أزمة وطنيه أكبـر مـن إجتمـاع الأمنـاء العاميـن
تاريخ النشر : 2020-09-28 23:34

 إن الأزمة الوطنية أكبـر مـن إجتمـاع الأمنـاء العاميـن للفصائل الفلسطينية، متسائلا ما الذي تريده فتح وحماس من هذا اللقاء...؟  هل هم جدّيون ...؟  هل فعلا يمكن أن يتوصلا الى إنهاء الانقسام...؟  وكيف...؟ وبأي صيغه...؟ وما هو الثمن الذي سيقدمه كل طرف الى الاخر للوصول الى القواسم المشتركه وتحقيق المصالحه والخروج من توالد الازمات...؟

 من حيث المبدأ ليس من الصواب أن تعترض على أي محاولة فلسطينيه لرأب الصدع في الحالة الفلسطينيه أو أي محاولة لاجتراح حلول ممكنه لأزمة العمل الوطني الفلسطيني, فالشئ الطبيعي بل المطلوب من فصائل العمل الوطني أن توظف كل طاقاتها وسياساتها للنهوض بالحالة الفلسطينية ورفع مكانة القضية الفلسطينيه على كل المستويات محليا وعربيا ودوليا فهذه مسؤوليتها الوطنيه والتاريخيه ومبرر وجودها باعتبارها حركة تحرر وطني, وحيث الاحتلال  لم يزل جاثم على الأرض وعلى الشعب الفلسطيني...

بيد أن عدم الاعتراض لا يمنع من طرح الاسئلة الحائرة والقلقه على أصحاب المبادرة في لم شمل الفصائل وأمناءها العاميين في أقل من أسبوعين من التداول, واستجابتها جميعا على هذا النداء والذي سمي " بالوطني والتاريخي "...  

من هنا يأتي النقد المسؤول  لأجل إزالة كل اسباب الفشل والتراجع لمسيرة لم تزل تتعثر بسبب ضعف الأداء ورخاوة القياده...فالنقد هو ضروره  وطنيه وعلاج لأمراض استوطنت في تجربة المقاومة ومساراتها المختلفه...

أسئله حائره ومشروعه 

من حق المواطن الفلسطيني والعربي أن يتساءل, إذا كان لديكم القدرة والإرادة في جمع هذه الفصائل في أقل من أسبوع , فلماذا لم تبادروا إلى جمعهم قبل هذا التاريخ وقبل هذا اللقاء  فالأزمة عمرها سنوات...!

ألم تحدث أحداث غاية في الخطورة خلال السنوات الماضيه تستدعي مثل هذا اللقاء...؟

وهل تداعيات أوسلو  وما رتبه من مخاطر لم تكن لتستدعي مؤتمرا فلسطينيا للمراجعة والمساءله ومغادرة الأزمه...؟

وهل الانقسام كان أقل خطورة من التطبيع الإماراتي مع الاحتلال الكيان, فلا تشحذ له همم الأمناء العامين وفصائلهم...؟

وهل واقع م.ت.ف الذي لايصر صديق ولا يغيظ عدا لا يمثل مهمازا ودافعا لاعادة التفكير في كيفية بناء الوحدة الوطنيه قبل هذا التاريخ ..؟

وهل صفقة القرن التي مضي على كشف عناوينها ومخاطرها  سنوات, وتبعتها ورشة البحرين بحضور دول عربيه, لم تكن تستدعي المبادرة إلى لم الشمل الفلسطيني وإنهاء حالة التشرذم الفصائلي...؟

وهل الإعلان الامريكي والاسرائيلي عن ضم القدس شرقها وغربها وكلها إلى الكيان بإعتبارها عاصمة أبديه للكيان, لم يكن ليستدعي  المبادرة إلى لقاء وحدوي لتنسيق المواقف ووضع الرؤى والحلول...؟

وهل الإعلان الصريح عن ضم الأغوار وشمال البحر الميت  وضم نسبة 30% من الضفة إلى الكيان لا يستحق تركيز كل الجهد الفلسطيني القيادي لتعزيز الوحدة الوطنيه  لمواجهة هذا التحدي...؟

