التطبيع.. مصطلح مضلل
تاريخ النشر : 2020-09-16 13:03

لقد اعتنت الدوائر الغربية من خلال مراكز دراسات متخصصة إلى صياغة المصطلحات صياغة دقيقة تؤدي إلى غرضين أساسيين ومتكاملين، أولهما: تقبل الانسان العادي للمصطلح دون أن يثير لديه أية ريبة من وجود أهداف تهدد كيانه، وهذ واضح من استخدام مفاهيم من قبيل مفهوم "الاستعمار" الذي يحيل إلى قيم نبيلة من قبيل الاعمار والبناء والتطوير ولكنه في حقيقة الأمر يكرس ما هو نقيض ذلك من الهدم التخريب ونهب ثروات الشعوب.. والمنطق ذاته ينطبق على باقي المفاهيم، ومن أشهرها، مفهوم الحداثة، العولمة...

أما الغرض الآخر للإنتقاء المصطلحي لدى الغرب فهو تهيييء المناخ المناسب لتمرير مخططاته في الهيمنة، وضمان تقبل الشعوب لها من خلال الترويج للمصطلح قبل تجسيد تطبيقاته، فيثار حوله نقاش واسع بين مؤيد ورافض ثم يظهر رأي ثالث محاولا التوفيق، وفي خضم الأخذ والرد يتم التطبيع مع المصطلح ويظهر في الذهنية العامة بوصفه قدرا لا فرار منه.
وفي هذا السياق يمكن أن نتناول مفهوم "التطبيع"، الذي يحيل في ظاهره إلى معاني حسنة، ولكننا حين نتفحصه في سياقه السياسي المتداول سنجده ينطوي على دلالات لا يمكن تقبلها. فالتطبيع ذو حمولة سياسية تحيل إلى تحول العلاقات بين دولتين إلى علاقات سلمية، بعد أن تكون قد شهدت توترا في مرحلة سابقة، وهو أمر لا يمكن أن يصدق على اتفاق بين دولة عربية وبين الكيان الصهيوني، لأننا سنكون أمام توقيع واعتراف بشرعية الإحتلال وسرقة التاريخ ونهب الأرض وتشريد شعب ومصادرة تضحيات وبيع لدماء الشهداء وخيانة لهم، وهي دلالات لا يمكن لمصطلح "التطبيع" أن يحتويها أو يستوعبها...

فمهادنة القاتل ليست تطبيعا معه، ولكنها في جوهرها عقد شراكة في الجريمة، وفي تحمل مسؤولية استمرارها.
وللحديث بقية