الدكتور أحمد مجدلاني عنوان الصدق والوضوح والشفافية
تاريخ النشر : 2020-10-01 11:04

هجمة موجهة تستهدف الدكتور أحمد مجدلاني وزير التنمية الاجتماعية في الحكومة الفلسطينية في أعقاب المقابلة الإعلامية التي تمت مؤخراً مع إحدى الإذاعات التي تبث من قطاع غزة والتي تحدث فيها بمنتهى الصدق والوضوح والشفافية .

 تماماً كما عهدناه في مختلف القضايا ، حيث يتجلى الوضوح والجرأة التي يفتقد إليها الكثيرون من القادة والمسئولون الذين يجملون الواقع ويطلقون الوعود ويوهمون قطاعات الشعب بأن الحلول قريبة وأن الآفاق رحبة وأن القضايا العالقة ستحل وأن الأمور بسيطة ولا ينقصها سوى " الصبر الجميل " وكل ذلك بلا رصيد حقيقي من قبل صناع القرار في الحكومة أو في الحزب الحاكم الذي يشن البعض من قيادته ومناصريه تحريضاَ غير مبرر وتشويه متعمد ومخطط له في بعض الأروقة الفئوية وهذا يشكل محاولة لاغتيال سياسي لشخصية ومكانة الدكتور أحمد مجدلاني القيادي الفلسطيني البارز وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأمين عام جبهة النضال الشعبي الفلسطيني ، التنظيم الديمقراطي الفلسطيني الذي يرفع لواء الدفاع عن قضايا ومطالب أهلنا في قطاع غزة أكثر بكثير من الحزب الحاكم الذي يقود الحكومة ويقود المنظمة والمسئول المباشر عن كل القرارات المتعلقة بقطاع غزة وعلى كافة المستويات بما في ذلك الملفات الساخنة المتعلقة بالموازنة العامة وكيفية صرفها أو فيما يتعلق بقضايا الموظفين في غزة وحقوقهم منذ العام 2007 حيث فرض واقع الانقلاب واقعاً جديداً إلى جانب قضية " متفرغي" 2005 والملف الاجتماعي والاقتصادي والبطالة والفقر والكهرباء وعشرات الملفات العالقة التي تنتظر إجابات حقيقية وواضحة وشافية بعيداً عن الشعارات البراقة والوعود الزائفة وأسلوب التحشيد والتشويه والتضليل المتبع كما لاحظنا في أعقاب المقابلة الإذاعية التي تمت مع د. مجدلاني .

هل يمتلك الحزب الحاكم رؤية سياسية أو برنامجاً لمعالجة تلك الملفات ، وهل تراجع عن قراراته ومواقفه المعلنة اتجاه كل القضايا العالقة في القطاع ، ولماذا لا يكون الحزب الحاكم صريحاً مع أبناء شعبنا في غزة وغالبيتهم الساحقة هم من أبناء الحزب الحاكم ومناصريه ودافعي ثمن الصمود والمواجهة والدفاع عن الشرعية ؟؟

من كان منكم بلا خطيئة فليرجمنا بحجر !!

هناك قيادات وازنة تتسرع في اتخاذ مواقفها وتصريحاتها بدون دراسة لمآلات تصريحاتها ، فالحق لأي قيادي فلسطيني أن يخوض في قضايا وهموم شعبه ، تماماً كما هو الحال مع د. مجدلاني الذي لم يطلب من محاوره أسئلة جاهزة ، بل كان برنامجاً مباشراً ويتخلله رد على أسئلة مباشرة من الجمهور وفي ذلك جرأة لا يملكها البعض ، بل وكانت الردود حكيمة وواعية ومسئولة وتعبر بشكل دقيق عن مواقف وآراء ورؤى القيادة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية بما فيها حركة فتح ، الحزب الأكبر في الساحة الفلسطينية وصاحبة القرارات المباشرة في كل ما يتعلق بأوضاع قطاع غزة .

لا يحق لمن يريد الانتقاد من أعضاء القيادة الفلسطينية أن يتهرب من المسؤولية ولا يحق التنكر لقرارات هم جزء منها ، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال ممارسة الخداع والتضليل وإيهام المواطنين أن هذا أو ذاك أكثر حرصاً على" الواقع الغزاوي " الذي هو جزء من الواقع الفلسطيني العام ، فغزة بأهلها الصامدين وبكل فئاتها وشرائها جزء أصيل من هذا الوطن الذي لا وطن لنا سواه ، ومن المعيب أن يكون هناك أي خطاب جهوي مناطقي أو عنصري ، والحقوق العادلة والمشروعة لكافة القطاعات في غزة ينبغي أن تعالج في إطار رؤية وطنية شاملة وتمكين الحكومة من معالجتها وتوفير المقومات اللازمة فقد طال الانتظار ، رغم إدراكنا لحجم المسؤولية ومستوى الأزمة المالية والاقتصادية المستفحلة في ظل احتجاز أموال المقاصة في خزائن الاحتلال ، والموقف الحازم للقيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس أبو مازن بعدم استلام المقاصة وقطع كل العلاقات بمستوياتها المختلفة مع حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية ضمن الخطوات التي اتخذتها القيادة في اطار الرد على ما سمي بصفقة القرن وفي القلب منها خطة الضم العدوانية ، وهذا يتطلب مواقف شجاعة وصلبة وصريحة من قبل كل القيادة الفلسطينية ومن حكومتها وعدم التهرب من المسؤوليات والبحث عن المواقف السهلة التي تجلب الجمهور كون الخطابات والتصريحات التي تطلق من الكثيرين شعبوية ولا تنم عن أي مسؤولية اتجاه جزء رئيسي من شعبنا هناك في قلب الحصار يستحقون معالجة قضاياهم الملحة قدر الإمكان وصولاً إلى حلها بشكل شامل بعد تجاوز الأزمة التي يسببها حصار وابتزاز وإجراءات الاحتلال وحليفتهم الامبريالية الأمريكية .

