ما الجديد الذي حمله ويحمله العيد للمقدسيين..؟؟
تاريخ النشر : 2020-08-01 09:26

 

في اعتقادي الجازم بأن هذا العيد لم يحمل للمقدسيين أي معنى من معاني الفرح والسرور،فهو عيد ممزوج بفقر وجوع وبطالة بسبب انتشار جائحة "كورونا" وما خلفته من تداعيات اقتصادية كبيرة،أثرت على القوة الشرائية للمواطنين،وبالكاد جزء ليس بالقليل منهم قادر على تغطية احتياجاته الأساسية،فكل العاملين في القطاع السياحي والتحف الشرقية " السنتوارية والمطاعم والفنادق والحافلات السياحية منذ أكثر من أربعة شهور،وهم بالكاد يتدبرون أمورهم الحياتية ...والمشكلة لم تقف عند حد انتشار جائحة " كورونا" وتداعياتها الإقتصادية...بل ما يتعرض له المقدسيون من حالة قمع وتنكيل تطالهم في كل مناحي حياتهم من قبل إحتلال غاشم،يصادر فرحهم وسرورهم،ويقتل البسمة على شفاه أطفالهم،فتصورا بأن الأطفال الذين يتوجهون مع ابائهم لأداء صلاة العيد،واملهم ان يحصلوا على لعبة العيد،ممن يقومون بإدخال الفرح والسرور عليهم من خلال ما يوزعونه من ألعاب على بوابات الأقصى،ولكن حتى لعب الأطفال يجد المحتل بأنها تشكل خطراً على أمنه،فهو يلاحق من يقومون بتوزيعها ويصادر الألعاب ويعتقل القائمين عليها...المحتل يرى في فرحة او بسمة طفل او فرحة المقدسي خطر على أمنه ووجوده...وحتى في يوم العيد حينما يتجه المقدسي من أجل أداء صلاة العيد والمعايدة على الأهل والأحباب والأصدقاء،يواجه المصاعب ويتعرض للقمع والتنكيل من قبل شرطة الإحتلال ،حيث الدعوات التي توجهها الجماعات التلمودية والتوراتية من أجل اوسع عمليات اقتحام للأقصى في يوم ما يسمونه بخراب الهيكل المترافق مع يوم عرفة وأيام عيد الأضحى المبارك،يجعل المقدسي متأهباً ومستفزاً من تلك الإقتحامات،ويصبح جل إهتمامه كيفية منع تلك الجماعات التلمودية والتوراتية من إستباحة الأقصى ومنع تدنيس ساحاته بطقوس وشعائر تلمودية وتوراتية،وحتى وصلت حد رفع الأعلام الإسرائيلية في ساحات الأقصى ...وهذا يعني مواجهات واشتباكات مع شرطة الإحتلال وجنوده الذين يوفرون الحماية والدعم لتلك الجماعات المتطرفة...وهنا ربما يكون مصير من أتى لأداء شعائر العيد اعتقال او استنشاق غاز مدمع او اصابة بقنبلة صوتية أو رصاصة مطاطية ،وربما المقدسي الذاهب لصلاة العيد قد يجد بلدوزرات وجرافات الإحتلال قادمة لهدم منزله في يوم العيد،لكي يجد بأن اطفاله يبحثون عن بقايا لعبهم وملابسهم التي اشتروها للعيد على أنقاض بيتهم الذي هدمته بلدوزرات وجرافات الإحتلال دون سابق انذار...او لربما مع خيوط الفجر الأولى تتسلل أجهزة امن الإحتلال وشرطته وجنوده الى أكثر من بيت مقدسي لكي تعتقل شبان وفتيان مقدسيين،بعد ان تروع أسرهم وعائلاتهم وتعيث الخراب في ممتلكاتهم وأغراضهم الشخصية ،وبدلاً من ان تحتفل العائلة أو الأسرة في العيد ،عليها ان تتصل بالمحامي أو ان تهرع الى بوابات مراكز التحقيق في المسكوبية وغيرها،لكي تعرف مصير ابنها او شقيقها او زوجها الذي اعتقله الإحتلال،وهنا لا تعرف معنى لا للعيد ولا للفرح.

