فتح واستعدادها وطريقه اختيار مرشحيها للانتخابات القادمة
تاريخ النشر : 2020-09-26 23:00

في ظل اعلان الرئيس محمود عباس في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الاستعداد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بمشاركة كل القوى والفصائل لإسقاط محاولات شطب الشعب الفلسطيني، والحديث عن حالة التوافق بين حركتي فتح وحماس على اجراء الانتخابات وفقاً لنظام التمثيل النسبي الكامل كمخرج أساسي لإنهاء الانقسام وتوحيد شطري الوطن والقبول بنتائج الانتخابات وتسليم السلطة بشكل سلمي لمن يفوز بالانتخابات، يبقي السؤال هل حركة فتح جاهزة داخلياً للانتخابات حتى لا تتكرر مأساة 2006 بعد خسارتها في الانتخابات التشريعية؟ وهل الوضع الداخلي للأطر التنظيمية للحركة يطمئن بأنه وضعا عظيما؟ وهل يبقي الرهان على استياء مناصري الحركة وجماهيرها في غزة من حركة حماس والتخلص من حكمها خاصة بعد زيادة معاناتهم وانتقاص حقوقهم الوظيفية وعدم الالتفات لهم على كافة الصعد تنظيميا وسياسيا واقتصاديا من حكومة رام الله؟ وهل من يراهن بأن فتح حركة تاريخية وعملاقة سترتب أمورها سريعاً قادرا على تجاوز تلك المرحلة دون خسارة؟ وهل من يراهن أنه لا صعوبة في اختيار الحركة مرشحيها للمجلس التشريعي خاصة بعد النضج التنظيمي في الهياكل وحالة الالتزام والانضباط بقرارات الحركة في عالم الواقع أم الخيال؟ ويبقي السؤال الأكبر والأهم طريقة اختيار الحركة مرشحيها للانتخابات القادمة؟ كلها تساؤلات مشروعة وهنا سوف اغوص بالحديث عن التساؤل الأخير وهو طريقة اختيار الحركة لمرشحيها في الانتخابات القادمة، وهذا الأمر ينقلنا إلى سياسة التوازن الحديثة التي تتبعها الأحزاب السياسية في العديد من الدول في طريقة انتقاء مرشحيها بطرق مختلفة ومتعددة، وغالبا هناك مفهومين في مسألة انتقاء المرشحين من قبل الأحزاب السياسية، المفهوم الأول يعتمد على المستوى المركزي لقيادة الحزب باتخاذ القرار إما بشكل ديكتاتوري في اختيار المرشحين دون الرجوع للهيئات القيادية الأدنى للحزب، أو بشكل ديمقراطي بالرجوع الى الهيئات القيادية أدني المستويات لتقرر حول انتقاء المرشحين وافساح المجال للقيادة المركزية بالقبول او الاعتراض، فالممارسة الأكثر شيوعاً في هذا المجال تقع بين هذين الطرفين للمعادلة لإيجاد حالة التوازن المطلوبة في عملية الانتقاء بما يتماشى مع مصلحة الحزب، وقد تتأثر الهيئات القيادية الأدنى بتشجيع وتوصيات اللجان المركزية أو الالتزام والارغام على ترشيح شخص ما مقرب للقيادة المركزية، بينما المفهوم الثاني يقوم على مشاركة كافة المستويات القيادية الحزبية والعادية، حيث تتمثل في قيام الأعضاء العاديين للحزب بانتقاء المرشحين بشكل نهائي ودون أي تدخل أو مشاركة من قبل القيادة المركزية للحزب، وتسمى هذه الطريقة "البرايمريز" بإجراء انتخابات أولية يقوم الحزب نفسه بتنظيمها وتنفيذها لانتخاب مرشح أو مرشحي الحزب من خلال التصويت المباشر، والفائز يدرج أسمة في قائمة الحزب، أو الانتخابات غير المباشرة حيث تقوم هيئات الحزب في المستويات الأدنى بانتقاء وإرسال ممثلين عنها إلى المؤتمر الوطني للحزب لاختيار وانتقاء مرشحين الحزب.

وعلى أية حال، في هذه المفاهيم عادة ما تختلط جملة من الاعتبارات الشخصية وغيرها داخل الأحزاب السياسية، الأمر الذي يجعل من الصعب الوصول إلى استنتاجات قاطعة ترضي الجميع حتى وإن وجدت اللوائح والقوانين التي تنص فيها على طريقة انتقاء ضمن معايير محددة، فقد يصعب تحديد ما إذا كان القانون يحدد طريقة الانتقاء أو أن ذلك لا يعدو كونه مرآة تعكس ما يحصل على أرض الواقع.

باعتقادي هناك تساؤلا كثيرة تطرح نفسها أمام قيادة الحركة لترتيب أمورها استعدادا لخوض الانتخابات والفوز بها فالهزيمة ستكون كارثية على المشروع الوطني برمته وعلى الخارطة السياسية في المنطقة، لذا على حركة فتح اختيار مرشحيها في المجلس التشريعي القادم بدقة وعناية فائقة من خيرة أبناء فتح وكوادرها المؤهلين فكرياً وعلمياً وأكاديمياً وبطريقة ديمقراطية قائمة على التوازن وتجنب أخطاء المرحلة السابقة واستخلاص العبر، إما أن تكون فتح قوية بمرشحيها أو أن لا تكون، فمن جد وجد ومن زرع حصد.