إستبعاد قطاع غزة من أموال صندوق "وقفة غز".. تمييز عنصري لـ"أبناء العز"
تاريخ النشر : 2020-09-20 23:00

غزة - سارة خلة: لا يزال أثر الانقسام واضحًا بين الضفة الغربية وقطاع غزة، رغم الاجتماعات والخطابات الرنانة التي يزعمها سياسيو الوطن؛ حول الحديث عن رؤية وطينة موحدة.

قطاع غزة يعيش حالة فريدة من ظلم وقهر الانقسام، إلى جانب الحصار الإسرائيلي المستمر، الى جانب كل الأزمات التي يعانيها، وفيروس "كورونا" أحكم قبضته هذه، ليقف الجميع عاجزًا أمام الإغلاق العام والإجراءات الوقائية "متضرري كورونا".

انقسام الوباء

يوم الأحد، يعلن المتحدث باسم وزارة العمل في رام الله، رامي مهداوي، أن غزة غير مستفيدة من الدفعات المالية التي ستصرف لـ68 ألف عامل نهاية الشهر الحالي، بواقع 700 شيكل لكل عامل، لافتًا، إن المبلغ لا يشمل عمال المحافظات الجنوبية.

وبعد قرار استثناء غزة، ظهرت ردات فعل مستنكرة ومستهجنة، ودعوات بالتراجع عنه.

حماس - تهميشًا واضحًا

ويقول وكيل وزارة عمل حماس بغزة موسى السماك، بأن هناك تهميشًا واضحًا لغزة في جميع المشاريع التي تتبناها وزارة العمل بالضفة، وتأكيدا لثقافة الانقسام.

ويضيف، إنه لا علاقة لوزارة غزة بما يصدر عن وزارة العمل بالضفة حول صرف منح لنحو 68 ألف عامل عاطل عن العمل، بواقع 700 شيكل لكل مستفيد.

ويتابع: "غزة ليس لها أي نصيب من هذه المساعدات للأسف، ونأمل أن يكون ذلك غير دقيق".

ويوضح السماك، أنه ليس لدى الوزارة غزة (حماس)، أي معلومات حول المشاريع التي أعلنت عنها وزارة العمل بالضفة حول دعم 100 منشأة صغيرة نصيب غزة منها 25 منشأة، بواقع 5 ألاف دولار تكلفة كل واحدة.

ويشير إلى أنه لا يوجد أي تواصل بين الوزارتين في غزة والضفة، وتتم متابعة الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

سياسة تمييز عنصري

وبدوره، أعرب عضو الهيئة العامة لنقابة العاملين في المطابع والإعلام، خالد أبو شرخ، عن استهجانه لتصريح الناطق باسم وزارة العمل برام الله، بأن عمال غزة لن يشملهم التعويضات التي ستصرف من صندوق وقفة عز والذي تم انشاؤه لمساعدة العمال المتضررين من كورونا.

ويؤكد أبو شرخ، أن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين مساهم في صندوق "وقفة عز" من الاموال التي كان يحصلها من رسوم الاشتراكات، وغيره تحت بند بدل خدمات ناهيك عن المشاريع التي تقدم من الدول المانحة لغزة والضفة ويستثنى منها عمال غزة، مشيرًا إلى أن تمويل هذه الدفعة من البنك الدولي لعدد 68000 عامل.

ويطالب أبو شرخ، وزارة العمل بتوضيح موقفها من تصريحات مهداوي، محملًا حكومة اشتية مسؤولياتها تجاه أبناء وعمال غزة، معلقًا: "إذا كانت تعتبر نفسها حكومة وطن وشعب واحد".

ويدعو أبو شرخ، إلى وقف سياسة التمييز العنصري ما بين الضفة وغزة في كافة المناحي، مشدداً لن نتخلى عن عمالنا والدفاع عنهم والمطالبة بحقوقهم.

وقال:" إن لم نجد اذان صاغية سنضطر لخوض احتجاج نضالي عمالي ضد حكومة اشتية، بكل مكوناتها".

الأموال ذهبت لـ "أبناء العز"

ومن ناحيته، يصف رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة، سامي العمصي، عزم وزارة العمل والسلطة الفلسطينية برام الله على استثناء عمال قطاع غزة من مساعدات صندوق "وقفة عز" للدفعة المالية التي ستصرفها الشهر الجاري تمييزًا عنصريًا.

