تطبيع ام تتبيع
تاريخ النشر : 2020-09-16 20:53

ان الانزلاق نحو البحث عن تعريف سواء كان حربجي او دبلوماسي للعلاقة بين دول الخليج و اسرائيل هو مضيعة للوقت وانشغال بالقشور وابتعاد عن الجوهر ، فالتسمية ان كانت سلام ام تطبيع ام استسلام لن تغير شيئا من الواقع المؤلم.

العلاقة بين الدول العربية و اسرائيل قائمة منذ اتفاق رودس ، فقط الظروف والوضع الدولي حتمت ان تقف بعض الانظمة في صف الفلسطينيين قولا وبالدعم المالي احيانا ارضاءا للمواقف المبدأية لشعوبها.
و الحقيقة ان بعض الحكام كانو ا مستفيدين من حالة العداء الشكلية التي اسهمت في اطالة امد الصراع سواء بقصد او بغير مما شكل تمكينا للمشروع الصهيوني من تغيير الحقائق على الارض واعطاء الوقت لامريكا للقيام باجراءات كثيرة ، منها اثارة الفتن الطائفية والدينية في الدول العربية والحروب المباشرة بكل اشكالها حينا والحروب بالنيابة احيانا مما هيأ الاجواء امام الادارة الامريكية لطرح مشروعها التصفوي المتمثل بصفقة القرن واستبدال العدو الاسرائيلي المفترض بحالة عداء اكثر جاذبية وجدية هي المشروع الايراني وضرورة ايجاد تحالف مع اسرائيل كقوة لا يستهان بها لمواجهتهما يلغي كل دواعي الاختباء وراء موقف وطني او قومي واستبداله بموقف علني يعبر عما يعتقدونه مصلحة انظمتهم.

ساعدهم في ذلك ان مواقفهم القومية المزيفة تعرت امام الشعوب ، فمن يحارب في سوريا ومن جوع اليمن ومارس القتل بابشع صوره ولا زال ومن قسم ليبيا ومن اسقط العراق من كل الحسابات هم بعض الانظمة العربية والتي لن تقنع احدا بموقف وطني او قومي بعد اليوم .
لم تكن هناك حالة حرب بين دولهم والكيان الصهيوني حتى يصنعوا معه سلاما ويوقعوا اتفاقيات بذريعة زائفة وهي تحقيق السلام في الشرق الاوسط.
ان طريق السلام والامن و الاستقرار في الشرق الاوسط لا يمر من الخليج العربي ولا من باب المندب ولا من البسفور ولا حتى من قناة السويس ، الطريق فقط يمر من خلال الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني و عبر تحقيق مشروعة الوطني في اقامة وتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على كامل الاراضي التي احتلت عام 1967وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين على اساس قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار 194.
الفلسطينيون هم وحدهم المسؤلون عن ايجاد الطرق المثلى لحل قضيتهم عبر وضع برنامج جديد يستند الى الشعب الفلسطيني في المقدمة ومن خلفه الشعوب العربية و استنباط الاليات المناسبة والميكانزم الامثل لتحقيق الهدف مهما غلا الثمن وجعل الاحتلال مكلف بدل التعايش معه .
استخلاص العبر و الدروس من التجربة التي استمرت عقوداً من البحث عن الطريق الاقصر و الاقل كلفة لتحقيق الهدف الوطني وقد اخفقنا.
ان الوضع الفلسطيني الراهن لا يسر صديق لا يغيظ عدوا فنحن بحاجة الى تجنيد كل الطاقات من خلال انهاء الانقسام واستثمار الكل الفلسطيني خلف البرنامج الوطني مع بعض التعديلات ووضع استراتيجية جادة وتوفير الامكانيات المادية والبشرية معتمدين على ادوات جديدة لم تكن جزءا من الادوات التي فشلت في التجربة السابقة .
كما اننا بحاجة الى اعادة ثقة الشعوب الشقيقة و الصديقة في مشروعنا الوطني و جدواه ، وحشد المعسكر الدولي للوقوف في وجه المشروع الاستعماري الذي يستهدف كل الشعوب في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية.

اكثر من قرن على سايكس بيكو ولم نستطع تجاوز ويلاته ، يجب ان لا نعطي الاستعمار قرنا اخر او اكثر لذلك لا بد من الاسراع وعلينا ان نبدا.
من الامس والا سيكون قطار الحجاز الجديد قد فات وسيستبدل ميناء بيروت بميناء حيفا وفلسطين باسرائيل والجامعة العربية بالعبرية ومن يعرف ماذا بعد.