فما الذي دفع القيادة المتفذة إلى المبادرة إلى عقد هذا اللقاء للأمناء العامين...؟ هل هو الاتفاق الإماراتي الاسرائيلي الامريكي  بالاعتراف وللتطبيع مع الكيان...؟ وهل كان هذا الاتفاق هو ذروة الخطورة الذي استشعرته القياده على الوضع الفلسطيني؟ أم أن ما وراء ألاكمّة ما وراءها ؟ أم أن العفوية والارتجال هما سيد الموقف في أخذ القرار؟

ألم يكن هناك قرار فتحاوي من اللجنة المركزية منذ سنوات بعدم اللقاء والحوار مع حركة حماس باعتبارها غير مؤتمنه على ما  يتفق عليه  وغير معنية بإنهاء الانقسام  وتم اختبارها في كل الاتفاقيات ولم تلتزم بما يتفق عليه ونقضت كل الاتفاقات الثنائية والجماعيه...؟

وهل اللحظة السياسية اليوم هي أكثر اللحظات دون قبلها, وهي المواتية لأجل لم الجهد الفلسطيني وإرساء الوحدة الوطنيه وإنهاء الانقسام البغيض...؟

غياب الإحساس بالزمن..والفصل بين الزمن والحدث

اليوم يقال لنا أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي ..!! ولا أعتقد ان هذا المثل يحتل قدرا كبيرا من الصواب في كل الظروف والأوقات والأحداث .. فقد تحترق الغابة كلها قبل أن يصل فريق المطافئ  متأخرا لسوء الإدارة, فلا يجدي حضوره حينها...!   

وقد تأتي متأخرا ولا تجد ما يمكن معالجته,  أو كما يقال " رايح على الحج والناس مروحه " أي فاتك الحجيج... بل هناك فهم خطير لتصوير أي حضور ولو متأخرا بأنه إيجابي بالمطلق,  فهناك فرق بين أن تأتي متأخرا قليلا أيام وليالي وشهور,  وبين أن تأتي متأخرا  دهوراً, أي بعد مرحلة كاملة من الأحداث والتحولات,  كأن يكون  الخطر حدث  في مرحله, وتأتي متأخرا في مرحلة مختلفة كليا في أحداثها وبيئتها وعظائم أمورها, فهذا ليس مجيء به خيرا, إنما هو الهروب الى الأمام , أو ملئ الفراغ  وتبرأة  للعتب,  وكذلك الحال فهناك فرق بين أن تأتي وأنت خالص النية والمقصد, ولديك رؤية وحلول ومواقف واضحة وصريحه, أو تأتي لتواصل العبث  بالوقت من جديد والمداورة في ذات المكان...!!  وعليه فألاجدى أن تعالج ألامور والمخاطر مبكراً قبل أن يحترق السهل ويستفحل الخطر ويتوالد عنه كوارث ومآسي وتحترق روما....

فهل أدركنا أهمية الوقت وتمثلنا مثلنا القديم " الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك "   ويبدو أن سيف الوقت قد مزق فينا كل شئ , فأتينا متأخرين كثيرا لنعالج أمورنا بعد أن استفحلت المخاطر وتعددت أشكالها وألوانها من اعدائنا واشقاءنا العرب, وبعد أن هرمنا سياسيا وفكريا وجسديا وفقدنا الحيوية حتى تعثر اللسان في الخطاب والكلمات..!

إن الزمن الفلسطيني لم يعطُى قيمته الحقيقيه  من القيادة الفلسطينيه في معادلة الصراع الوجوديه  ولم تعتبره سلاحا  مهما في المواجهه , لعدم إدراك القياد الفلسطينيه مدى أهمية وقيمة الوقت والفرص التاريخيه التي يمكن أن تتوفر أثناء العملية الصراعيه,  فالسباق على استثمار الزمن بالانجازات يعد أحد أهم مقاييس التقييم للقيادات الوطنيه والثوريه , فالوقت له قيمته في الحروب والصراعات  وقد يكون أغلى وأثمن من أدوات القتال والسلاح ,  وأثمن من الدبلوماسية والحركة السياسيه, لأن الزمن ليس ملكك وحدك, فالعدو أيضا يملكه, ويدور الصراع عليه أيضا,  وإلا فما معنى السباق  الاستراتيجي...؟ ولكن الفرق بينك وبين عدوك, هو فنّ التعامل مع الزمن وإدارته تكتيكيا واستراتيجيا, فالزمن له وظيفة  تاريخيه " تشريع الواقع "  قبل خصمك  وتحويله إلى حقائق على الأرض, كما له وظيفة حرمان العدو من تركيم قوته العسكريه والسياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه, وعدم إعطائه الفرصه الزمنيه لممارسة استراتيجيته وتكتيكه...