ويقول العمصي في تصريح صحفي، وصل "أمد للإعلام نسخة عنه، إن إعلان وزارة العمل برام الله عن أن عمال غزة غير مشمولين بدفعة المساعدات القادمة، والتي سيستفيد منها 68 ألف عامل نهاية الشهر الجاري بواقع 700 شيكل لكل عامل، يدلل على عدم تحمل المسؤولية، وأن أموال الصندوق ذهبت لمساعدة "أبناء العز" وليس للمحتاجين والعمال الذين جلسوا في بيوتهم بسبب جائحة كورونا، وأغلقوا محلاتهم، وتوقف دخلهم.

ويضيف: "كنا نتوقع من وزارة العمل أن تخصص كل الدفعة المالية لعمال غزة هذا الشهر، نظرا لحجم الأوضاع المعيشية الصعبة لهؤلاء العمال وعدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية، وفقدانهم أعمالهم، في ظل تعطل الحركة وتوقف عمل 95% من مصانع القطاع".

ويستدرك: "لكن أبت الوزارة إلا أن تدير ظهرها مرة أخرى، وكأن غزة منفصلة عن باقي المدن الفلسطينية".

ويردف: إن" السلطة الفلسطينية وكما هو واضح تستخدم اسم غزة وعمالها فقط في عملية جمع التبرعات، التي تصل باسم الشعب الفلسطيني، ولكن تستثني غزة من عملية التنفيذ على الأرض".

ويشدد العمصي، على أن عمال غزة في أمس الحاجة إلى إغاثة طارئة، وتخصيص صندوق وقفة عز لهم خلال الفترة القادمة، مطالبا بفتح تحقيق مستقل في عملية توزيع المساعدات ضمن الصندوق، وآلية صرفها وهوية المستفيدين.

ويبين أن جائحة كورونا خلقت واقعا كارثيا، في ظل تعطل ربع مليون عامل قبل الجائحة، وتضرر أكثر من 160 ألف عامل بصورة مباشرة، بمعدل خسارة بلغت أكثر من 32 مليون دولار، وهو ما يحتاج إلى تدخلات عاجلة وطارئة، "لكن السلطة ووزارة العمل لا زالت غائبة عن المشهد".

ويردف نقيب العمال، إن" شريحة العمال استبشرت خيرا مع اجتماع "الأمناء العامون للفصائل"، وحدوث حراك الوحدة، لكن للأسف وفي كل مرة تدير وزارة العمل برام الله ظهرها لعمال غزة".

ولفت إلى أن هذه ليست سياسة جديدة تمارسها الوزارة، بل مارست التهميش والإقصاء ضد عمال غزة، بعد حدوث اتفاق المصالحة عام 2017م، إذ لم تشغل الوزارة أي عامل بعد توقيع الاتفاق، ولم تنفذ أي من برامج التشغيل المؤقت.

ويضيف نقيب العمال أن هذه المساعدات التي جمعت باسم "العمال"، توزع منذ بداية صرفها في مايو القادم وفق اعتبارات تنظيمية عبر مرجعيات وأقاليم حركة فتح، وأن نسبة العمال المستفيدين منها في غزة لم تتجاوز 5 آلاف عامل في كل الدفعات، في حين بلغ معدل المستفيدين منها بالضفة الغربية في كل دفعة نحو 40 ألف شخص، وأن هذه الأسماء وزرعت على اعتبارات تنظيمية من خلال أقاليم فتح وحرم العمال منها كذلك.

ويبين أن حجم أعداد المستفيدين بين غزة والضفة، يظهر حجم التهميش والتمييز والإقصاء لعمال غزة، وحرمانهم من حقوقهم المالية التي وصلت باسم "العمال".

ويشير إلى أن الصندوق الذي جمع 60 مليون شيكل (نحو 17 مليون دولار)، مارس التمييز في توزيع الأموال بين عمال الضفة الغربية وعمال قطاع غزة، مبينا أن خزينة الصندوق تغزى بشكل مستمر بمبالغ مشابهة من متبرعين ورجال أعمال ومؤسسات فلسطينية عديدة.

كاريكاتير عمال الضفة - غزة

ومن جهته، رسم الفنان حنفي أبو سعدة كاريكاتير يجسد الحالة التي عبر عنها قرار  وزير العمل ضد عمال غزة، بإستثناء قطاع غزة من أموال صندوق وقفة عز.

