فرص عمل للشباب وخطاب ثقافي في مواجهة ظاهرة الانتحار
تاريخ النشر : 2020-07-06 15:33

توالت حوادث الانتحار بين فئة الشباب في قطاع غزة المحاصر دون الدعوة من الذين يهتمون بحقوق الإنسان في فلسطين إلى عقد أي فاعلية لدراسة هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة والخروج بتوصيات يكون  لها الأثر البالغ في توجيه الشباب وجهة سليمة بعيدا عن ممارسة هذه الظاهرة العدمية الكارثية ...إزاء انتشار حوادث الانتحار حيث تتناقل الأنباء في  كل يوم عن حادث مؤلم مبكي لشاب في مقتبل العمر فارق أفراد  أسرته واصدقاءه مما يثير في النفس مشاعر حزن جياشة.

إزاء هذه الحوادث لا بد من الاعتراف بأن  الإحساس بفقدان بهجة الحياة في قطاع غزة هو الذي  يدفع الكثير من الشباب الغزي  اما إلى الانتحار كما حصل في هذا الاسبوع حيث أقدم أربعة من الشبان على الانتحار بطرق ووسائل مختلفة وأما للهجرة للخارج إلى تركيا ومنها إلى اليونان وغيرها وخلال هذه الرحلة يواجهون الصعاب ويموت أو يضيع منهم الكثيرون وبذلك تصبح الهجرة شكل آخر  ايضا  من أشكال الانتحار بهدف  الهروب من الواقع السياسي والاقتصادي البائس و المؤلم .. الحقيقة هي  إن ظاهرة الانتحار في القطاع يتحمل مسؤوليتها بشكل رئيسي أولا  النظام السياسي الفلسطيني الذي لم يوفر حلولا اقتصادية لفئة الشباب فظلوا يعيشون على هامش المجتمع خارج نطاق بحبوبة العيش  في اطار حياة  البطالة يعانون خلالها هم وأسرهم اذا كانوا متزوجين  من  شظف العيش وقسوة الحياة الاجتماعية مما يدفعهم ذلك  إلى الشعور بالضيق النفسي والاكتئاب والانكفاء على الذات بعيدا عن إقامة علاقات اجتماعية سليمة  وكذلك  البحث عن وسائل رزق غير مشروعة اخلاقيا.

  لذلك   فالمطلوب من هذا النظام السياسي خاصة من الذي يتولى الحكم في القطاع   مواجهة هذه الحالة النفسية البائسة  بتوفير  الحلول  العملية كفرص العمل لهذه الفئة العمرية الكبيرة  القادرة على الإنتاج حتى تتاح لأفرادها وهم يشكلون الأكثرية من حيث تعداد السكان ان ينعموا بحياة طبيعية كباقي السكان .. كذلك  فان البحث عن الحلول لمعالجة هذه الظاهرة الاجتماعية  والحد من تفاقمها وانتشارها يدفعنا إلى الاعتقاد بأن لها علاقة وثيقة  كذلك  بمظاهر  التخلف الحضاري العديدة التي ما زالت راسخة في المجتمع والتي يتم التعبير عنها يوميا  بممارسة سلوكيات خاطئة منفرة  الأمر الذي يجعل من  تعميم الثقافة الوطنية بين صفوف الشباب هو أحد الحلول الهامة الناجعة  التي يجب القيام بها وهي مهمة سياسية ووطنية تقع بالدرجة الأولى على مسؤولية الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية والمؤسسات الثقافية الاخري في المجتمع المدني وذلك   بالنظر اليها كجزء من التعبئة السياسية الوطنية حيث على الشباب تقع دائما  مسؤولية الدفاع عن الوطن ضد ما يتعرض له من مخططات تدميرية.

إنه من الضروري الآن توجيه خطاب ثقافي تقدمي من شأنه الوقوف ضد هذه الظاهرة  حتى تستطيع هذه الفئة الاجتماعية  الهامة  في المجتمع  مواجهة صعوبة الحياة المعيشية  دون اللجوء للحلول العدمية والكارثية المنتشرة بشكل مقلق مزعج   في المجتمع الغزي.