وعليه فالوقت المهدور على مدار عقود, أضعف من طاقة الشعب الفلسطيني وعقّد معادلة الصراع أكثر مما هي عليها تعقيدا,  ودفع الشعب الفلسطيني أثمان غالية ونالت من مكانة قضيته الوطنيه...؟ ألم تعطِ سياسة الانتظار والاستهانة بالوقت وهدره بالأوهام فرصة لأكثر من طرف أن يحقق خياراته على حساب القضية الفلسطينية...؟  ألم ينتصر علينا العدو باستثماره للوقت ببراعة واقتدار,  وأتيح له  أن يحقق أهدافه ويمارس سياساته بأريحية بالغه على كل ألاصعده السياسيه والامنيه والاستيطان والمصادره وتوسيع تحالفاته عربيا ودوليا, ويخترق الحالة العربيه الرسميه ومحاولا اختراق الجبهة الثقافيه والرأي العام العربي...؟

إن إهدار الوقت يتجسد في الأوهام  والسياسة الانتظاريه والتسوّل على أبواب القوى العظمى والصغرى لنيل الفتات من حقوق مضاعه, كما تجسد في خيار أوسلو وملئه سبعة وعشرون عاما من الزمن الفلسطيني دون طائل,  فمع كل خطوة أو محطة أو اتفاق في مسار أوسلو كان بالمقابل يحدث هبوط في الحالة الفسطينيه وفي الحالة العربيه,  ففي الحالة الفلسطينيه زاد الاستيطان مرّات ومرّات وتغوّل الاحتلال في مطاردة كل مقاوم واعتقال أي مواطن حتى داخل المقاطعه,  وأعلن الاحتلال عن ضم القدس الموحدة عاصمة له,  وأعلن عن نيته عن ضمّ أجزاء من الضفة الفلسطينيه, وحوّل أوسلو إلى أرباح صافيه لكيانه, ولم يتحقق الحلم الأوسلوي بقيام دولة فلسطينيه وعاصمتها القدس,  وفي الحالة العربيه بعد أوسلو كان التسارع العربي وبالتدرّج نحو الهبوط,  فكانت اتفاقية وادي عربه, وكانت ما يسمى مبادرة السلام العربيه منذ ثمانية عشر عاما التي لم يعترف بها الاحتلال, وكان التطبيع السري والعلني مع دولة الاحتلال على كل الأصعدة إلى أن وصلنا إلى الاتفاق الإماراتي الاسرائيلي الامريكي الذي صحونا على وقعه السياسي والأمني والاقتصادي..!!

ومن نافل القول أن الكيان الاسرائيلي ليس وحده الذي أستثمر الزمن الفلسطيني لصالحه, فالإدارات الأمريكيه قد استثمرت الوقت الفلسطيني بأبشع السياسات, عبر وقوفها المطلق مع الاحتلال وعدم ممارسة أي ضغط على الكيان, وأخيراً الإعلان الأمريكي بالاعتراف بأن القدس الموحده عاصمة الكيان الصهيوني,  وتقديم صفقة القرن كحلّ تاريخي للقضية الفلسطينيه, وتشجيع الكيان على ضم اكبر اراضي من الضفة الى الكيان, وهذا فيض من غيض من اثمان اوسلو الي استولت على الزمن الفلسطيني وبعثرته هبابا وأوهاما وأضعفت الارادة الفلسطينيه وعبثت في اليقينية الفلسطينيه...

غياب التحضير والمراجعة والمساءلة وفقدان الرؤية...