أي معنى للعيد سيكون عند أسرة الشهيد ذوي الإحتياجات الخاصة اياد الحلاق الذي  قتلته قوات الإحتلال بدم بارد في منطقة باب الساهرة في مدينة القدس،وحيد هذه العائلة الذي لم يكن يشكل أي خطر على شرطة وجيش الإحتلال،ولكن كونه فلسطيني،فهو في عرف الإحتلال مشروع "إرهابي" حتى يثبت العكس،والمأساة الأكبر بأن كاميرات الإحتلال المنصوبة في كل زقاق وزاوية وشارع في مدينة القدس،بقدرة قادر أصبحت غير عاملة  كأداة توثيق لجريمة قتل الشهيد الحلاق،ولكن لو كان المقتول احد مستوطني الإحتلال أو جنوده او شرطته،فالكاميرات  تكون عاملة وتوثق العملية،كاميرات حساسة ودقيقة جداً،تميز أرقام لوحات السيارات في الشارع،وتميز وجه الشخص المطلوب من بين ألف وجه،أصبحت غير عاملة  يا سبحان الله..؟؟يريدون ان  يخفوا ويطمسوا الأدلة والإثباتات على جرائمهم،فما حصل مع الشهيد اياد الحلاق،حصل مع الشهيد احمد عريقات على حاجز " الكونتينر" القريب من بلدة السواحرة الشرقية،والذي كان متجها الى منطقة بيت لحم لإحضار والدته وشقيقته من إحدى صالونات المدينة للتجميل إستعداداً لفرح شقيقته،ولكن رصاص جيش الإحتلال الغادر كان سريعاً لكي يضع حداً لحياته تحت حجج وذريعة انه حاول دهس جنود الإحتلال،الذريعة دوما ًجاهزة حاول الطعن او الدهس.

الإنسان المقدسي قد يجد نفسه بين ليلة وضحاها بأمر من مسؤول من شرطة الإحتلال او مسؤول مخابرات صهيوني،مبعداً عن الأقصى او البلدة القديمة او مدينة القدس، والتهم جاهزة يشكل خطراً على امن المستوطنين او ما يسمونه بأمن الجمهور العام او أمن دولة الإحتلال،فالمقدسي في عُرف الإحتلال،يجب ان يكون ذليلاً مستكيناً،ويمنع عليه أن يبدي أي مقاومة ضد استفزازات المستوطنين  وجنود الإحتلال او اقتحاماتهم وعربدتهم وزعرنتهم في الأقصى ومدينة القدس،أو منع عملية اعتداء على طفل .

الإنسان المقدسي في ظل انتشار جائحة " كورونا" يجد في كل زقة وحي وشارع من ازقة واحياء وشوارع المدينة وقراها،رجال شرطة الإحتلال  وجنوده وعاملي بلديته منتشرين،ليس من أجل حمايته من جائحة "كورونا" وإرشاده الى ضرورة التقيد بالتعليمات واستخدام الكمامات،بل هؤلاء يعتقدون بان ما تدفعه دولة الإحتلال من أموال زهيدة كمساعدات للمواطنين العرب في المدينة،من الذي أصبحوا بلا عمل،يجب أن تسترده من العرب المقدسيين مضاعفاً،فهؤلاء في عرفهم لا يستحقون هذه الأموال،فحتى لو كان لديك كمامة وموجودة على وجهك فالشرطي يجد له حجه بأنها لا تغطي الأنف،وبالتالي تغرم ب500 شيكل تحت ذريعة عدم الإلتزام بإرتداء الكمامة،في حين نجد شرطة الإحتلال في القسم الغربي من المدينة توزع الكمامات على من ليس لديهم كمامة،وتطلب منهم وضع الكمامات دون تحرير المخالفات لهم أو فرض غرامات عليهم،فهذه "خدمة" خاصة بالمواطنين العرب.

رغم كل معاني الألم والمعاناة التي يحملها العيد للمقدسيين،لكن هؤلاء المقدسيين متسلحين بإرادة البقاء والوجود على أرضهم والدفاع عن قدسهم ،وهم يسرقون لحظات الفرح من عَسف الظلم والإضطهاد الذي يتعرضون له من قبل المحتل،ومن ألم المعاناة التي يعيشونها، وهم يعيشون على أمل أن يأتي العيد القادم ،فلربما يجلب لهم فرحاً بحرية وإستقلال وانتصار على الظلم والطغيان ولقاء بأحبة طال انتظار تحررهم من سجون الإحتلال،أو تحرر جثامين شهداء أحبتهم التي  ما زالت محتجزة في مقابر الأرقام أو ثلاجات مشافي الإحتلال.