في يوم الشباب العالمي .. الشباب الفلسطيني تحت مقصلة الأزمات
تاريخ النشر : 2020-08-12 16:07

باليوم العالمي للشباب .. كارثة وطنية تعصف بحال الشباب الفلسطيني بقطاع غزة ، والذي حمل دائماً في مطالبه شعار العدالة الاجتماعية ومطالبته العديدة بتوفير أدنى مقومات الحياة والصمود رغم الوضع المأساوي الذي يعيشه من بطالة وحصار وتهجير ، إذ تعدت نسبة الفقر والبطالة ل 75% ، وقراءة هذا المؤشر بحاجة إلى حلول .. حلول قائمة على معالجة المسببات التي أودت بالشباب لنتيجة حتمية للهروب من الواقع بدلاً من الحلول الترقيعية التي انتهجتها سلطة الأمر الواقع بقطاع غزة ،  وغياب الدور لحكومة رام الله ، فباتت كافة المؤشرات الإحصائية حول واقع الشباب تشير إلى نتائج تنذر بأخطار محدقة تحيط بالمجتمع الفلسطيني وخصوصاً في قطاع غزة الذي يعاني من سياسات عدوانية والتي تستهدف كافة مقومات الحياة في القطاع ، إضافة للانقسام السياسي الداخلي الذي يترك آثار مأساوية على واقع الحياة في المجتمع . 

حين يقابل التعبير عن الجوع والواقع المرير الذي يعيشه الشباب بالقمع حيث لم تكن سوى صرخات تحمل أوجاع الشباب فقوبلت بالقمع وتكميم الأفواه وانسداد الأفق. 

الشباب الذي حمل شعار 》 بدنا نعيش《 دفع بهم الحال نحو الانتحار كخلاصٍ من الظلم أو الإتجاه للهجرة نحو قوارب الموت ، نتيجة محاولات عديدة قادت بهم لتحسين ظروفهم المعيشية ودق جدران الخزان ، والتي قادها الشباب بأنفسهم وعبرت عن واقعهم المهمش ولكن شعارهم كان قوياً بما فيه الكفاية ليؤدي بحياتهم " بدنا نعيش " . 

كارثة وطنية 

إن تزايد المحاولات الانتحارية الغير مكتملة بقطاع غزة وصلت لأكثر من 562 حالة سنوياً ، بينما سجل مركز الميزان لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 17 حالة انتحار بالقطاع لهذا العام  ، فهيمنة فكرة الخلاص الفردي على الشباب وتراجع القيم الوطنية بشكل ملحوظ عبر التفكير بالهجرة نتيجة لمسببات تهدف لفك الارتباط مابين المواطن والقضية عبر إغراقه بالهموم الذاتية التي تمنعه وتحد من قدرته بالاستمرارية . 

والكارثة هنا هي محاولة اختراق الوعي الشبابي في ظل حالة الفقر واليأس الذي تعاني منه الجماهير الكادحة تحت هذا الاحتلال وفي ظل الانقسام الفلسطيني ، والأكثر سوءاً هنا هو هيمنة مفاهيم التكيف السلبي على الشباب نتيجة انعدام القدرة على التغيير وغياب النموذج وفقدان الثقة بالهياكل الموجودة ، وفي ظل التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية من " صفقة ترامب - نتنياهو " ومشروع الضم الإسرائيلي والذي يتطلب تعزيز مقومات الصمود بدلاً من ترقيع الأزمات والتي انعكست على أوضاع الشباب الفلسطيني لتغييب دورهم الوطني بالتصدي والدفاع عن الأرض ، فلا قيمة للعودة  بدون الأرض ، ولا قيمة للأرض بدون الشعب . 

إن الشباب بحسب تركيبتهم يُعد من أكثر شرائح المجتمع سعياً وراء التغيير, بكل صوره وأشكاله السياسية, والاقتصادية, والاجتماعية, لما تملكه هذه الشريحة من دافعية قوية باتجاه بناء مجتمعات عصرية, وحديثة, ومتطورة قادرة على استيعاب قدراتهم وطموحاتهم وإمكانياتهم ، ولقد أثبتت التجارب المتعددة التي انطلقت منها الثورات والانتفاضات الشعبية فضلاً عن مقاومة الأنظمة الدكتاتورية والسلطوية التي تسعى لقمع الشعوب وإبقائها تعيش حالة من الخوف على أن الشباب قادر بإعادة الاعتبار لنفسه واستعادة دوره الريادي في كافة المستويات . 

لذلك مطلوب وضع خطة وطنية شاملة لتعزيز صمود الشباب الفلسطيني في الوطن والشتات، تأخذ بعين الإعتبار الإحتياجات الرئيسية للشباب، بوعي ومسؤولية عالية، تنبع من الإدراك المسؤول ، بأن معالجة قضايا الشباب وتوفير مقومات صموده هي بالضرورة عنصراً رئيسياً وحاسماً من عناصر القوة الفلسطينية، وهذا يتطلب العمل على إعادة بناء وتفعيل المؤسسات الوطنية الفلسطينية المعنية بالشباب والطلاب وعقد مؤتمراتها على أسس ديمقراطية، وفتح المجال أمام المشاركة الفاعلة للشباب في صنع القرار الوطني، بإعتبار أن تنمية الشباب تعني توسيع قدراتهم ومشاركتهم وتمليكهم عناصر القوة والأمل، والفعل والتأثير.