مهرجان فتح- حماس التحديات والفرص
تاريخ النشر : 2020-08-04 08:18

يجري تركيز الأضواء هذه الأيام على مهرجان حركتى فتح وحماس المزمع عقده, فى ظل حالة التيه، التي تُخيم على ملف المصالحة الفلسطينية, وذلك مع الخطوات التي اتخذتها القيادة الفلسطينية؛ لتفعيل النضال الشعبي على الأرض, عبر مهرجان أريحا، الذي عقد فى الثاني والعشرين من يونيو عام 2020م، تعبيراً عن الرفض الفلسطيني لخطة الضم الإسرائيلية الأمريكية,  الذي كان له صداه على المستوى الفلسطيني والدولي، فقد سجل نجاحاً ملموساً، وعبر عن الالتفاف الفلسطيني حول موقف القيادة الفلسطينية.

     ذلك المهرجان وضع القيادة الفلسطينية، أمام مسؤوليتها لتوحيد الصف الفلسطيني بجهود فلسطينية بحتة، فكانت أولى خطواتها اللقاء المتلفز، الذى جمع بين اللواء جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح, والشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فى الثاني عشر من تموز عام 2020م, لإعلان التوافق بين الطرفين على رفض خطة الضم, وتأجيل القضايا الشائكة, والخروج بموقف فلسطيني موحد أمام العالم – ولو شكلي-  بما يخدم طرفي الانقسام؛ لإيصال رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية, وإسرائيل مفادها أنّ تبريد العلاقات مع السلطة الفلسطينية, سيواجه بالتقارب مع حماس, تبع ذلك الإعلان عن مهرجان يجمع كلًا من حركتي فتح وحماس على غرار مهرجان أريحا؛ بهدف رفض خطة الضم، ومواجهتها بكافة السبل, بالإضافة للعمل على تقريب وجهات النظر بين طرفي الانقسام, من أجل كسر حالة الجمود فى ملف المصالحة؛ حتى ولو جرى ما يشبه الإدارة الفلسطينية الذاتية للانقسام والتعايش معه على أرض الواقع، إلا أنّ الإعلان عن انعقاد المهرجان، لم يحدد بتوقيت محدد, ربما لإضعاف الالتزام به, فقد تُرك الأمر مفتوح، لتذليل العقبات أمامه، دون ضغط من سيف الوقت.

   ويبدو أن انعقاد المهرجان بالصورة، التي يجب أن يكون عليها؛ لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، دفع طرفي الانقسام للصمت عن موعد انعقاده فى الأيام المقبلة، خاصة مع وجود جملة من التحديات الفلسطينية الداخلية، باتت تعصف بانعقاد المهرجان، وأهمها:

أولًا/ تواجه مشاركة اللواء جبريل الرجوب معارضة شديدة داخل هيكل حماس, خصوصًا بعد أن أصبح جزء كبير، من المتنفذين ضمن صناعة القرار الحمساوي من أسرى الضفة الغربية، المبعدين إلى قطاع غزة فى صفقة (وفاء الأحرار), الذين لهم مواقفهم السابقة من اللواء الرجوب، وهذا يترك بعض التساؤلات الهامة:

-       هل تستطيع حماس التقدم فى عقد المهرجان، فى ظل رفض بعض أفرادها المتنفذين، لوجود اللواء الرجوب؟

-       بالمقابل هل ستقبل فتح بإعطاء كلمتها إلى اللواء الرجوب، مع وجود نائب رئيس الحركة السيد أبو جهاد العالول؟ أم أنها ستترك الكلمة إلى عضو اللجنة المركزية لفتح فى قطاع غزة السيد أبو ماهر حلس؟

ثانيًا/ حركة فتح فى قطاع غزة لا تقوى على حشد جماهيرها الغفيرة للمهرجان, وأبنائهم فى سجون الاعتقال الحمساوية؛ لذلك يجب المطالبة الفورية، بالإفراج عن المعتقلين، كبادرة حُسن نيه أو على الأقل –تصدير وعد بإطلاق سراحهم بضمانات فصائلية-.

ثالثًا/ تمكنت حركة حماس، طوال فترة سيطرتها على قطاع غزة، من إيجاد مجموعة تحالفات فصائلية صغيرة، تدور فى فلكها, كما أنها استطاعت جذب بعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إليها، التي خرجت من عباءة المنظمة لتصطف بجانب حركة حماس، وظهر ذلك جلياً فى مواقف تلك الفصائل الصغيرة من انعقاد المهرجان، كجبهة التحرير، وجبهة النضال العربية، وغيرهما, وتجدر الإشارة هنا, بأن الإعلان عن مهرجان فتح وحماس، لم يأتي على سيرة الفصائل الفلسطينية, وهذا يضعنا أمام مجموعة أخرى من التساؤلات الكفيلة بتعطيل المهرجان, أهمها:

-        هل ستقبل حماس باستثناء حلفائها؟ وإن كان الجواب بلا, فهل تقبل فتح بوجود من خذلها بالاصطفاف مع حماس, فى المهرجان؟ وإذا كان الجواب بلا, فهل تقبل الفصائل الفلسطينية بانعقاد المهرجان فى ظل غيابها؟

رابعًا/ حالة الاحتقان والتباعد بين أنصار حركتى فتح وحماس تجاوزت حدود العقل؛ نتيجة بعض الممارسات من الطرفين, فهل يمكن أن تجتمع جماهير الحركتين فى مكانٍ واحد دون صدامات؟!.

    هذا الأمر، يشكل معضلة كبيرة لإنجاح المهرجان خصوصًا فى ظل ترقب دولة إسرائيل (المتربصة), فهل ستقبل فتح بعقد المهرجان فى صالة مغلقة فى ظل تخوفات أمن قطاع غزة من الأماكن المفتوحة, والاحتكاك بين جماهير الطرفين؟ أم أنها ترفض من أجل حشد جماهيرها الغفيرة؛ لكى تُوصل رسالة إلى إسرائيل والعالم العربي بأن مخزونها الجماهيري فى قطاع غزة لم ينضب بعد؟.

خلاصة القول:

    هذا المهرجان، تكتيكي لطرفي الانقسام، وليس لبناء استراتيجية موحدة، تكتيكية بمعنى محاولة القيادة الفلسطينية البحث عن مساندة فلسطينية ذاتية لمواجهة صفقة القرن, والخطة الأمريكية، بالإضافة إلى رغبة حركة حماس فى إيجاد من يساعدها فصائلياً، فى عدم تبنى فكرة الرد فى حال وقع عدوان اسرائيلي على قطاع غزة, وإطلاق الصواريخ على اسرائيل، خاصة بعض حالة التنافر مع حركة الجهاد الإسلامي، منذ اغتيال الشهيد بهاء أبو العطا.

     ولكن لإنجاح هذه الخطوة، من المفترض أن يكون المهرجان، إذا ما أريد له النجاح، بعيداً كل البعد عن الثنائية والمحاصصة، وهذا عامل أساسي فى تحقيق الوحدة الفلسطينية، ومواجهة التحديات التي تعصف بالكل الفلسطيني، تخرج عنه رسالة واحدة تعبر عن موقف الشعب الفلسطيني بفصائله، مفادها "رفض كل المشاريع, والخطط الإسرائيلية, والأمريكية، التي تريد النيل من القضية الفلسطينية, وتصفية الحقوق التاريخية، وفى مقدمتها مشروع الضم الإسرائيلي وصفقة القرن".