القمع الإلكتروني..وسيلة حماس الجديدة للتشهير بالخصوم
تاريخ النشر : 2020-08-01 07:42

عمليات التخريب والتآمر أو الوقيعة، هي في جزء منها عمليات للحرب النفسية تستهدف عادة تقويض الروح المعنوية أو الروابط المجتمعية أو مصداقية الأشخاص أو المؤسسات، وإحدى الوسائل في ذلك هي استخدام الإعلام، فاحتكار الإعلام وفرض وجهة نظر واحدة تعتبر من أهم طرق التأثير المهاجم أو ما يوصف بـ "المخرب" على أفكار المجتمع في الدولة المستهدفة.
ولكن كيف سيتم ذلك في فضاء مفتوح في القرن الحادي والعشرين، هنا يأتي دور "اللجان الإلكترونية" التي تعبث بالرأي العام وتوجهه باتجاه ضيق أو ترهبه لإسكات الرأي المعارض ويتصدر بدلاً عنه الرأي الواحد الموجه، وهذا ما تحاول حركة "حماس" في قطاع غزة فعله الآن من خلال إنشاء صفحات إلكترونية وحسابات وهمية يديرها مجموعة من الأشخاص التابعين للحركة، هدفها الأساسي هو تشويه القامات الاجتماعية التي تمتلك مصداقية لدى سكان القطاع ولكنها تعارض سياسات الحركة التي تسيطر على زمام الحكم داخل القطاع.
"المقصلة" و"الهديل" وغيرها الكثير، صفحات تم إنشاؤها حديثاً على موقع التواصل الاجتماعي، هدفها الأساسي هو إسقاط وتشويه الرموز المجتمعية التي تعيش داخل قطاع غزة أو خارجه وتحاول تشكيل رأي عام معارض لسياسات حركة حماس، بدأت بتشويه الصحفية الفلسطينية نهى أبو عمرو، التي كانت تعمل في مصر خلال فترة سابقة قبل أن تعود إلى قطاع غزة وتمارس نشاطها الصحفي والمعارض من هناك.
الصفحة بدأت بتشويه الصحفية أبو عمرو، من خلال طرح تساؤلات عن حياتها الشخصية السابقة خلال فترة وجودها في مصر، وهو الأمر الذي واجهته أبو عمرو بالتهكم عبر صفحتها بموقع فيسبوك، بأن أجابت بأنها كانت تعمل هناك وكانت تعيش حياة طبيعية مثل بقية البشر في دول العالم.
وأشارت أبو عمرو إلى أن نجاحها في كسب الرأي العام من خلال التوجهات التي تطرحها أثر على حركة حماس، وتسبب لعناصرها و"ذبابها الإلكتروني" ببعض الضيق، وهو ما دفعهم لطرح أسئلة غير منطقية عن حياتي الشخصية التي لا تعني أحداً غيري، "فقد كنت أعيش في القاهرة برفقة أخي وكان لدي حياة طبيعية هناك، وليس من المنطقي أن يتم اتهام فتاة بهذه التهم لأنها سافرت إلى خارج القطاع فقط. من يفعل هذه الأشياء هم الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية مزمنة".
أما عن نائب مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة جميل سرحان، فقد تعرض لحملة شنيعة بعد اتهامه بالتحرش الجنسي وإقامة علاقات غير شرعية مع النساء واستغلال موقعه الوظيفي، وهو أمر عارٍ تماماً عن الصحة. وقد أثار هذا الأمر استهجان المنظمات الحقوقية داخل القطاع.
وفي هذا السياق، أدان مجلس منظمات حقوق الإنسان حملة التشهير الموجهة ضد جميل سرحان نائب مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، والتي تضمنت تشويهاً لسيرته الشخصية وعمله الحقوقي.
وأكد المجلس على تضامنه الكامل ودعمه لسرحان بالوقوف في وجه هذه الحملات التي تأتي على خلفية عمله الحقوقي في الدفاع عن حقوق الإنسان، وكشف الانتهاكات والممارسات التعسفية بحق المواطنين الفلسطينيين.