 أولاً:  أما وقد التأم شمل الفصائل وحضر الأمناء العامون, بعد دهر من الزمن الضائع, هل أعطى هذا اللقاء ثماره المعلنة وحقق أهدافه الموعودة, واقتربت لحظة اليقظة الوطنيه , وأسدل الستار على زمن ولّى من الضياع ..؟   مما لا شك أن العنوان والشكل والإخراج  أحيانا كثيره تعطي الدلالات على جدية اللقاءات والمخرجات, فمنذ اللحظة الاولى كانت الكهولة هي الطاغية على المشهد , حيث خلا اللقاء "الفيديو كونفرنس"  كلياً من الشباب أو الجيل الجديد الذي يمثل عصب المستقبل وروح التجديد, والطاقة الفاعله والمتوثبه في خضم الصعوبات والأزمات,  وكانت سنوات الدهور السبعينيه والثمانينيه تخط علاماتها على وجوه الأمناء العامين ورئيسهم الذي يدير اللقاء... فبدا المشهد سرياليا كهوليا ينتمي إلى مرحلة هرمه, الشباب منها براء, فهي ليست من صنيعهم...

ثانيا: غياب  الاستعداد والتحضير...لم يكن هناك تحضير سياسي أو تنظيمي او فكري, حيث لم يسبق اللقاء حواراً حول أهدافه ومراميه والرؤى التي يجب أن يتمخض عنها,  وبالتالي خلا اللقاء من ورقة عمل يجري النقاش أو الحوار عليها, فلا أحد من الحضور كان يملك ورقة أو خطة أو رؤية مطروحة للحوار,  وبدت أن كلمة الرئيس هي الرؤيه والورقه, ومع ذلك لم يجري تفحصها ودراستها أو معارضتها,  بيد أن كل واحد من ألامناء العامين كان قادما ليلقي خطابا أمام الكاميرا الفضائيه ولا يلامس جوهر معنى وهدف اللقاء, وبدا اللقاء بروتوكوليا ليس به مسحة المراجعة الوطنيه لمرحلة طويله من النكسات والتراجعات, كما غلبت على الكلمات الجمل ذاتها, والمجاملات للسيد الرئيس ولرؤيته, والشعارات المحفوظة عن ظهر قلب...

ثالثاً: خلا اللقاء وكلمات المتحدثين من أي جرعة للنقد الوطني والسياسي  لمسار التجربة الماضيه, كما لو أن لسان الجميع يقول لقد عفونا عما مضى..!  ولم نسمع كلمة واحده تطالب  بالمراجعة وبالمحاسبه عما آلت اليه الأمور اليوم, ولم يطالب أي متحدث عبر السؤال من المسؤول عن كل موبقات المرحله من أوسلو إلى الانقسام الى الأزمة الوطنية العامه...؟ ولم يمتلكوا جرأة تسمية المسؤول او المسؤولين عن الأزمة في كل عناوينها, فهل اوسلو كانت يتيمه لم يكن لها أب يرعاها...؟  وهل الانقسام لم يكن له أب يرعاه ويتمسك به...؟  لماذا كل هذا التجهيل للفاعل والمسؤول ما دام كل متحدث له حرية الكلام أمام الفضاء وأمام الرأي العام الفلسطيني...؟ ولماذا لم يطالب أي متحدث  من قيادة (م.ت.ف) والسلطتين  بالاعتذار للشعب الفلسطيني عما آلت إليه الأزمات الوطنيه...؟  ومطالبتهما بالاعتراف العلني والصريح بالأخطاء التاريخيه التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنيه...؟

رابعاً:  وفي إطار التطرق الى (م.ت.ف) خلا خطاب المتحدثين من كيفية "إعادة بناء المنظمه وتفعيلها"  إلا مرورا بالعام ,  تلك العبارة التي تقادمت على مدار اربعون عاما وتحولت الى لأزمة سياسيه في الخطاب محفوظة عن ظهر قلب , و تجاهلوا سؤال أين يكمن الخلل في بناء المنظمة, هل في بناءها السياسي, أم في بناءها التنظيمي, أم في كوتة الفصائل في مؤسساتها التي تم استساخ بعضها للاستقواء بها علي الفرقاء الآخرين, أم في غياب الديمقراطية في مؤسساتها وطغيان الفرديه والأوامريه في اخذ وتطبيق القرارات,  أم في فساد مؤسساتها الاداريه والماليه, وبعدها عن ميدان الثوره أو التحرير, أم في الصندوق القومي الذي يتحكم به الرئيس وحده ولا شأن لأعضاء اللجنة التنفيذيه به ويخضع في قراراته وأنظمته الداخليه للشخصانيه والمزاجيه , ويفتقر الى المسائلة والمراقبه والمحاسبة وتقديم التقارير الماليه والمحاسبيه الدوريه...؟

