الضفة الغربية تتدحرج نحو الهاوية
تاريخ النشر : 2020-10-30 07:04

الضفة الغربية المقسمة لمناطق A,B,C بحسب تفاهمات اوسلو التي تمنع أي تواجد للعناصر الأمنية الفلسطينية في مناطق التصنيف B,C، و نحن نتفهم ذلك الى حدٍ ما إحتراماً للشرعية الدولية التي تُقدرها السلطة وتتخذ منها وسيطاً وراعياً إستراتيجياً لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن الذي لا يمكن إستيعابه ولا فهمه ولو ترجم بكل لغات الدنيا هو إستباحة الجهات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية للمنطقة المصنفة A التي تعتبر عرين السلطة الفلسطينية والمقدرة بنسبة 18%من أراضي الضفة الغربية التي إبتلعها غول الإستيطان الإسرائيلي الى جانب ممارسات العربدة اليومية في المنطقة A التي لا تكاد تخلو ليلة واحدة من ليالي الضفة دون مداهمات واقتحامات واعتقالات لخيرة شباب الشعب الفلسطيني كان أخرها ليلة الاربعاء الماضي حيث تم إعتقال ثمانية شباب من مناطق قرى وبلدات بيت لحم والخليل.
منذ التحلل النظري للسلطة الفلسطينية من إتفاقاتها الموقعة مع الجانب الإسرائيلي بعد قرار الضم في تموز الماضي أصبحت الضفة الغربية مشاعاً مُستباحاً أمنياً وعسكرياً جهاراً نهاراً من قبل قوات الإحتلال، مداهمات واعتقلات وعربدة مستوطنين وسرقة أراضي، إذ قامت حكومة الإحتلال بسرقة 11الف دونم من أراضي الأغوار وضمتها لمحمياتها الطبيعية، كما وصادقت حكومة نتانياهو على بناء حوالي 5000 وحدة إستيطانية جديدة أغلبها في محيط القدس، وتمارس الإعتقالات لعناصر الاجهزة الأمنية والشرطية الفلسطينية دون روادع أو أن يتم إطلاق رصاصة واحدة، فلا عناصر الأجهزة الأمنية ثأرت لزملائهم من عناصر الضابطة الجمركية الذين تم بطحهم من قبل الوحدات الخاصة الإسرائيلية وسط رام الله، ولا سمحت لعناصر المقاومة الفلسطينية بلجم عربدة المستوطنين وجنود الاحتلال.
إن أسوا ما في المشهد هو تجاهل السلطة الفلسطينية لكافة أشكال العربدة و الصلف الإحتلالي والإستيطاني وإعلانها حالة الحرب على حركة فتح وكوادرها الأحرار في مخيم الامعري الذين يرفضون سياسية الإعتقال على خلفية مخالفة الرأي وحق التعبير والتجمعات السلمية، والمطالبين بحياة كريمة خالية من البطش والتنكيل والذل، ولا ندرِ التقاطع الغريب في المسرح الميداني العملياتي الأمني، ففي الوقت الذي تقتحم فيه عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية مخيم الأمعري وتعتدي على مؤسساته الخدمية وتنتهك حرمة بيوته وتعتقل أبناء حركة فتح وسط حالة من الإستياء الشديد، تقوم قوات الاحتلال باقتحام مقر الإسعاف المركزي القريب من الأمعري وتطلب من الموظفين إخلاء المقر كما و تقتحم مقر شركة الإتصالات ومحل تجاري آخر واستولت على تسجيلات الكاميرات، كما وحاولت قوات الإحتلال منع أهالي الخليل من دخول الحرم الأبراهيمي للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف،في الوقت الذي ترفض فيه محكمة الاحتلال العليا الافراج عن الأسير ماهر الأخرس الذي دخل اضرابه اليوم ال96 أو نقله لمستشفيات الضفة.
يقف المواطن الفلسطيني في حيرة من أمره أمام حالة اللغط وهذا الهجوم المزدوج على فلسطيني الضفة الغربية من قبل أجهزة الإحتلال والأجهزة الأمنية ، والسؤال هنا من للمواطن؟ ومن يدافع عنه ؟ ومن يصد من؟ .
يُنظر للهجوم الأمني الفلسطيني على مخيم الامعري وسط مدينة البيرة بالتزامن مع الهجوم العسكري الإسرائيلي على مقر الإسعاف المركزي وشركة الإتصالات وسط مدينة البيرة انه عمل يفوق حدود التنسيق الأمني الى العمل الميداني العملياتي المشترك، والخشية أن تتحول الأجهزة الأمنية الفلسطينية الى اداة قمع بيد الجيش الاسرائيلي تماما كحالة جيش لبنان الجنوبي وقوات أنطوان لحد الذي قضى أخر عمره متسولاً في شوارع تل أبيب.
مطلوب وقفة جادة أمام كل ما يحدث في الضفة الغربية وعلى السلطة الفلسطينية الابتعاد عن صهينة الأجهزة الأمنية او محاولة تجريد عناصرها من ثوبهم الوطني تماهياً مع سياسية الرئيس عباس الساعية الى إقصاء خصومه عن المشهدين التنظيمي والسياسي .