فالج العنصرية لا تعالج
تاريخ النشر : 2020-07-21 14:13

العنصرية وباء خطر وقاتل، وهو منظومة تعاليم ومفاهيم وسلوكيات تقوم على تسيد الأنا، ونفي الآخر او تقزيمه وتهشيمه إلى الحد الأقصى، وينتهج اصحاب هذا التيار ممارسات عدوانية تطهيرية على اساس التمييز العرقي او الديني او الجنسي ضد الآخرين، ولا يقبل بحال من الأحوال التساوي او التماثل معهم، ويرفض من حيث المبدأ مبدأ الحوار معهم، وإن تم ذلك لسبب ما قاهر، إنما يعود لبعد تكتيكي مناوراتي لا أكثر ولا أقل. لإن المنظومة الفكرية او العقائدية التي نهل منها، لا تقبل القسمة على اي نوع من التعاون مع الآخر الديني او العرقي او الجنسي، ليس هذا فحسب، بل ترتكز منظومة وعيه على خيار واحد ووحيد، هو النفي، ثم النفي ثم النفي للآخر حتى لو اضاء اصابعه شمع، وقدم نفسسه باجمل وأفضل الصور، وحاول تقديم كل البراهين والمستندات والوثائق على مصداقيته وسلامة مقاصده تجاه الفاشي العنصري. لإن مبدأ التسامح والمساواة ملغى وساقط من حساباته ومنطقه وممارساته.

هنا ساتوقف مجددا عند ما تبجح به جبران باسيل، رئيس التيار غير الحر أول امس بعد لقائه مع المطران الماروني الراعي ضد النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في لبنان، متهما اياهم :كاحد عوامل التفجير في لبنان،  مساويا بينهم وبين الإسرائيليين القتلة وغيرهم من قوى الشر العالمية، فضلا عن المافيات واللصوص وقطاع الطرق من شاكلته في لبنان.

تصريح باسيل جاء ليعمق مواقف وتصريح نزيه نجم، النائب عن تكتل المستقبل، الذي نطق بذات الموقف قبل ايام قليلة، وكانهم نسخة كربونية عن بعضهما البعض، مع انهما من تيارين متناقضين سياسيا على الأقل في اللحظة السياسية الراهنة. لكن خلفياتهم واحدة، وشربوا من ذات المستنقع الآسن، مستنقع العنصرية المسموم. وهذا الجبران الصغير والتافه لا يمثل سوى حثالة الشعب اللبنالني الشقيق، الشعب العظيم، الذي وقف كتفا إلى كتف مع الشعب العربي الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه، ومصالحه الوطنية العليا، وعن الأخوة العربية العربية العميقة، وعن الشراكة الوثيقة في الدفاع عن الكل العربي في مواجهة كل قوى الخيانة والعمالة والتخريب والطائفية والمذهبية واسيادهم من الإستعماريين بغض النظر عن مواقعهم واماكن توجدهم على خارطة الكون.

وليسامحني العديد من ابناء الشعب الفلسطيني ممن إنبروا في الدفاع عن الوجود الفلسطيني في لبنان بذات الإسطوانة القديمة. هذة المقولات السياسية المتعلقة بالتمسك بالوطن وحق العودة، وعن دور الفلسطينيين السياسي والإقتصادي والفني والتربوي والثقافي في لبنان لم تعد تجدي نفعا، وكان ويفترض ان يكون الرد على المهدد للسلم الأهلي اللبناني، وزارع الفتن، ومؤصل عوامل الهدم للبنان الواحد والموحد، والذي يعمل بخطى حثيثة على دفع لبنان إلى حرب أهلية قذرة جديدة، حتى يحمل الفلسطينيين والسوريين الأحرص منه ومن تياره غير الحر والمأجور تبعات المسؤولية لاحقا، وحرف البوصلة عن أدوات الفتنة ليتم توجيه بنادق الموت لصدروهم ولمخيماتهم بهدف تصفية الوجود الفلسطيني والسوري في لبنان تمريرا لعملية سياسية ابعد واعمق فتح فوهة بركان الحرب الأهلية القادمة، كان يفترض ان يكون الرد  بخطاب واضح البيان واللسان، ان الفلسطينيين والسوريين العرب سيبقوا في لبنان أخوة اعزاء على ارض لبنان الشقيق إلى ان تحل قضاياهم، ولن يغادروه إلى أي مكان آخر إلآ لإوطانهم حين تزول الأسباب والدوافع التي حذفتهم لبلدهم الثاني لبنان، وسيعملون بكل ما لديهم من إمكانيات للدفاع عن لبنان السيد المستقل الواحد والموحد، ولن تفت بعضدهم المواقف العنصرية الحقيرة المكشوفة والمفضوحة المرامي والأهداف.

وعلى القوى اللبنانية صاحبة المصلحة بالدفاع عن لبنان العربي السيد والمستقل، والمنحاز لقضايا الأمة العربية، والعدالة السياسية الإنسانية، ولجانب مواقف وخيار الشرعية الدولية وحقوق الإنسان، الرافضون لنظام المحاصصة الطائفي والمذهبي، والمناضلون من اجل لبنان المواطنة، والحقوق المتساوية، ان يردوا بقوة على طرح العنصريين الفاشيين امثال جبران باسيل ونزيه نجم ومن لف لفهم من مرتكبي المجازر الوحشية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني. لإن فالج العنصرية لا علاج له سوى فناءها، ودفنها في تربة بعيدة عن ثرى لبنان، خشية ان تعود مجددا وتهدد سلمه الأهلي.

الصمت على ما اعلنه رئيس التيار غير الحر وقبله نائب تيار المستقبل جريمة، وتواطؤ معلن، ولا يجوز تبرير الصمت باسم الديبلوماسية، أو اللجوء لمحاولة دغدغة العواطف، وبوس اللحى، هذة سياسة فاقدة الأهلية، وتؤتي ثمار فاسدة، وتخرب أكثر مما تعمر. لذا يتوجب الرد بقوة على باسيل الأزعر، وبالطريقة التي تليق بالعنصريين المجرمين.