لاوروزدي .. البضاعة السيئة .. التطبيع
تاريخ النشر : 2020-10-26 12:38

-1-
"الاوروزدي" محلات تجارية كبيرة  اشبه بالاسواق المركزية و"المولات" حديثا مع فارق انها مبني واحد طابقين او ثلاث انه كان يتبع شركة حكومية لإدارتها باسم “الشّركة العامة للأسواق المركزية”، كانت تابعة لوزارة التّجارة العراقية انذاك. وكان له دور في توفير السلع المحلية والمستوردة المدعومة من قبل الحكومة العراقية ابان فترة الحروب والحصار الدولي على العراق.

وكنا كطلاب ومقيمين عرب منتصف ثمانييات القرن الماضي نتتبع اخبار الاوروزدي وخاصة موعد وصول الدخان الأجنبي والذي كان عادة يباع بالسوق السوداء أضعاف السعر داخل المنشاة الحكومية. علاوة ان بيع السلع الجيدة والمدعومة من الدولة محدد بسقف اعلي للمستهلك. ومشروط بضرورة أن تاخذ سلعة أخرى ليس لها رواجا وأنت لا تحتاجها, فعلى سبيل المثال مقابل كل "كروز" دخان اجنبي عليك ان تحمل وزر ثمن علبتين او اكثر من دخان رديء لن تقترب من ذلك الدخان مهما تقطعت بك السبل.

-2-
كثير من الانظمة والكيانات العربية يجري اقناعها بالقوة بان السبيل لبقائها على عروشها وعدم اتهامها بالارهاب او تشجيعه او اللاسامية او شطب ديونها  او إعادة جدولة ديونها, بان تحمل شريك سيء السمعة ولقيط بالمنطقة العربية محتل وغاصب وعلى مدى سبعة عقود عرف بايغاله بالدم العربي واستهدافه المقدرات العربية وحتى بتصريحات وزراء الاحتلال بان العرب لخدمة وسخرة لليهود ويجب عدم معاملتهم كشركاء وهي تصريحات علنية ومثبتة بعد توقيع اتفاقيات التطبيع المجانية. وليحصل اي نظام على بضاعة جيدة عليه ان يحمل بضاعة سيئة وعلاقة وسم التطبيع مع احتلال توسعي سيبلتعهم هم وبقايا البضاعة الجيدة إن حصلوا عليها أساسا.

-3-
وفي الحقيقة وربما من باب المصادفة والمفارقة العجيبة وقبل كتابة الموضوع  لم اكن اعرف ان الحكومة العراقية  في فترة السبعينيات أممت محلات أوروزدي باك.

حيث يعود تسمية المحلات إلى عائلة باخ Bach اليهودية، والتي إغتنت من التّجارة في عهد الإمبراطورية النّمساوية المجرية، ثمّ شاركت عائلة يهودية أخرى من أصل نمساوي مجري: أوروزدي Orosdi. حيث تزوّج أدولف أوروزدي Adolf Orosdi بأخت موريس باخ Maurice Bach. ، هاجر إلى إسطنبول  وفتح في عام 1855 محّلاً لبيع الملابس الجاهزة المستوردة من أوروبا.، واستمرّ بها ولداه فيليب وليون من بعده. ثمّ شارك ولدا أوروزدي مع هيرمان وجوزيف، إبنَي موريس باخ، واتّفق هؤلاء الأربعة على تسمية شركتهم: أوروزدي باخ.

وفي عام 1893 فتحوا أوّل محلاتهم في فيينا، عاصمة النّمسا، ، وفتحت محلات كبرى في أوروبا الشّرقية وفي تركيا. وفي حوالي عام 1896 فتحوا أوّل محلاتهم في القاهرة، ثمّ في تونس وحلب وبيروت.

وكانت هذه المحلات من نوع جديد ظهر أولا في المدن الأوروبية وهي ما تسمى بالفرنسية: Grands magasins، وتسمى بالإنكليزية Department stores ويمتلك كلّ محل من هذه المحلات الكبرى شخص واحد أو شركة واحدة، وافتتحَ محل كبير لأوروزدي باك في بغداد في تلك الفترة تقريباً، أي في بداية عقد العشرينيات، ثمّ آخر في البصرة. وكانت محلاّت أوروزدي باك، الّتي يسميها البغداديون: أورزدي، في شارع الرّشيد.

وكانت تباع فيها، أنواع مختلفة من البضائع والسّلع المحلية الصّنع أو المستوردة.وكانت هذه المحلات تتوجه لأفراد الطّبقة المتوسّطة والطّبقة الغنّية.