ومن جانبه قال (م.س) المقرب من سرحان، إن "هذه الحملة التي يتعرض لها جميل سرحان تأتي بعد تعرضه للاعتداء من قبل عناصر حركة حماس في قطاع غزة في وقت سابق، ونحن جميعاً نعلم أن المسؤول عن هذه اللجان الإلكترونية التي تستهدف قامات المجتمع الفلسطيني تابعة لحركة حماس لأنها تعتبر وجود مثل هذه القامات خطر على حكمها خاصة بعد زيادة عدد الحوادث وزيادة نسبة الجريمة داخل القطاع خلال الآونة الأخيرة".
واللجان الإلكترونية هي نشاط على الإنترنت من قبل جماعة أو تنظيم يهدف لنشر مفاهيم معينة أو التأثير على الرأي العام لخدمة قضايا معينة خاصة بأصحاب وقادة تلك اللجان، حتى لو كانت هذه المفاهيم مزيفة أو كاذبة، فمحور اللجان متجرد تماماً من أي التزام أخلاقي أو عقلي، أي أن تلك اللجان هي "بروباجندا" تعمل لنشر الإشاعات والهجمات الإلكترونية والهاكرز والتبليغات في حق الخصوم.
كما لم تتوان تلك اللجان عن اتهام المهاجرين الفلسطينيين في بلجيكا واليونان ومصر بالعمالة لإسرائيل وتنفيذ الأجندات الخارجية التي تحارب "الحكم الإسلامي" كما تصفه الحركة، داخل قطاع غزة.
حيث تم نشر صورهم والتشهير بهم وبعائلاتهم التي تعيش داخل القطاع، ووصل الأمر إلى حد التهديد بالفضائح والصور الخاصة التي حصلت عليها الحركة من هواتف بعض النشطاء الذين تم اعتقالهم قبل أن يغادروا القطاع.
فقد هاجمت اللجان الإلكترونية الناشط الفلسطيني رمزي حرز الله الذي يقيم حالياً في بلجيكا، ووصلته تهديدات من شخص يدعى محمد البرش، يعمل في جهاز الأمن الداخلي التابع لحركة حماس في قطاع غزة، والذي قام بمحاولة ابتزازه بأنه يمتلك مجموعة من الصور الخاصة بعائلته، ما استدعى تدخل عائلة حرز الله لردع هذا الشخص على هذه الإساءة الكبيرة بحق المجتمع الفلسطيني.
وقال حرز الله، إنه يسعى لمحاسبة هذا الشخص المسيء إلى تاريخ عائلته ليكون عبرة لغيره من الأشخاص الذين يعانون من الأمراض النفسية، وكل من تسول له نفسه تهديد أو ابتزاز أي شخص فلسطيني لغاية حزبية.
وأضاف حرز الله، "قررت أن أتوجه بشكوى رسمية ضد المدعو محمد البرش الذي يسكن في مخيم جباليا، لمحاسبته على التطاول على شخصي وزوجتي وتهديدي بنشر صور أهل بيتي كما ذكر في محادثة عبر الفيسبوك وهو بكامل قواه العقلية. نحن نعلم بأننا أشخاص طاهرين وكلنا ثقة بما نفعل في حياتنا اليومية ولن نرضى بكل أشكال الابتزاز حتى لو كان في حالة غضب".
كما عبر حرز الله عن غضبه من استغلال حركة حماس للمساجد في قطاع غزة للتشهير بالمهاجرين الفلسطينيين، حيث تم اتهامه من قبل أحد أئمة المساجد داخل القطاع بشرب الخمر وإقامة علاقات غير شرعية مع النساء في أوروبا، وهو ما أثار استهجاناً في صفوف المجتمع الفلسطيني عن فحوى الخطب التي يقدمها الأئمة على المنابر وكيف يمكن أن يتم اتهام شخص غائب بهذه الاتهامات لمجرد معارضته لسياسات حركة حماس في قطاع غزة.
ومما سبق نكتشف بأن حركة حماس بدأت بتشكيل مافيا إلكترونية لردع كافة المعارضين للسياسات التي تمارسها الحركة داخل قطاع غزة، ما يهدد ببزوغ ظاهرة جديدة على السطح قوامها الفضائح والإشاعات والتشهير بالمعارضين والخصوم بطريقة غير أخلاقية، في الوقت الذي تدعي حركة حماس فيه الفضيلة ومحاولة إنشاء مجتمع إسلامي محافظ داخل القطاع.