ولم يتطرق المتحدثون الى الهدر المالي من وراء موازنات السفارات الفلسطينية في الخارج والممثليات لـ (م.ت.ف)   وهل نحن بحاجة الى كل هذه السفارات والممثليات, وهل يقوم السفراء والموظفين في الخارج بدور المناضلين والدعاويين الوطنيين لمصلحة القضيه أم تحولوا الى موظفين مدنيين لهم رواتبهم ويمارسون التجارة ويمعنون احيانا كثيره في الاساءة الى القضيه, ويرتبط الكثير منهم بالدول التي يكونون سفراء بها...هل فكر الأمناء العامون كيف يمكن بناء الدوبلوماسية الفلسطسنيه من جديد لتكون سلاحا آخر في الخارج يواجه الاحتلال والكيان, هل فكر الأمناء العامون كيف يمكن توحيد الجاليات الفلسطينية, وإنهاء انقسامها وتبعثرها وفق رؤية وحدويه لتكون رديفا للدبلوماسية الفلسطينية بالخارج...؟

يبدو أن الكاميرا قد افقدتهم التركيز أو أن الطبع غلب التطبّع, فالخطاب الانشائي هو أسهل الكلام والظهور بمظهر القائد الخطيب, فتاهت الأفكار أو فقدت من كثرة الاطراء والمجاملات والتحيات...!!

خامساً:  كان واضحاً أن من هندسوا اللقاء "القيادة الفتحاويه والحمساويه" يريدون من هذا اللقاء ألا يتجاوز حدود الخطابات والإثناء على اللقاء بحد ذاته, لذلك سمى البعض هذا اللقاء بالتاريخي قبل أن يبدأ, وقبل أن تظهر نتائجه وبيانه الختامي, والتأكيد بأن مجرد اللقاء كان نصرا وإنجازا عظيما..!  أي تعظيم الشكلانية على الجوهر...في حين كان المطلوب  لو كان هناك  جدية في النية والمقصد لإستمرّ هذا هذا اللقاء في جلسات مغلقة لأكثر من يوم تطرح خلالها الخيارات والاقتراحات التي تجيب على أسئلة الازمة الوطنيه, وأن يتم الاتفاق  على المخارج الوطنيه لأزمة استفحلت وتوطنت أكثر من اللازم, لا أن يحال الموضوع الى لجان ولجان يتبرأ بعد فترة منها ومن اقتراحاتها فصائل وزعماء فصائل, ولكن في السياسه والعادة أن تكون للجان وظيفة الإفشال...

سادسا:  لذلك ليس مستهجنا أو غريبا أن يكون البيان الختامي معدّ سلفاً من الثنائية الفتحاويه الحمساويه, ويتلى على الأمناء العامين, دون أن يعترض أحداً منهم على فحواه أو طريقة صياغته من دون علم الآخرين ...وينتهي اللقاء ويسدل الستار على فصل من فصول تجارب الحوار الوطني دون الوصول الى نتائج ملموسة وفعليه, وتحال الأمور إلى لجان سوف يتم تشكيلها لمواصلة اللقاء المحمود...!!

صحوة أم توزيع النفوذ وتقاسم الشرعية...

