خلق بيئة حامية من خطاب الكراهية، ودعم حرية التعبير هذا ما يحتاجه مجتمعنا الفلسطيني.
تاريخ النشر : 2020-07-13 21:43

علمونا منذ الصغر أن الاختلاف لا يفسد للود قضية ولكنهم اختلفوا فخسرنا من جراء هذا الاختلاف الكثير الكثير.

بتخطيط متقن كما يتم صناعة أدوات التجميل والملابس والعطور تم صناعه وتشكيل خطاب الكراهية ، لم يكن هذا الأمر بمحض الصدفة وإنما خطط له قبل فترة الانقسام بشكل ممنهج ليبدأ بمرحلة تبادل التهم والشتائم واستخدام العنف اللفظي والجسدي في الكثير من الأحيان.
يعرف خطاب الكراهية حسب قانون الجرائم الإلكترونية بأنه" كل قول أو فعل من شأنه أثارة الفتنة أو النعرات الدينية أو الطائفية أو العرقية أو الإقليمية أو الدعوة للعنف أو التحريض عليه أو تبريره أو نشر الإشاعات بحق أي شخص من شأنها الحاق الضرر بجسده أو ماله أو سمعته."

والمؤسف أن أول من عزز خطاب الكراهية في داخل المجتمع الفلسطيني هي الفصائل الفلسطينية خصوصا في فترة الانقسام وما تلاها. هذه الحالة شُكلت بأيدي القيادات وعُززت من خلالهم في نفوس أفراد المجتمع مستغلين بذلك الفضائيات والإذاعات والقنوات التنظيمية والإعلام الحزبي ووسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الفيس بوك كونه أكثر الوسائل انتشاراً في المجتمع الفلسطيني، فبحسب ما قاله خبراء ومختصون في مجال تكنولوجيا المعلومات أن عدد مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في فلسطين بلغ مليون و700 ألف مشترك.

وبحسب الخبراء الذين شاركوا بورشة عقدت بعنوان "مواقع التواصل الاجتماعي ما بين الإيجابيات والسلبيات"، تعد الفئة العمرية ما بين الـ21 و25 عاما الأكثر استخداما لمواقع التواصل الاجتماع

ولم يكن وجود هذا الكم من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي بمحض الصدفة ولكن بسبب الفراغ الذي يعانوا منه نتيجة تفشي البطالة بين الخريجين حيث أوضح جهاز الإحصاء الفلسطيني المركزي في عام 2019 أن التفاوت ما زال كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ المعدل 45٪ في قطاع غزة مقارنة بـ 15٪ في الضفة الغربية.

لقد ضُخت مصطلحات الكراهية وتعزيز الانقسام ليتلقاها المواطن الفلسطيني بشكل ممنهج مباشر وغير مباشر من خلال أشخاص وفصائل وحكومات متناحرة وإعلام حزبي موجه ما شَكل حالة فلسطينية غريبة أدت الي انهيار المنظومة التربوية والاجتماعية والأمنية وظهور أنماط وثقافات جديدة، ولهذه الخطابات جوانب سلبية تتمثل بأضعاف المجتمع وتدميره وزرع بدور الخوف والكراهية وانعدام الثقة بالنفس وهذا ما بدأنا نلمسه يوميا من خلال سلوكيات أفراد المجتمع السلبية وولادة العديد من السلوكيات والقيم والثقافات الغريبة عن واقعنا الفلسطيني وانتشار العنف والجرائم وظواهر كثيرة مثل الانتحار والسرقة وتبادل الاتهامات ونشر الكراهية بين أفراد المجتمع .

وحتى نحد من استخدام خطاب الكراهية لابد من الاعتراف أننا نعيش في أزمة متكاملة الأركان ، وان إدارة هذه الأزمة لا يأتي إلا من خلال تدريب فريق فلسطيني متكامل مؤمن بخطورة وجود مثل هذا الخطاب ، على أن يتحدد دور الفريق في الرصد والمراقبة والتدوين والإبلاغ عن أي شخص أو مؤسسة أو جهة أو تنظيم يسعى لنشر خطاب الكراهية في المجتمع الفلسطيني مع ضرورة ملاحقة المخطئين قانونياً.

ولقد كان المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات السباق في ذلك فأعلن عن انطلاق مشروع بعنوان "بيئة حامية من خطاب الكراهية ودعم حرية التعبير في الضفة الغربية وقطاع غزة " بالشراكة مع مؤسسة فلسطينيات وبتمويل من الاتحاد الأوروبي ، ليهدف المشروع الذي سيستمر 36 شهراً الي المساهمة بفعالية في تطوير بيئة حامية من خطاب الكراهية ودعم حرية التعبير في قطاع غزة والضفة الغربية، وتطوير مأسسة المشاركة المجتمعية فيما يتعلق بالتصدي لخطاب الكراهية وتعزيز حرية التعبير في غزة والضفة بحلول نهاية عام 2022.

وسيتم العمل من خلال هذا المشروع مع 30 مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني في غزة والضفة لمواجهة خطاب الكراهية من خلال مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأنشطة تستهدف شرائح مجتمعية مختلفة مثل تشكيل فريق لرصد خطاب الكراهية، وتشكيل شبكة فلسطينية ولجنة توجيهية ولجنة متابعة لتحديد آليات واستراتيجيات فاعلة لمناهضة خطاب الكراهية ودعم حرية التعبير. وسيتضمن المشروع أنشطة وتدريباً حول آليات رصد خطاب الكراهية.

بالإضافة إلى عقد لقاءات مفتوحة مع طلبة الجامعات، وأنشطة توعوية مع طلبة المدارس وحملات مناصرة مناهضة لخطاب الكراهية وداعمة لحرية التعبير، أضافة الي تصميم تطبيق لتقديم شكاوى وبلاغات تتعلق بخطاب الكراهية وهاتف مجاني لتلقي الشكاوى والبلاغات وكذلك منصة إعلامية تتيح الفرصة للمهتمين بالتعبير عن أفكارهم.

نحن بحاجة الي مثل هذه المشاريع التي تعزز روح التسامح، وبحاجة اكثر الي الاستعانة برواد الإعلام المجتمعي للاستفادة منهم في خلق خطاب إعلامي وحدوي بعيد عن الحزبية والكراهية وداعم لحرية التعبير ومناصر لقضايا المجتمع الإيجابية.
ختاما:

يا أحرار الوطن نحن بأمس الحاجة إلى تبني هكذا مشروع إضافة الي المساهمة في تعزيزه من خلق صياغة برنامج وطني شامل لتعزيز السلم الأهلي وخلق بيئة حامية من خطاب الكراهية والعنف. للقضاء على الفرقة وطي صفحة الانقسام بين شقي الوطن.

تطبيقا لقوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103). صدق الله العظيم