تجميد المصالحة يضعف التعبئة ضد سرقة الأراضي
تاريخ النشر : 2020-08-09 13:52

أدى تغيب المصالحة الفلسطينية للعام الثالث عشر على التوالي، إلى ضعف ملحوظ في التعبئة ضد مشروع الضم الصهيوني، ففي الأول من تموز (يوليو)، وهو الموعد الذي حددته إسرائيل لإطلاق عملية ضم جزء من الضفة الغربية المحتلة، لم يتظاهر سوى بضع عشرات الأشخاص في موقع تنفيذ الجريمة المحتملة، وهذا لا يكفي بالقطع لمنع حركة المرور في الساحة الرئيسية في رام الله، لكنه يؤشر على حالة الإحباط وخيبة الأمل لدى بعض الفلسطينيين الذين فقدوا الحماسة للاحتجاجات التي يرافقها في الغالب مواجهات عنيفة.

الرهان الأكبر كان معقوداً على الجامعات الفلسطينية، الفضاء الوحيد المتبقي لخلق التعبئة السياسية والتي تعد أرضاً خصبة للصراع ضد العدو الإسرائيلي، وهو ما جعل الحرم الجامعي هدفا للإسرائيليين وللسلطات الفلسطينية في رام الله خوفا من فقدان السيطرة عليه،  وبالتالي حرصت السلطتان على تطويق الحرم الجامعي وشل قدرته على التعبئة، إذ تشير الأرقام الموثقة إلى أنه منذ بداية العام الجاري تم اعتقال 90 طالباً من جامعة بيرزيت بالقرب من رام الله،  وحوالي 60 طالباً في نابلس، كما أن هناك اعتقالات بشكل شبه يومي في جامعة أبو ديس.

لا شك أن استمرار الانقسام الفلسطيني يعرقل التعبئة ضد مشروع إسرائيل الاستيطاني ككل، وخاصة وهي بصدد سرقة المزيد من الأراضي في الضفة الغربية، كما أن الانقسام يضعف الجميع، الشعب والحكومة، في مواجهة الكيان الغاصب، وبالرغم من أن الفلسطينيين لديهم مصلحة ذاتية كبيرة في الحفاظ على السلطة الفلسطينية ككيان سياسي، ومن غير المرجح أن يقوموا بحلها، فإن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعتقد أن هناك سيناريوهات تصبح في إطارها السلطة الفلسطينية عاجزة ومن ثم تنهار اقتصادياً، ولا تعد قادرة على التحكم في الأمن أو دفع الرواتب، وفي هذه الحالة، سيتعين على سلطة الاحتلال تقديم الخدمات وتسيير دوريات في المنطقة، ومن هنا يتوجب على القيادة الفلسطينية إعادة تقييم خياراتها تجاه الصراع والتي تشمل المفاوضات، والنضال المسلح، والنضال الشعبي، والمصالحة مع حماس، وحملة سياسية وقانونية مناهضة لإسرائيل على المستوى الدولي.

يقيناً، فإن المصالحة الوطنية ستقوى شوكة المفاوض الفلسطيني، وستضيف زخماً للتعبئة ضد عملية الضم، في ظل مجموعة من التحديات الرهيبة من بينها الوضع العربي المتردي، واهتمام كل دولة بنفسها بعيدا عن العمل العربي المشترك، وانقسام الفصائل الفلسطينية على نفسها، وحالة الجفاء ما بين الفصائل الفلسطينية في الضفة وبين حركة حماس في غزة، والوضع الاقتصادي المتردي في الضفة والقطاع، وتفاقم مشكلات الفقر والبطالة في كلا الجانبين، وخشية السلطة الفلسطينية من قيام قوة الاحتلال بعمل لا يحمد عقباه لإرضاخ الفلسطينيين للأمر الواقع.