يبقى السؤال ما الذي تريده  إذن فتح وحماس من هذا اللقاء...؟  هل هم جدّيون ...؟  هل فعلا يمكن أن يتوصلا الى إنهاء الانقسام...؟  وكيف...؟ وبأي صيغه...؟ وما هو الثمن الذي سيقدمه كل طرف الى الاخر للوصول الى القواسم المشتركه وتحقيق المصالحه والخروج من توالد الازمات...؟

إن المصالحة أمامها جبل كامل من العناوين والعقبات , ليس من الميسور التغلب عليها لمجرد لقاء أو اكثر شبيه بكونفرنس رام وبيروت , وبادئ ذي بدء فما زال هناك عدم تعريف لطبيعة الأزمة بين الطرفين, ولا يملكان استراتيجية واحده للعمل السياسي او المقاوم, فكل له طريقه وخياره, ولعل السؤال والأهم هل يمكن لأحد الطرفين أن يتخلا عن سلطته...؟  يقينا أن هذا من الصعوبة بمكان  فالسلطة هي الضمان الأكبر لوجودية فتح أو حماس, والتجربة علّمتهما أنهما بدون السلطة لا يستطيعان  ممارسة القيادة أو اكتساب الشرعيه, لذلك التخلي عن السلطة أمر غير وارد من أي طرف...!

إزاء هذا الانغلاق ما العمل...؟ ولماذا إذن هذا اللقاء والتبشير برؤية استراتيجيه بين الطرفين والمغازلات وتطرية الأمور والحوارات بين الطرفين...؟

بعد أن  استشعر الفريقين أن حالة الانقسام قد أفقدت شعبيتهما أمام الرأي العام الفلسطيني والذي لم يزل جزء كبير منه يطعن في شرعيتهما بسبب الانقسام والأداء السياسي والاجتماعي والأمني الذي يؤشر على مستوى  معين من التفرد والفساد ورداءة الاداء, حيث لم يسبق في التاريخ الفلسطيني أن فقدت قيادة فلسطينيه ثقة الرأي العام الفلسطيني والعربي  كما فقدتها اليوم هذه القياده المتربعه  بهذه النسبة أو تلك,  كما إستشعرت السلطتين أن العالم يتحلل من مسؤولياته تجاه القضية الفلسطينيه بحجة الانقسام ويحملهما المسؤوليه في الوصول الى حلول وتسويات , كما تلمّست السلطتين أن هناك رأيا عاما فلسطينيا يتبلور ويجمع على أن الانقسام  وفّر وأعطى الإدارة الأمريكيه فرصة إطلاق  صفقة القرن وما تبعها من إنهيار عربي وتطبيعي, هذا الاستشعار دفع الفريقين كي يفكرا بتحقيق اختراق شكلي لأزمة الانقسام والشرعيه عبر تقاسم الشرعيه وتبادل الاعتراف بشرعية كل طرف, وتوزيع المسؤوليات, والظهوربمظهر السلطة الواحده  أمام الرأي الفلسطيني والعربي والدولي ولكن في الجوهر سلطتين,  وكل سلطه تعرف حدودها المرسومة لها ...!

لذلك جاء الكونفرنس الفتحاوي الحمساوي بين العاروري و جبريل الرجوب اولاً ثم  جاء لقاء رام الله بيروت ثانياً,  وحتما سيعقب ذلك لقاءات ثالثه ورابعه, مضمونها الوصول إلى قواسم مشتركة يتوزع فيها النفوذ والشرعيه ويحقق كل فريق قدراً من شروطه وأهدافه دون التخلي عن معادلة السلطتين في الجوهر... ولكن بتوافق ومعادلة جديده في السياسة وفي الميدان  وفي تشكيل حكومه وفي العنوان الاقتصادي والمالي والرواتب... وأما المقاومة سيتم غض النظر عنها لأنها من أعقد المسائل, أو يجري الاتفاق على بقائها وتجميدها ووضعها في براد تحت درجة حراره لا تحدث انفجارا أو حربا ما لم يسعَ الاحتلال إلى إشعالها استجابة لأجنداته الداخليه... وفي هذه الحال تضمن حماس بقائها كسلطة في غزه بسلاحها وقوتها العسكريه , كما تستطيع فتح  أن تضمن بقائها كسلطة في الضفة بقوتها الأمنيه والماليه وعلاقاتها التحالفية الدوليه, أي سلطتين عمليتين بروحية سلطه واحده...ويا دار ما دخلك شر...!

