هل تراجع نتنياهو عن الضم
تاريخ النشر : 2020-07-02 15:54

مخطئ  من كان يظن ان القوة مهما كانت لا حدود لاستخدامها، وهو ما ينطبق  على "نتنياهو"، فمهما بلغ من قوة عسكرية الا ان فرضها على الطرف الضعيف هنا، وهم الفلسطينيون لها حدود لا يمكن القفز عنها.

فحقيقة ما جرى هو ان "نتنياهو" تراجع تكتيكيا وليس جوهريا،  وبنسب معينة عن موضوع الضم، نتيجة ردود الافعال المتوقعة لعملية الضم، فغزة وبرغم حصارها وادراكها للثمن الكبير الا انها هددت بان الضم هو بمثابة اعلان حرب، وارسلت رسالة تهديد مباشرة باطقلا 24 صاروخ بلغ مدى احداها 230 كيلو متر، وسيرت مظاهرات بعشرات الالاف.

قرار الضم لم يلغَ ولم ينتهي ولن يطبق حالا وسريعا، فالحكومة "الإسرائيلية "وجيشها يواصلون الاستعدادات لتنفيذه على الارض، وما جرى هو ان "نتنياهو"  ادرك حجم الغضب من قرار الضم، فراح يناور بالحديث عن المفاوضات وأكذوبة تبادل الأراضي.

وحدة الموقف الفلسطيني في الضفة وغزة، وان كان بشكل اقل في الضفة، وخشية الاحتلال  من حرب  مع غزة، وانتفاضة في الضفة، وتردد حلفاء "نتنياهو" وشركاؤه في الحكومة، ومخاوف امريكا الداعم الرئيس لعملية الضم من ردود افعال غير محسوبة، كل هذه العوامل جعلت حكومة "نتنياهو" ان تتريث، لتبقى فكرة الضم قائمة ولكن توقيتها وتكتيكاتها لها الاولوية.

صحيح انه هناك من يقول ان عملية تأجيل الضم هو عبارة خدعة أميركية "إسرائيلية"،  ولا تستهدف إلغاء الضم، ولا التغيير في جوهره، ولكن كيفية الإقرار به عبر تكتيك مضلل، وهذا تحليل واقعي، وهو نتاج للتوقعات والثمن الذي سيدفع مقابل الضم.

مؤتمر مشترك لحماس وفتح لرفض عملية الضم، وجاهزية الكل الفلسطيني بأن يحتشد في مواجهة صفقة القرن ومشروع ضم الضفة الغربية المحتلة؛ تعتب رفرصة ذهبية لقادة حماس وفتح للتوحد ورص الصفوف.

نجاح الفلسطينيين المؤقت في رفض عملية الضم، يدفع لاحقا لتحرير الأرض، وعودة اللاجئين، وتحرير القدس، إضافة إلى تحرير الأسرى الأبطال والأسيرات البطلات، وهي أهم العناوين والرمزيات والمكونات الأساسية للقضية الفلسطينية.

على وجه السرعة قبل فوات الاوان، وهذه الفرصة والمفرق التاريخي، مطلوب فلسطينيا تحويل القرارات التي أُخذت في المجلسين الوطني والمركزي في السنوات الماضية إلى فعل جدّيّ وحقيقيّ؛ مثل وقف العمل بالاتفاقيات مع الاحتلال، ووقف "التنسيق الأمني"، ووقف العمل باتفاقية باريس.

ما جرى  من وحدة وطنية تجلت في مظاهرة قطاع غزة ضد الضم والتي جرت تحت علم واحد، العلم الفلسطيني، كما جرى في مظاهرات الضفة الغربية والداخل، يدعوننا لسرعة استثمار اللحظة التاريخية الفارقة دون تردد.

الوقت حساس، والزمن يجري قدما بقوة وسريعا، ولا مجال لقادة القوى الفلسطينية ان يبقوا غير صانعين للحدث، ويتلقوا الضربات فقط دون حراك، وحان الوقت للوحدة، والاتفاق على برنامج موحد، فثمن الوحدة والبرنامج الموحد، اقل بكثير من ثمن مواصلة الخلافات، التي يستفيد منها "نتنياهو"، فهل اتعظنا وسارعنا للوحدة.