"هجوم فتحاوي مضاد" على بعض حماس!
تاريخ النشر : 2020-10-19 09:18

كتب حسن عصفور/ لن يترك المتابعون في فلسطين ومحيطها مقابلة عضو مركزية فتح روحي فتوح، وعضو وفد "المكلمة السياسية" مع حركة حماس تمر مرورا عابرا، لا توقيتا ولا شكلا وبالقطع مضمونا.
من حيث الشكل سارعت الوكالة الرسمية بنشر نصوص المقابلة قبل أن تنتهي، وتلك إشارة صريحة أن الرئيس محمود عباس ومركزية فتح في رضا كامل عن الحديث، خاصة وأن مقابلة الرجوب لذات البرنامج لم تنشر في الوكالة الرسمية.

توقيتا، جاءت مقابلة فتوح بعد تصريحات العاروري التي تحدثت عن كل شيء دون تحديد شيء، واستمرت قيادة حماس بتوزيع اللغة وفقا للمتحدث، وأيضا بعد تصريحات رئيس حماس إسماعيل هنية والقيادي في الحركة موسى أبو مرزوق، لتضع إطارا مختلفا لرد فتح على كل ما تحدثت به القيادات الحمساوية، وعله أول رد واضح (بعيدا عن الاتفاق معه أو عدمه) تقوم به بعد مسلسل ضبابي غير مفهوم، بل ومرتعش في بعض جوانبه.

من حيث الجوهر، ورغم انه لا يوجد جديد سياسي من حيث ترتيب "التفاهمات" ومضمونها، لكنه أعاد أساس التعطيل الى حركة حماس، وهي المرة الأولى التي تتحدث بها فتح بهذه اللغة، حيث قال فتوح، ان الرئيس عباس ينتظر رسالة تعلن فيها الموافقة الحمساوية رسميا على ما تم التوافق عليه، وذلك مؤشر أن كل ما قالته قيادة حماس مؤخرا ليس دقيقا، بأنهم موافقون.

وكانت المفاجأة، ما كشفه فتوح بأن سبب التعطيل ليس فقط عدم قيام قيادة حماس بإرسال الموافقة رسميا، بل وجود أطراف منها وخاصة في قطاع غزة تعرقل المصالحة لأسباب شخصية، تهمتان لا لبس فيهما، ورسالة غاية في الوضوح، ان عقبة قطار المصالحة هي حماس وليس غيرها.

قيمة حديث فتوح، لا تكمن فيما قاله عن حماس، بل لأنه حدد وبشكل قاطع وواضح، أن التعطيل لم يكن عاملا خارجيا، ولا تدخلا إقليميا كما أوحى القيادي الفتحاوي الرجوب وكذلك قيادة حماس، وتلك رسالة سياسية هامة، للداخل الفلسطيني أولا وللمحيط العربي ثانيا، حيث حاولت حماس وبعض فتح وضع عرقلة الانطلاق على دول عربية وإقليمية، ما أسقطته مقابلة فتوح.

موضوعيا، بعد المقابلة ليس كما قبله، ما يعيد ترتيب أولويات الحديث بما يتفق والمصلحة الوطنية الفلسطينية، بعيدا عن محاولة البعض "خطف اللحظة السياسية"، وأن البحث عن تفاهم لا ينطلق من عقلية "منتصر ومهزوم"، كما حاولت قيادة حماس تصوير المشهد وكأن فتح تعيش حالة من الوهن، الذي يتطلب انقاذا من صديق قادر وبلا أزمات.

تصويب مسار التفكير السياسي لعملية المصالحة يمثل ضرورة وطنية، بحيث تبتعد حماس عن النظرة الاستعلائية التي تتصرف وفقها مع الكل الفلسطيني، وتعمل على ترسيخ أنها "البديل الاستراتيجي" للثورة الفلسطينية وعمودها الفقري حركة فتح، وتلك مسألة جوهرية في إدارة العمل التفاوضي، ودونها لن يكون هناك توافق حقيقي.

ولكن، ربما تلعثم فتوح قليلا عندما أشار الى معرقلي الاتفاق، دون أن ربطها بحركة "التواصل السرية" بين حماس والإدارة الأمريكية وإسرائيل، التي تديرها قطر، وكشف بعضها منها إسماعيل هنية ثم صالح العاروري، وإن كانت بصيغة العرض والرفض، لكن الأصل وجود تلك القناة التفاوضية، في الدوحة وبعضها في تركيا.

السؤال، لماذا تفاوض أمريكا وإسرائيل حماس في زمن الحرب السياسية على السلطة وحركة فتح، وهل التعطيل الذي أشار له فتوح مرتبط بالتفاوض، وما علاقة العودة مجددا لفتح ملف "صفقة الأسرى" بعيدا عن أي توافق مع القيادة الرسمية للسلطة، بل ودون التنسيق معها.

هل تبدأ فتح بحركة تصحيح مسارها التفاوضي مع حماس وفقا لمعادلة سياسية جديدة...تلك هي المسالة التي تتطلب جوابا أكثر وضوحا.

ملاحظة: لقاء "الأمناء العامين" لفصائل في رام الله لا زال يبحث عن طريق تشكيل قيادة وطنية موحدة، مع أنه بعضم قال تشكلت وانتهى الأمر..يا ناس نسقوا الكلام مش ناقصين شوشرة!

تنويه خاص: تقول حماس أن صفقة شاليط كانت الأهم في التاريخ... بعد اتفاق أوسلو خرج أكثر من 11 ألف أسير..شكلها حماس لا تقرأ التاريخ وفق مساره الصحيح بل وفق ما تراه هي ..عجبا!