عقدة منظمة التحرير واستعصاء حلّها بين الطرفين...

أما بشأن (م.ت.ف) سيبقى الطرفين في حوار متقطع, ولن يتوقف الجدل  أو المحاولات حول كيفية دخول حماس الى المنظمة وطرح الشروط ونسب التمثيل في المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذيه والمؤسسات المختلفه وكيفية إعادة بناءها وتفعيلها بناءً على إتفاقات سابقه مكرره لم تلامس في أي يوم الجدّيه والمسؤوليه,  فانضمام حماس أو الجهاد الإسلامي الى منظمة التحرير ربما يكون من أعقد المسائل التي تحتاج الى حل,  ليس بسبب شروط التمثيل والنسب فحسب, ولكن بسبب إستحقاق الانطواء والانضمام الى المنظمه السياسي والالتزام ببرنامجها وخطها السياسي والتاكتيكي الأمر الذي يمحو الفروقات البرنامجيه السياسيه ومفهوم المقاومه بين حماس والمنظمه ولو شكلانياً واعلامياً من ناحيه,  ومن ناحيه ثانيه فإن انضمام حماس الى المنظمة سيحرج حركة فتح وفصائل المنظمة ذات الخط التسووي ويحرمها من ممارسة التاكتيك السياسي ويحدّ من حركة المنظمه سياسيا, كما أن أمريكا التي تضع حماس على قوائم الارهاب سيكون لها موقف ممانع ومعرقل وقد يؤثر على حركة فتح السياسيه وعلاقاتها التحالفيه,  وهذا ما يجعل حركة فتح تحسب الف حساب لهذه اللحظة ربما الغير مواتيه مالم تقبل حماس والجهاد بكل برنامج م.ت.ف الموغل في التسوية السياسيه وأوسلو واستراتيجية الارض مقابل السلام ,   وعليه فمن الصعوبة بمكان الوصول الى تصوّر مشترك واقعي حول إنطواء حماس او الجهاد في منظمة التحرير بسبب المعوقات سابقة الذكر, ولكنهما سيلجئان الى الحلقة الاسهل والعمل على كسرها عبر  تقاسم السلطة الفلسطينيه  وكيفية تشكيل الحكومه  , وعبر العمل والبحث على أفضل الآليات العمليه والسياسيه لإجراء انتخابات يرلمانيه في الضفة والقطاع , فالفريقين حريصان على أن يستعيدا وزنهم البرلماني عبر الانتخابات ولكنهما يخشيان الخساره, مع الفارق أن حماس لديها  قدر من الثقة والاستعداد لدخول معترك الانتخابات والفوز بالأغلبيه البرلمانيه لذلك نجدها مهادنه وتستجيب لدعوات الانتخابات ولا تمانعها, وأما  حركة فتح لديها  قلق وخشية من تكرار انتخابات 2006 وخسارتها الاغلبيه البرلمانيه,  لذلك نجدها تناور ولا تستعجل قبل الدراسة الوافيه لكل الاحتمالات , فضلا عن  تباين المواقف الفتحاويه  الداخليه في الرؤية لمسألة الانتخابات.ومآلاتها .........

مـــــا العمـــــل ...

اولا: مغادرة نهج التسوية السياسيه في ضؤ تجربة القيادة الفلسطينيه على مدار عمر الثورة الفلسطينيه دون تحقيق أياً من برامج التسويه بدءً من الحل المرحلي إنتهاءً بأوسلو والأرض مقابل السلام وكل التوافقات  الفلسطينيه الاسرائيليه والدوليه حتى اليوم...

 ثانيا:  وضع استراتيجيه فلسطينيه جديده للنضال الوطني الفلسطيني تستند إلى إحياء الميثاق الوطني الفلسطيني, الأمر الذي يستوجب إلغاء اتفاق أوسلو صراحة ودون مداوره وعدم الاكتفاء بمنطق  " أن أوسلو مات وقد شبع موتا " , فإذا قد مات فليدفن ويشيع فلسطينيا وعربيا ودوليا , وليعرف الكيان أن الشعب الفلسطيني لم يزل يطالب بكامل حقوقه في أرضه وأن معادلة الصراع قد تغيرت ....

