تطبيع أم انضمام
تاريخ النشر : 2020-09-16 11:43

شهدت حديقة البيت الأبيض في واشنطن اليوم حفل توقيع اتفاقية سلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني وتوقيع اتفاق مبادىء بين مملكة البحرين والكيان الصهيوني وذلك بشهادة الولايات المتحدة الأمريكية على كلا الاتفاقين .

ولقد أكدت الكلمات الأربع التي ألقيت قبل التوقيع على أهمية السلام في منطقة الشرق الأوسط على حد تعبيرهم ، وقد شكر وزير خارجية الإمارات نتن ياهو على وقفه قرار الضم متجاهلاً بذلك تصريحات نتن ياهو الأخيرة بأنه سيطبق قانون الكيان الصهيوني على كل المستوطنات في الضفة الغربية ، وأن نتن ياهو لن يسمح بعودة لاجىء فلسطيني واحد إلى أرضه وانه لن تكون هناك دولة فلسطينية إلى جانب الكيان الصهيوني وان الفلسطينيين الموجودون في الضفة هم مجرد سكان ومقيمين فيها ، ومع هذا فإن عبدالله بن زايد تحدث عن مجرد دولة فلسطينية دون أن يحدد حدود هذه الدولة ودون أن يسمي عاصمتها ، هل جاء هذا بشكل عفوي وخطابه لم يكن شفوياً بل كان مكتوباً ، أي أن الخطاب كان مدروساً بشكل جيد ، معروف المضمون والمعنى والهدف ، فليس مهما عند دولة الإمارات صفة الدولة الفلسطينية بقدر ما يهمها إقامة علاقات كاملة في جميع المجالات ، ولعل وصول أول طائرة إماراتية إلى مطار اللد غداً الأربعاء سيكون بمثابة وضع ما سمي باتفاقية السلام موضع التنفيذ الفوري ، فالمصلحة الإماراتية تقتضي ذلك لأن الكيان الصهيوني أصبح منذ الآن وبشكل متفق عليه يلعب دور الحامي لدولة الإمارات تجاه إيران ، وهذا يعني وضع الإمارات العربية تحت الحماية الصهيونية مباشرة ، هذه الحماية التي أصبحت حديث بعض الإعلاميين والمثقفين الإماراتيين بحجة أنّ دولة الإمارات لا تملك امكانيات الدفاع عن نفسها أمام أي هجوم إيراني متوقع من قبلها ، على حين أن دولة الإمارات تشارك في عدة حروب تجري في الدول العربية .

لكن ما أعلنه نتن ياهو في البيت الأبيض أمس عن انضمام الإمارات والبحرين إليه ومبشراً بانضمام العديد من الدول العربية إلينا على حد تعبيره وهو لا يخطىء التعبير ويقصد ما يقول فإن المسألة والقضية ليست تطبيعاً بقدر ما هي عملية انضمام ، والفرق كبير بين التطبيع والانضمام ، فالتطبيع يعني إقامة علاقات مختلفة بين الطرفين لكن الانضمام يعني أن كلا الطرفين أصبحا في دائرة واحدة أو في إطار واحد أو حتى في مشروع واحد هو المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة العربية الهادف إلى وضع الدول العربية تحت الهيمنة الأمريكية الصهيونية للسيطرة على مواردها الطبيعية وذلك بحجة مقاومة المشروع الإيراني والمشروع التركي في المنطقة العربية .

هل أدركت الإمارات والبحرين معنى انضمامهما إلى الكيان الصهيوني ، أنه أخطر من قرار الضم الصهيوني للأراضي الفلسطينية، لأنه يعني الضم العربي للمشروع الاستعماري الصهيوني ، أي هو استعمار مباشر لهذه الدول العربية وانتقالها من حالة الدول ذات السيادة إلى حالة الدول التابعة كلياً لغيرها وبذلك تصبح سيادتها منقوصة وإن كانت تمارس كل مهامها الداخلية والدولية ، فالقضية ليست تطبيعاً في العلاقات مع الكيان الصهيوني وإنما هو انضمام دولة إلى دولة أخرى بهدف حمايتها من خطر متوقع عليها .