سياسة نتنياهو الخرقاء وخطوات إلى الوراء
تاريخ النشر : 2020-07-13 16:27

عندما قررت «اسرائيل» تنفيذ مخطط الضم الاستعماري ومصادرة ما مساحته 30% من اراضي الضفة الغربية, ظنت ان هذه المخططات ستمر دون ردات فعل حقيقية من الشعب الفلسطيني, مراهنة على موقف الادارة الامريكية الذي يتبنى مخطط الضم, وعلى موقف العديد من الدول العربية الموافقة على ما تسمى بصفقة القرن والمؤيدة لسياسة الضم الاستعماري, وانشغال العالم عن سياسة الاحتلال التوسعية واطماعه العدوانية وايلاء الاولوية لمواجهة وباء كورونا الفتاك الذي يجتاح العالم والذي يحصد الارواح حصداً فهناك اكثر من ستمائة الف سقطوا ضحايا لهذا الوباء , وادى الى حالة انهيار اقتصادي في العديد من دول العالم, خاصة الدول الكبرى التي تأثرت بشكل كبير بهذا الوباء, نتنياهو دفعه غروره للمجازفة بطرح صفقة القرن, والتعهد للإسرائيليين بتنفيذها مهما كلفه ذلك من ثمن, وعندما بدأ بتحديد موعد تنفيذ الضم, فوجئ برفض من داخل حكومته تزعمه ما يسمى بنائب رئيس الوزراء ووزير الحرب بيني غانتس ووزير الخارجية غابي اشكنازي, كما رفضت الادارة الامريكية اعطاء نتنياهو اشارة البدء بتنفيذ مخطط الضم لغور الاردن وشمال البحر الميت, وتوسيع المستوطنات وتواصلها مع بعضها البعض, وهو ما ادى الى تراجع نتنياهو عن لحظة بدء الضم, وهذا الموقف أحرجه أمام اليمين الصهيوني الذي تعهد لهم نتنياهو بتنفيذ الضم تحت أي ظرف كان.

صحيفة يديعوت احرونوت العبرية علقت على سياسة نتنياهو بالقول «لا يحظى بنيامين نتنياهو بأي قبول حول فتره عهد رئاسته، حيث يعتبره البعض مؤذياً للإسرائيليين، ويتصرف بشكل منهجي من أجل مصلحته، وأن فترة حكمه ترك خلالها قنابل موقوتة على طاولته, وأفاد أكاديمي «إسرائيلي» أن نتنياهو زعيم إسرائيلي، لكنه يؤذي الإسرائيليين، لأن العقد الزمني الذي قاد فيه الدولة لن يمنع التاريخ من الحكم عليه بشدة، لأنه يتصرف حاليا بشكل منهجي من أجل المصلحة الشخصية، ولذلك تم اجتياز هذا العقد لدولة إسرائيل بشكل حاد», نتنياهو وضع على الاجندة الاسرائيلية ثلاثة ملفات كبيرة لم يستطع ان يثبت أي قدرة على تحقيق أي انجاز فيها سواء وباء كورونا الذي فشل نتنياهو بمعالجته، واصبح خارج نطاق السيطرة وينتشر بشكل غير مسبوق بين الاسرائيليين؛ فيما الاقتصاد الاسرائيلي يعاني من الضعف والتهاوي والازمة الاقتصادية داخل الكيان الصهيوني تتفاقم بشكل كبير, واثارت حالة من القلق لدى الاسرائيليين, كما أن «نتنياهو فرض على أجندته قرارا مصيريا لضم الضفة الغربية، الذي يتطلب من مؤيديه أن يستعدوا لعواقبه المحتملة، بما في ذلك تعريض الاستقرار الأمني للخطر، وزعزعة العلاقات مع دول الجوار ودول أوروبية، وكل واحدة من هذه الجبهات تعد دراما ملحمية بحد ذاتها، لأنها تصيب «إسرائيل» الدولة والمجتمع في لحظة صعبة وخطيرة.

نتنياهو الذي يقود حكومة ائتلافية هشة، يخاطر «بإسرائيل» لأجل تحقيق مصالح شخصية, فما يسمى بالمدعي العام الصهيوني وجه لنتنياهو تهماً خطيرة, فقد استخدام وسائل إجرامية, لدرء الادعاءات ضده، وزعمه بالتصرف بطريقة تعبر عن تضارب المصالح، برغبة شخصية منه لمنع التعرض لأفعاله وقضايا الفساد التي يعاني منها, وهذا كان له انعكاسه السلبي على شعبية نتنياهو ونظرة الجمهور الصهيوني اليه, ورغم ذلك بات نتنياهو يهدد بإسقاط الحكومة واجراء انتخابات جديدة فيما اعتبر وزير الحرب الصهيوني بيني غانتس بأن إجراء انتخابات مبكرة أمر “غير مسؤول” وسيئ للغاية” بالنسبة «لإسرائيل» في الوقت الراهن مضيفا « لقد انضممت إلى الحكومة (بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو) من أجل منع الذهاب لانتخابات رابعة أنا لا أخشاها، فقد خضت ثلاث انتخابات بالفعل، ولكني أعتقد أنه يجب في هذه المرحلة الابتعاد بإسرائيل عن انتخابات جديدة», وقال غانتس إن أهم القضايا لإسرائيل في هذه المرحلة هي مواجهة فيروس كورونا، والأزمة الاقتصادية، والانقسامات في المجتمع الإسرائيلي، وأمن الدولة, وان الضم ليس اولوية الان وهذا الذي دفع نتنياهو للقول: ان الضم لا يستدعي موافقة ازرق ابيض, وان ترامب، هو من أوقف خطة «الضم».

رئيس الكنيست الصهيوني السابق، إبراهام بورغ، وصف ترامب ونتنياهو بأنه يملكهما جنون النرجسية، عديما الضمير والأخلاقيات، مستعدان للانقلاب على أي شخص فقط لإنقاذ نفسيهما، والحفاظ على السلطة وأوضح انه «من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، وضع توقعات حول سياسة الضم، لأنه لا توجد شفافية في هذه الخطة, ولا أحد يعرف ذلك بالتفصيل», وهذا يمثل انتقاداً واضحاً وصريحاً لسياسة نتنياهو الخرقاء الذي يغامر بمواقفه مدفوعا بتحريض ترامب, ويبدو ان هذا انعكس عليه بالسلب وأثر على شعبيته بين الإسرائيليين, لهذا فقد تراجع نتنياهو خطوات الى الوراء.