ثالثا: وضع رؤيه جدّيه لبناء (م.ت.ف) على أسس سياسيه وطنيه وديموقراطيه, مما يستدعي المباشرة في الإعداد لمجلس وطني جديد يعقد في الخارج بعيدا عن سلطة الاحتلال, ووضع الآليات  التنظيميه والديموقراطيه المناسبه  لعملية الإحياء والتجديد, وفي هذا السياق يجري العمل على تثوير مؤسسات (م.ن.ف) المختلفه, وتحويل كادرها وأعضاءها إلى مناضلين لا موظفين بيروقراطيين ينتظرون راتب آخر الشهر ..

رابعا: البدء فورا  في توحيد الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده, واعتبار شتاته وتجمعاته عناصر قوّة وليست عناصر ضعف, وتحت راية (م.ت.ف) كممثل وحيد للشعب الفلسطيني, والعمل فورا على إنهاء الانقسام الفلسطيني دون تأخير وسحب قميص عثمان من منطق وحجج العرب والغرب الذي يحمل الانقسام مسؤولية فشل الحلول والتسويات...

خامسا: إحياء دور ووظيفة الشتات الفلسطيني في كافة تجمعاته في دول العالم والعمل على تأطيره في مؤسسات (م.ت.ف), والعمل على تحمّل مسؤوليتها تجاهه ورعاية شؤونه السياسيه والاجتماعيه وفق رؤية استراتيجيه ترى أهمية دور الشتات في العمليه الصراعيه...

سادسا: وضع رؤية سياسيه موحده لكيفيه دعم وإسناد نضالات شعبنا الفلسطيني في (مناطق 48) وفق ظروفهم الملموسه, والعمل على توحيد جهودهم ونضالاتهم السياسيه والشعبيه واحترام خياراتهم في تحديد أشكال النضال المناسبه في مواجهة الاحتلال...

سابعا: وضع رؤية سياسيه وشعبيه وإعلاميه وكفاحيه لإسناد الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال واعتبارهم قوة سياسيه ومعنويه وإعلاميه يمكن استثمارها باتجاهين لمصلحة الأسرى من جهة, ومصلحة النضال الوطني الفلسطيني من جهة أخرى, والعمل على تصديع العالم وإعلامه ومؤسساته الإنسانيه والاجتماعيه بظروف ومعاناة الأسرى وكشف المحتوى العنصري والنازي للاحتلال الصهيوني...

ثامنا: وضع رؤية نضاليه شعبيه وكفاحيه وفق الظروف  الملموسه والممكنه التي تحكمها طبيعة المرحلة المعاشة  في كل تجمعات شعبنا الفلسطيني,  أي توظيف طاقات شعبنا الفلسطيني في كل مكان, دون تصعيب وتهويل صعوبة المرحله وفقدان الإراده...

تاسعا: رؤية الصعوبات والاستعصاءات السياسيه والكفاحيه والنضالات الشعبيه , والصعوبات الاجتماعيه والاقتصاديه على أنها مرحليه وظرفيه والمجتمع يستطيع أن يتكيف مع هذه الصعوبات ويرمم نفسه في حال كانت القياده جزءً منه في المعاناة والمكابده والتضحيات...

عاشرا: النظر الى رؤية الانهيار العربي والاعتراف بالكيان أو التطبيع معه ليست نهاية المطاف, وهذا لا يجب أن يرتب على الفلسطيني ما رتبته الأنظمة العربية الرسميه على نفسها, كما يجب النظر إلى هذا الانهيارعلى أنه ليس إلا مرحلة أو أقل من مرحله وستعود الأمور الى أصلها في رؤية الكيان كمحتل وغاصب ومهدد لكل الأمة العربيه...

حادي عشر:  النظر الى كل الاتفاقيات التي تمت مع الاحتلال من كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربه والاعتراف الخليجي اليوم بالكيان على أنها  ظرفيه وصعوبات في طريق النضال الوطني الفلسطيني ولكنها لم تكن يوما مانعة لكفاح الشعب الفلسطيني, والدليل أن انتفاضات الشعب الفلسطيني حدثت في ظل الانهيار العربي واتفاقياته...