اسرائيل تدمر حياتنا وتريد اعادة صياغتها من جديد
تاريخ النشر : 2014-07-31 15:53

يثار الضجيج الاعلامي في اسرائيل عن ان الحرب في ايامها الاخيرة وقد استنفذت، و بات التوصل الى وقف اطلاق نار مسالة وقت وصياغة بعض المسائل والاتفاق عليها، منذ عدة ايام عدد من الوزراء في الحكومة الاسرائيلية والمعلقين ووسائل الاعلام الاسرائيلية تفصل في الحديث عن اعادة بناء قطاع غزة وتقديم التسهيلات الاقتصادية والعمل على رفاه الناس من ما دمره الانتقام والحقد الاسرائيلي. وما قاله وزير الخارجية الاسرائيلي افغيدور ليبرمان \"أهم شيئ في المستقبل هو اقامة آلية مراقبة عملية ترميم وإعادة بناء غزة رقابة تضمن وصول الاموال ومواد البناء الى هدفها الصحيح وحرمان حماس من إستغلالها\".

المضحك المبكي ان اسرائيل التي دمرت وقتلت وخربت تريد اعادة صياغة حياة الناس وبناء غزة من جديد، ومن الذي يحكم وكيف يحكم، وفجأة اكتشفوا ان ابو مازن هو الحل ويجب تمكينه من العودة الى غزة، كل ذلك بعد صمود الفلسطينيين والمقاومة، و فشل اسرائيل في كسر ارادتهم وكي وعيهم و تفكيك حكومة الوفاق الوطني المطلوب منها العمل الكثير من اجل غزة.

منذ بداية العدوان تبرعت كثير من الدول العربية واستعدت دول اخرى لإعادة اعمار غزة، وهناك من يدعو الى عقد مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد في العام 2009 على اثر عملية الرصاص المصبوب لإعادة إعمار غزة، وعقد الاسبوع الماضي مؤتمر في باريس من اجل البحث في التوصل الى اتفاق وقف انار وإعادة اعمار القطاع. وسنسمع خلال الايام القادمة عن حجم الاموال التي ستضخ الى القطاع، وستنشئ صناديق للمساهمة في إعادة إعمار القطاع من الدمار الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية.

منذ اتفاق الشاطئ وتشكيل حكومة الوفاق الوطني الناس خاصة في القطاع لم يشعر بإتمام المصالحة، نظراً لأن أسباب الخلاف والهوة بين طرفي الانقسام، كما ان الناس في غزة لا يثقون في المجتمع الدولي والسرعة المطلوبة في إعادة إعمار غزة، والاتهام الموجه له بمنح الشرعية لنتنياهو بضرب غزة و التواطؤ من خلال صمته وتبريره لحاجات إسرائيل الأمنية قبل العدوان وبعده.

الضحايا من الفلسطينيين لم يفيقوا بعد من هول ما جرى ولا يزال يجري لهم، و يبحثون عمن يقدم لهم المساعدات التي تساعدهم في الحصول على آماكن تأويهم، والعدوان لا يزال مستمر، وعلى رغم التفاؤل الحذر الذي يبديه الفلسطينيون في القطاع إزاء كل هذه الاحاديث والوعود التي تطلق، فيما لا يزال نحو 250 ألف منهم مشردين بلا مأوى في ظل ظروف انسانية صعبة وقاسية جداً، وآلاف المنازل دمرت وآلاف اخرى تضررت بالإضافة الى المصانع والمنشات المدنية والمساجد ودور العبادة والمدارس. إن عملية إعمار غزة تحتاج إلى ورشة كبيرة ستمتد لعدة سنوات وبحاجة الى كل الجهود، في عملية إعادة الأعمار، فالضحايا من الفلسطينيين لديهم تجربة سابقة من عملية الاعمار والوقت الطويل الذي اخذته.

ويتساءلون: يمكن أن تعيد الأموال الأوروبية والأميركية والعربية بناء ما بناه في السابق الأميركيون والأوروبيون، ودمرته أسلحة الطرفين! لكن هل يمكن أن تعيد هذه الأموال إلى الفلسطينيين \"الأرواح\" التي حصدتها قوات الاحتلال؟!!

وهل يمكن أن تعوض هذه الأموال العذابات والمعاناة التي عانها مليون و 800 أف  فلسطيني في القطاع، وأكتر منهم في الضفة وملايين البشر عبر العالم المتضامنين معهم، بمن فيهم أوروبيون وأميركيون؟!

إن المشكلة لدى الفلسطينيين ليست في عملية الأعمار ومن يقوم به، بل في استمرار الاحتلال، وعدوانه على الفلسطينيين، ولن يفيد إعمار غزة من دون أن تعترف إسرائيل بحقوق الفلسطينيين والانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ومن غير المعقول أن يستمر الصمت و التواطؤ العربي و كذلك المجتمع الدولي في صمته وتفهمه للحاجات الأمنية لإسرائيل، وتبرير ذلك بقتل الآلاف من الفلسطينيين وتدمير منازلهم وممتلكاتهم، من دون أن يأخذ المجتمع الدولي على عاتقه ليس فقط إعمار غزة، بل تحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية عما لحق بهم على مدار سني نكبتهم، خاصة وأن الفلسطينيين يحملونه الجزء الأكبر من مأساتهم المستمرة منذ 60 عاماً.

وعليه، فإن المجتمع الدولي لا يمكن له أن يستمر في تبرير ارتكاب إسرائيل جرائمها، والهروب من التزاماتها الأخلاقية والقانونية والسياسية في تعمير ما تدمره آلة الحرب الإسرائيلية، ويعيد تعميره.