية
تاريخ النشر : 2020-10-30 09:42

قد تكون غزة المحاصرة والمعاقبة هي المخرج الذي تفكر فيه السلطة لحل أزمتها المالية في المستقبل القريب, وهذا ما قد يفهم من تصريح محمد مصطفى المستشار الاقتصادي للرئيس محمود عباس ورئيس مجلس ادارة صندوق الاستثمار , الذي تحدث فيه عن تشكيل لجنة عليا لمتابعة ترسيم الحدود البحرية بين فلسطين ومصر.

ولكن ما علاقة ترسيم الحدود البحرية بين فلسطين ومصر بحل الأزمة المالية ؟, وهل هناك علاقة لغاز غزة بهذا الموضوع ؟. هذا التقرير المختصر سيضع الضوء على جانب مظلم لا يتم تسليط الضوء عليه في الاعلام , ونقطة البداية فيه غاز غزة.

حقول الغاز في غزة

تضم مياه غزة الاقليمية حقلان رئيسيان للغاز هما حقل غزة البحريMarine Gaza وهو الحقل الرئيسي ويقع عمى عمق 603 أمتار تحت سطح البحر و36 كيلومترا غرب مدينة غزة. أما الحقل الحدودي Field Border فهو أصغر سعة ويمتد عبر الحدود الدولية الفاصلة بين المياه الاقليمية لقطاع غزة والمياه الاقليمية لاسرائيل. وتقدر شركة الغاز البريطانية بحسب موقعها على شبكة الانترنت حجم الاحتياطيات في الحقلين بتريليون قدم مكعب، في حين تعتقد شركة اتحاد المقاولين بأن الاحتياطي يبلغ 4.1 تريليون قدم مكعب.

ان كمية الغاز في الحقلين ليست ضخمة، ولكنها أكثر من كافية لتلبية احتياجات الفلسطينيين في الضفة وغزة لـ25 سنة قادمة, وتصدير جزء منها.

الحدود البحرية الفلسطينية

حدد اتفاق اوسلو حقوق السلطة في البحر المتوسط بمنطقة عمقها 22 ميلا، وهي منطقة صيد بالأساس، في وسطها اكتشف حقل "غزة مارين" فيما اكتشف حقل أصغر الى الشمال عند حدود هذه المنطقة مع المياه التي تعتبرها اسرائيل منطقتها، لكن هذا الوضع تغير، على الأقل من الناحية القانونية، بعد اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بفلسطين عضوا مراقبا, حيث مكن هذا الاعتراف الفلسطينيين من الانضمام الى المنظمات والاتفاقيات الدولية على قدم المساواة مع باقي الدول، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، الذي يشكل الأساس القانوني لترسيم الحدود البحرية بين الدول، ويحدد المياه الاقليمية بعمق 12 ميلا والمياه المتاخمة بـ24 ميلا تالية، والمنطقة الاقتصادية الخالصة في المناطق المفتوحة بـ200 ميل تبدأ من نهاية حد المنطقة المتاخمة، من حق الدولة استغلال موارد هذه المنطقة، سواء في المياه أو في الجرف القاري.

ووفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، فإن مساحة المياه الفلسطينية تتضاعف عشر مرات، من حوالي 600 ميل مربع الى نحو ستة آلاف ميل مربع، بما يعني ذلك من احتمالات وجود حقول هيدروكربونية أخرى في هذه المنطقة (نفط وغاز)، أو مشاركة دول الجوار بحقول أعلنت عن اكتشافها.

فلسطين ومنتدى غاز شرق المتوسط

في أكتوبر 2018، عُقدت على جزيرة كريت اليونانية قمة ثلاثية جمعت الرئيس القبرصي نیکوس أنستاسیادس، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء اليوناني أنطونيس ساماراس، تم الاتفاق فيها على إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، يكون مقره القاهرة، ويضم الدول المنتجة والمستوردة للغاز ودول العبور بشرق المتوسط، بهدف تنسيق السياسات الخاصة باستغلال الغاز الطبيعي بما يحقق المصالح المشتركة لدول المنطقة، ويسرّع من عملية الاستفادة من الاحتياطيات الحالية والمستقبلية من الغاز بتلك الدول.

في يناير 2019، اجتمع سبعة وزراء طاقة من منطقة شرق المتوسط في العاصمة المصرية القاهرة، كما شارك في الاجتماع وزير الطاقة الأمريكي وممثل المفوضية الأورپية لشؤون الطاقة وممثل للبنك الدولي. وتم التوصل إلى اتفاقية لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط. وذكرت وزارة البترول المصرية في بيان بعنوان "إعلان القاهرة لإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط" أنه في وسع أي من دول شرق البحر المتوسط المنتجة أو المستهلكة للغاز، أو دول العبور ممن يتفقون مع المنتدى في المصالح والأهداف، الانضمام إلى المنتدى لاحقا، وذلك بعد استيفاء إجراءات العضوية اللازمة.

امتنعت فلسطين عن المشاركة في حفل توقيع اتفاقية ميثاق منتدى شرق المتوسط وتحويله إلى منظمة دولية، بسبب مشاركة إسرائيل في الاجتماع، لكنها وقعت الميثاق بشكل منفصل بعد ايام من الاطلاق الرسمي.

وقد أكد منتدى شرق المتوسط على أهمية تمكين الجانب الفلسطيني من استغلال حقل غزة مارين باعتباره أحد موارده للطاقة، وقد اعترفت اسرائيل بذلك وتعهدت بتمكين الجانب الفلسطيني من تطوير موارده عملا بميثاق المنتدى.

ترسيم الحدود مع مصر وأهداف السلطة المالية

اعلان محمد مصطفى المستشار الاقتصادي للرئيس محمود عباس عن استعداد مصر لبحث ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين و تشكيل لجنة عليا لمتابعة ترسيم الحدود البحرية , يدلل على نية السلطة الفلسطينية بالعمل على استثمار الغاز على سواحل قطاع غزة , مستغلة توقيعها على ميثاق منتدى شرق المتوسط الذي قد يساهم بالضغط على اسرائيل للسماح للسلطة باستغلال الغاز , خاصة أن الظروف الاقليمية والتوترات في شرق المتوسط تساعد على ذلك.

مشروع استخراج الغاز من سواحل قطاع غزة من المتوقع أن يدر للسلطة الفلسطينية ما قيمته 2 مليار دولار سنوياً، إلى جانب الاكتفاء الذاتي من الغاز لسد حاجة السوق المحلية.

ويبقى التساؤل الأخير, هل ما وراء هذه التطلعات المالية للسطلة الفلسطينية لغاز غزة نية حقيقية بالسعي للخروج من الأزمات المالية التي تمر بها, وتحقيق تنمية حقيقية في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية, أم انها ستكون عبارة عن مشاريع استثمار لبعض رجال الأعمال والسلطة المتنفذين, لاستغلال خيرات الوطن والصعود على أوجاع وآلام غزة ؟!.