"حماس" وتركيا.. علاقةُ زواجٍ عُرفيّ
تاريخ النشر : 2020-09-16 19:48

بعد العُزلة التي فرضتها إسرائيلُ على حركة حماس منذُ فوزِها بالانتخابات التشريعية عام 2006، حاولت الأخيرةُ بشتّى الطُرُقِ المحافظةَ على علاقاتها "المتوازنة" ونسْجَ علاقاتٍ جديدة مع دول الإقليم والعالم، وذلك وفق استراتيجية الانفتاح على العالم، والتي أعلنت عنها في ميثاقها عام 2017 والذي نصَّ على:" تتبنّي حماسُ سياسة الانفتاح على مختلف دول العالم، وخاصة العربية والإسلامية، وتسعى إلى بناء علاقات متوازنة".
محاولاتُ حماس تعزيزَ علاقاتها مع الدول لا تتوقف؛ للخروج من عُنق الزجاجة نتيجة الحصار الإسرائيلي المشدّد، وانشغال الدول العربية بشؤونها الداخلية.
جولةُ رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس إسماعيل هنية والتي بدأت في ديسمبر من العام الماضي، واستمرت لمدة خمسة شهور للعديد من الدول منها: مصر وقطر وإيران وتركيا وماليزيا، حرص خلالها على جلْبِ الدعم السياسيّ والماليّ والإنسانيّ للقضية الفلسطينية.
علاقة حركة حماس بالنظام التركي بدأت باعتراف تركيا بنتائج الانتخابات في الأراضي الفلسطينية عام 2006، وقامت باتصالات مبكّرة بالحركة، وطالبت المجتمع الدولي باتخاذ موقف إيجابي من حكومة حماس، وبعد أحداث الاقتتال الداخلي بغزة سنة 2007 وسيطرة حركة حماس على الحكم في غزة، تعاملت الحكومة التركية برئاسة رجب أردوغان مع حكومة تسيّير الأعمال التي تقودها حماس في غزة.
حادثة الاعتداء الإسرائيلي على سفينة (مرمرة) التركية في مايو 2010، والتي أدّت إلى مقتل 9 أتراك مدنيّين كانوا على متنها أثناء توجُّهها إلى قطاع غزة عبْر البحر المتوسّط تحت مُسمّى "سفن أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة" كان لها الأثر الكبير في متانة العلاقة بين حماس وتركيا، واستقبلت الأخيرة مجموعة أسرى حماس المُبعَدين عام 2010، ومنحتهم الجنسية وجوازات سفر تركية؛ لتسهيل حركتهم.


علاقةُ "حماس" بإيران
لا يَخفَى على أحدٍ متانة العلاقة بين "حماس" وإيران و "حزب الله اللبناني" وحجم الدعم الماديّ واللوجستيّ والسياسيّ والعسكريّ لكتائب القسام بغزة، في حين تُعتبَر إيرانُ وحزبُ الله خصمَيْن للرئيس التركي رجب أردوغان ونظام حكمه، جعل الأخير يتخذ خطواتٍ للخلف.
مصادرُ خاصة في حماس قالت:" إنَّ صَدْعاً تخلّل العلاقة بين القيادة التركية وحركة حماس نِتاجَ خلافٍ حاد قد حصل، خاصة أنّ للحركة موطِئَ قدم في تركيا في السنوات الأخيرة بعد تركها سوريا وتراجُع علاقتها مع قطر".
وأوضح المصدرُ أنّ الحكومة التركية طلبت من "حماس" توضيحاً فيما يخصُّ إدارة الحركة لعملياتها ضد الاحتلال الإسرائيلي والسلطة في الضفة الغربية، واشترطت عليهم ألّا يتمَّ القيامُ بعمليات عسكرية أو إدارتها أو التخطيط لها من خلال الأراضي التركية.
وأضاف أنّ هناك تراجُعاً واضحاً في العلاقة بين "حماس" وتركيا، لا سيما بعد العلاقة بالسلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس وتأكيد أردوغان خلال اتصالٍ هاتفيّ بنظيره عباس دعمَ بلاده للشعب الفلسطيني وحقّه في الحرية والاستقلال، إضافة إلى العلاقات التي عادت مع إسرائيل بعد أن انقطعت لفترة بعد حادثة سفينة (مرمرة).
وأوضح المصدرُ ذاتِه أنّ رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية وعند زيارته إلى تركيا واجتماعه بالرئيس رجب أردوغان في قصر (دولمة بهتشة) في باشكتاش بالقسم الأوروبي لإسطنبول، لم يعِرْهَا الإعلامُ التركيّ اهتماماً كبيراً، ولم يخرجْ أيُّ منهما بتصريح أو خطاب، خاصة وأن حماس لم تعلنْ عن تفاصيل الملفات التي ناقشتها مع أردوغان.
صحيفة التلغراف نشرت مؤخرا أن تركيا منحت الجنسية لنشطاء كبار في حماس، الأمر الذي أثار الجدل في الأوساط السياسية التركية، وطالبت المعارضة خلال جلسة البرلمان إلى تغيير سياسة أردوغان في التعامل مع الأوساط الإسلامية لا سيما حركة حماس في غزة، خشية أن تصبح تركيا دولة منبوذة إقليميا ودوليا.
القيادي البارز في حزب الشعب الجهوري أحمد أونال تشفيكوز، تساءل حول طبيعة الدعم الذي تقدمه الحكومة التركية لمسؤولين من حماس واصفا هذه السياسية الأردوغانية بالكارثة التي ستحصد نتيجتها البلاد.
العلاقةُ بين "حماس" وتركيا لم تنقطعْ ولا نستطيعُ القولَ: إنها وصلت لمرحلة سيئة، ولكنها لم تعُدْ كما كانت في السابق "في عصر ازدهارها"، خاصة وأنّ وفداً كبيراً من حماس زار تركيا نهاية ديسمبر المنصرم، لكنه لم يلتقِ أردوغان، وهذا لم تعهدْهُ الحركة في السابق.
وقد أكّد المصدر الحمساويّ أنّ المواقف التي بدأت تتوالى من أنقرة، دفعت حماسَ للبحث عن بديلٍ لها، فشرعَت في محاولة إرجاع علاقاتها بالنظام السوري، والذي أيّدت الثورة ضدّه عام 2012 من غزة، بعد أن رفع رئيسُ مكتبها السياسيّ السابق خالد مشغل من على منصة مهرجان انطلاقتها علمَ الثورة السورية.
وتابع:" إيران وحزب الله هما الداعمُ الأول لحماس، وهناك مَنْ يحاول ألّا يجعلَ حماس قوية في الدول العربية والإقليمية، ومنذ أنْ بدأت تركيا بالضغط على حماس لإرضاء دولٍ أخرى - تعتبر الحركةَ (إرهابية) - تجري مباحثات ووساطات؛ لتحسين علاقة حماس بنظام الأسد، وهذا الأمر أصبح جليّاً في تصريحات القيادات في غزة، وعلى رأسهم إسماعيل هنية".