الدم الفلسطيني ليس مسارا لـ\"تبييض\" مواقف البعض السياسية!!
تاريخ النشر : 2014-07-30 09:18

كتب حسن عصفور/ رغم أنه كان من أكثر الأيام دموية ودمارا، فقد كان يوم الثلاثاء 29 يوليو ( تموز) اكثر ايام الحرب العدوانية فوضى سياسية، ليس في فلسطين وخاصة \"بقايا الوطن\"، لكنه طال ايضا دولة الكيان وراعيها الأساس امريكا، ومرت على قطر وأنقرة، وكأن المسألة من يسابق الآخر في بث مشهد الفوضى قبل الآخر وأكثر منه..

خلال مكاملة هاتفية مع القيادي البارز في حركة الجهاد الاسلامي ونائب امينها العام زياد نخالة، تحدث بغضب \"جارف\" عن حالة التخبط والفوضى التي تطبع الأداء السياسي، وقال أن البعض لا زال يتجاهل بأن \"الوقت من دم\"، و\"ليس من ذهب\" كما قيل في امثالنا القديمة، مقولة انتزعها من بين عبارات تعليقا له عما حدث من مسألة تشكيل \"الوفد الموحد\" و\"اطلاق تهدئة انسانية\"..

بعد أن صدر بيان باسم \"القيادة الفلسطينية\"، وإن اصبحت التسمية قاصرة ومنقوصة، لغياب حركتي حماس والجهاد الاسلامي عنه، ما يفقده كثيرا من حقيقة التسمية، لكن تلك ملاحظة لها مكان لاحق، الا أن البيان الذي اعلن عن تشكيل وفد موحد للذهاب الى القاهرة، وطلب هدنة انسانية لمدة 24 ساعة، تمتد الى 72 ساعة لو تدخلت الأمم المتحدة، ولم تمض دقائق معدودة ليخرج ناطق باسم حماس يعلن رفضه لما ورد، ويتحدث بلغة اعتقدنا انها باتت خلفنا، من شاكلة من يمثل هذا أو ذاك، كلمات تخرج عن عقلية متغطرسة الى ابعد الحدود، لا ترى حقيقة المشهد من مختلف جوانبه، وتعتقد انها اصبحت سيدة القرار الفلسطيني العام..

ومع ان قيادي حمساوي آخر رحب ببيان القيادة وكشف أن خالد مشعل رئيس مكتب الحركة السياسي، ابلغهم بالجهود المتفق عليها مع الرئيس عباس، الا ان الأهم ما كشفه لاحقا للنفي الحمساوي لبيان القيادة وخاصة ما يتعلق بالتهدئة الانسانية لمدة 24 ساعة، وزير خارجية تركيا من ان حماس أوكلته البحث عن هدنة مع اسرائيل، ويقوم بالتنسيق مع قطر واميركا من أجل ذلك، وتكشف الاذاعة العبرية، أن اردوغان ارسل فعلا مندوبا عنه الى تل ابيب لبحث ذلك..

لم تكن حماس بحاجة للقيام بتلك \"الهزلية\" الصغيرة، إذ يقوم رئيسها مشعل الاتصال بالرئيس عباس ويتفق معه على خطوات محددة، وبعد ذلك يترك لبعض من حماس الخروج للظهور بدور \"سي السيد\" في حين يرسل لتركيا وقطر وواشنطن الرسائل الخاصة لفعل تهدئة، هل كان القصد هو السخرية من الرئيس و\"الاطار القيادي\" أم انها لعبة من العاب منح مساحة أكبر لمحور لم يعد له من هدف سوى ركوب الدم الفلسطيني والدمار العام لتنفيذ أجندة سياسية ضد مصر والشرعية الفلسطينية، والتي لا يمكن اغفال هزالة ردة فعلها وطريقة أداءها السياسي المصاب بكآبة لا حصر هلا..

لكن التلاعب في ظل زمن البحث عن سبل وقف العدوان ورفع الحصار، لا يمكن اعتباره الا سلوكا معيبا وخائبا، ويجب ان ينتهي وبلا رجعة، كونه يتجاهل ان \"الوقت من دم\" وفقا لوصف القيادي زياد نخالة، وأن تكف بعض الأطراف عن تلك الحركات \"البهلوانية سياسيا\"، وعليها أن تقرر بوضوح سبلها لتحقيق وقف العدوان ورفع الحصار، لو كانت فعلا تريد ذلك، وليس البحث بكل الطرق عن اطالة أمد الحرب العدوانية اعتقادا أن ذلك يخدم اهداف جماعة تعتقد أن اسالة دماء اهل قطاع غزة هو ثمن لسيطرتها السياسية القادمة..لعبة سياسية قذرة لا أكثر..

لقيادة حماس الحرية المطلقة أن تختار من تشاء لتسيير حركتها وموقفها، شرط ألا تستمر بالتلاعب بين هذا وذاك، والرقص على دماء شعب لن يغفر يوما لساسة بحثوا عن مصالحهم واعتبروها فوق الجميع..لتختار قيادة حماس كلها أو بعضها محور واشنطن الدوحة وأنقرة، وتعلن بشجاعة وصراحة أنها لا تريد بديلا عنه، وهو دون سواه ممثلها السياسي وينوب عنها في التباحث في مصيرها المقبل مع دولة الكيان..اما التلاعب بين الحبال، فلن يخدم لا شعب فلسطين ولا مستقبل حماس..

وما دامت قيادة حماس تعتقد انها اصبحت السيد العام، وكما يقول اعلامها واعلاميها أنهم لا يثقون في \"سلطة الانقلاب\" كما يصفون مصر اليوم، أو أن الضفة تثور ضد السلطة وتريد اسقاطها وفقا لخبراء ومحللي حماس المتحدثين في وسائل اعلام متنوع، فلتذهب منفردة ومن يرغب معها لتقرر وقف العدوان ورفع الحصار وفرض الشروط التي تستطيع، ولها المجال ايضا أن تسقط \"كل الشرعيات الا شرعيتها\" هي ومن يحب ان يكون تحت ردائها الجديد..

اما الحديث عن استخدام كل السبل وتعدد مصادر الاتصال فهي لعبة لن تنتهي بخير ابدا لشعب لا يستحق دمه ان يصبح مجالا للإتجار أو لـ\"تبييض\" مواقف سياسية لهذا أو ذاك، وتذكروا دوما مقولة اجدادنا الصادقة والصائبة أن \"كثرة الطباخين ستحرق الطبخة\"..كفى لمسخرة استمرارها سيحرق وطنا وقضية!

ملاحظة: خطاب قائد القسام محمد الضيف قد يصبح درسا للساسة وبشكل خاص ساسة حماس..وضوح واختصار ومباشرة..لا لف ولا دوران..قال ما يجب أن يقول والكل فهم ما يقول، خلافا لمن يقول ولا يفهم أحد ما يقول!

تنويه خاص: مطلوب من الرئيس محمود عباس ان يمارس شرعيته فعليا في قطاع غزة، وان لا ينتظر مساحة دور تمنح له، البداية من المصيبة الانسانية..ابحث مع مصر والجامعة العربية ما يجب لفعل ذلك..المصيبة أكبر مما يظنون!