"الأردُ فلسطينية".. كيف يعبث البعض بالديناميت؟!
تاريخ النشر : 2020-08-12 11:18

لم أستشعر حالة من الرجعية السيواجتماعية منذ سنوات خلت كما شعرت بها للتو، حينما نستفيق فجأة على صاعق يحاكي تفجير ميناء بيروت، لنكتشف أن هناك المزيد من مادة الأمونيا مخبأة وسط عقليات نحسبها تجاوزت العقدة الاجتماعية والحسبة السياسية نحو الانعتاق الروحي الذي يجمع المواطنين جميعهم في هذا الوطن برباط متآخ خضع له الجميع من ضاعن أو مهاجر، لنقرأ عن تصنيفات خلافية مبنية على شرط البلد الأصلي، حتى لو كان هذا المواطن لم يولد ولم يعرف أو يزر ذلك البلد الأصلي رغم محبتنا جميعا له، فيسقط المثال على الاختلاف بناء على المرجعية الأصولية المنبت، لتبدأ مهزلة هذا أردني وهذا متأردن.

في حياتنا التي عشناها جميعا شاهدنا وتعايشنا مع أشخاص يحملون جينات عقلية متحولة، يبنون نظريات هويتهم بناء على شواهد تاريخية تم نسجها من خيال رواة القصص القديمة للفوضى السياسية التي مرت بها بلادنا، وهم وحدهم دون عائلاتهم يحاولون زرع وإرواء شجرة الفُرقة بين مكونات المجتمع، ويبنون هياكل مهزوزة تعبر عن شخصيات ضحايا غير معروفين، وسريعا ما تسقط تلك الهياكل مع أول تحد يجابه المجتمع الأردني، الذي أسبق ما يكون للتعاضد والتلاحم والإيثار باسم الوطنية المشتركة، وهؤلاء يزرعون عن قصد أو بغير قصد حقولا من الأشواك تثبط مسيرة هذا البلد الذي جمع الأضداد على قلب واحد.

إن محاولة أردنّة الشعور الإنساني للجمهور بالقوة هو أشبه ما يكون بدعوة الملحد للإيمان بالإله، والله قال في كتابه المجيد: من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، وهنا نجد أن هناك من ارتدوا عن أردنيتهم السياسية بناء على جمود العمل الحقيقي الذي يدعم الفخر بالإنجاز الرسمي، ولكن لا علاقة إطلاقا بالنقد الذاتي لجهة ما بما يمكن أن يفكر فيه أغلبية المواطنين الأردنيين الذين كون مجتمعهم العديد من الأصول البعيدة أرضا والأبعد انتماءً وبناءً وإخلاصا منذ الحكم العثماني لهذه الأرض، فالشركس سبقوا الكثير من القبائل لهذا البلد ومثلهم الأرمن والأكراد والشوام، ولم نسمع من آبائنا أن أي خلاف مع أحدهم هو بناء على منبته الأصلي.

عندما كان الفقيد حتر يكتب في الفكر السياسي الاجتماعي وتأخذه الغيرة على المقاومة والخوف على فلسطين الثورة والأردن الوطن، فيتهمه البعض بالعنصرية والإقليمية والكراهية للآخر، ولكن مع اختلافنا سياسيا، لم نكن نرى منه ما يجعلنا نفهم أنه يكره الناس حسب أصولهم أو ديانتهم، بل كان ديدنه هو المقاومة الفكرية السياسية، فكيف يكره مقاوما على أرض فلسطين ويعشق نصرالله في لبنان؟

هنا ورغم اختلافنا مع العديد من الأصوات التي تتجاوز في منطقها وسعيها الدؤوب لتحقيق مكاسبها المستحقة، فتهدد مصالح الدولة لصالح مصالحها الخاصة أكانت نقابات أو شخصيات أو جهات مالية أو حزبية متلونة، فلا نعتقد مطلقا أن عاقلا يمكنه المس بوطنية الشقيق الذي لم يعرف سوى الأردن وطنا، ليتهمه باطلا بناءً على البلد الأصلي الذي لا يعرفه، إنما هي الهواجس التحليلية التي باتت تخلط ما بين الأردن التاريخي وبين الحق التاريخي للعرب في فلسطين، ثم يخرج بحسن نية من يفجر بأصبعه الديناميتي وحدة الشعب الأردفلسطيني المتحد غرب وشرق النهر ضد العدو الصهيوني الذي يتربص بالجميع.

عن الرأي الأردنية