تابعت المقابلة مع د. مجدلاني ووجدت فيها الدقة والمسؤولية وبالأرقام ، وقد عبر بصراحة متناهية عن الواقع القائم في غزة وانه مع الحلول العادلة إزاء كل الملفات وبما يكرس العدالة الاجتماعية والحقوق المتكافئة ، ولم أسمع منه ما يشيعه البعض من اتهامات لا أساس لها ، فهذا الوزير والقائد الفلسطيني قبل كل شيء هو مسؤول فلسطيني له مكانته المميزة في القيادة على مستوى المنظمة والحكومة وعلى مدار سنوات الانقسام البغيضة لم يكن سوى أميناً على حقوق الأهل في غزة ومدافعاً شرساً عن الحقوق التي يستحقونها ، ولم يكن سوى صادحاً بمواقفه الجريئة والمعروفة ولم يتهرب يوماً من أي مسؤولية ، فكان أول من يدخل مخيم اليرموك في سوريا دفاعاً عن اللاجئين من أبناء شعبنا هناك حيث اختطفت الجماعات الإرهابية المخيم وهجرت أبناءه وارتكبت جرائم مروعة ، وكان أول من يزور قطاع غزة ليتفقد الأضرار وحجم الجرائم التي سببتها فاشية ووحشية وهمجية الاحتلال ويلتقي بكل القوى والشخصيات والمسئولين ومع المواطنين المنكوبين في غزة في ظل توقيت عصيب تكتب أحداثه بدم الضحايا والسادة الشهداء ، ولم نجد بعض تلك الأصوات التي " تغرد " هنا أو هناك في تلك المهمات الصعبة التي تتطلب إحساس عالٍ بالمسؤولية من قبل الشخص الذي سيقوم بها .

الدكتور أحمد مجدلاني وأنا أعرفه عن قرب ، ليس من أولئك الذين يتنكرون للحقيقة ، فهو إنسان عملي ومهني وصادق الأداء وحريص كل الحرص على متابعة القضايا مهما كان حجمها والتي أحياناً تشكل له أعباء كبيرة وردود أفعالٍ مفتعلة ومنظمة من أطراف لا تقبل الآخر ولا تقبل وجهات النظر المختلفة ، لأننا للأسف لم نتعود بعد على الصراحة الوافية والصادقة وعلى المصارحة مع شعبنا وعلى تقديم الصورة كما هي بدون تزيين وبدون رتوش .

هذا الرجل والشهادة للتاريخ هو رجل المهمات الصعبة ويتحمل المسؤوليات بلا تردد ويمتلك من الجرأة التي ربما يملكها آخرون ولكن يبتعدون عن " المتاعب " ولا يرغبون في خوض غمارها والإشكاليات التي تسببها !!

أحمد مجدلاني سياسي ودبلوماسي وقائد وطني ومنظر اجتماعي وحكيم اقتصادي وشخصية ديمقراطية وتقدمية فذة تشكل معادلة حقيقة في الحالة السياسية الفلسطينية ولا يتعامل كأمين عام لحزب سياسي عضو في منظمة التحرير وهذا حقه الطبيعي وواجبه الوطني والتنظيمي اتجاه حزبه ، بل يتصرف كرجل دولة وجزء من منظومة سياسية عليها مسؤوليات مباشرة وعلى كافة المستويات ، وتصريحاته السياسية ومقارباته فيما يتعلق بالقضايا والسياسات الاجتماعية والاقتصادية والهموم العامة هي في صلب مسؤولياته كوزير في الحكومة وقبل ذلك كأحد أعضاء القيادة الفلسطينية ، في الخلية الأولى التي تتحمل المسؤوليات التاريخية اتجاه القضية الوطنية والقضايا كافة المتعلقة بشعبنا ، فإلى من ينصب نفسه قاضياً ويتحدث بالمتاح وغير المتاح ، أقول له كفاك كلاماً لا معنى له .. وكفاك سرابا !!