وبعد أن أثارت تصريحات الناطق بإسم وزارة العمل عن استثناء عمال قطاع غزة من مساعدات أموال صندوق غزة، جدلًا واسعًا وحملة غضب، أصدر نصري أبو جيش بيانًا لتبرير ما جاء في الإستثناء.

ويؤكد وزير العمل في حكومة رام الله د. نصري أبو جيش، أن قطاع غزة على سلم أولويات عمل الحكومة الـ 18، وخاصة وزارة العمل حيث سيتم تنفيذ مشاريع مستقبلية في القطاع من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وأيضا مع مؤسسة الـGIZ لدعم المشاريع متناهية الصغر التي تضررت من جائحة كورونا.  

ويضيف أبو جيش في بيان صحفي وصل "أمد للإعلام" نسخة عنه، "إن الوزارة منذ اللحظة الأولى لتفشي جائحة كورونا تعمل على تكاتف جميع الجهود لضمان استمرارية عمل جميع المؤسسات في فلسطين وبما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا، وكذلك العمل على دعم حاجة المواطنين في المحافظات الجنوبية والشمالية على حد سواء من خلال مشاريع التشغيل التي تضمن تشغيل شريحة مهمة من العمال".

ويشير إلى أنه ومنذ الإعلان عن تفشي الفيروس في صفوف السكان غير المحجورين في المحافظات الجنوبية إستنفرت وزارة العمل طواقمها لمتابعة الأوضاع الصحية والمهنية عن كثب والبحث في أفضل وأسرع الطرق والسبل لتعزيز العمل ومساعدة المواطنين، وذلك عملاً بتوصيات وتوجيهات دولة رئيس الوزراء د. محمد اشتية.  

ويؤكد أبو جيش، بأنه منذ البداية طالبنا بأن يكون المشروع للوطن بكامله، إلا أن المشروع كان مخصصا من البنك الدولي للمحافظات الشمالية كون الوباء منتشرا بها، وتم التأكيد من قبل الوزارة بأنها تعمل لمشروع متخصص للمحافظات الجنوبية، وجاري العمل عليه مع البنك الدولي والشركاء الدوليين، وخصوصا بعد انتشار الوباء في المحافظات الجنوبية.   

ويردف، بأن الوزارة تنفذ العديد من المشاريع من خلال الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية للعمال، عبر تدخلين، التدخل الأول مباشر للمحافظات الجنوبية ويشمل عدة مشاريع، أبرزها: مشروع خلق فرص عمل لشابات غزة بدعم من الحكومة اليابانيةUNDP، ومشروع تحسين الأمن الغذائي للأسر الهشة المتضررة من كوفيد-19 في قطاع غزة من خلال الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية من خلالGIZ، ومشروع دعم غزة خلال جائحة كوفيد-19 من خلال مؤسسة سلوفيينا الهادف لتحسين الوضع الصحي للعائلات الفقيرة، ومشروع الإنعاش الاقتصادي من خلال توفير العمل الكريم "التشغيل المؤقت" بدعم من دولة النرويج من خلال الـUNDP، ومشروع الآمال الخضراء لغزة بدعم من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي.  

ويضيف أبو جيش: أن التدخل الثاني يشمل مشاريع للمحافظات الشمالية والجنوبية، منها: مشروع برنامج الإقراض الطارىء "صمود" من خلال صندوق التشغيل ومؤسسة فاتن، ومشروع تعزيز روح المبادرة والتشغيل الذاتي من خلال خلق المنافسة في مشاريع الشباب بدعم من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي، وكذلك مشروع غزة الطارىء- العمل مقابل المال ودعم التشغيل الذاتي عبر الإنترنت بدعم من البنك الدولي من خلال مركز تطوير المؤسسات الأهلية، ومشروع خطوات السلام - خبرات اقتصادية واجتماعية لتنمية مستدامة في فلسطين بدعم من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي، وأيضا برنامج مشروعك بدعم من بنك فلسطين، بالإضافة إلى مشروعStart Upبدعم من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي.  

ويشدد أبو جيش إلى أن الوضع الحالي في القطاع يحتاج من جميع المؤسسات العاملة هناك إلى التكاتف والتعاون للخروج من الجائحة بأقل الأضرار والخسائر الاقتصادية.