اجتماع أمريكي لإنقاذ نتنياهو
تاريخ النشر : 2020-06-22 07:39

الفرق في الموقف بين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس عن تنفيذ خطة الضم ليس شاسعا, انما يتعلق فقط بآلية التنفيذ, نتنياهو يسابق الوقت كي يبدأ بتنفيذ مخطط الضم الذي توافق به مع الادارة الامريكية وهو مستعد ان يتحمل النتائج مهما كانت, ويريد ان يحسب هذا الانجاز لنفسه وخلال فترة ولايته بعد ان نجح في اقناع الادارة الامريكية بخطة الضم كما ارادها, بينما غانتس الذي يتمسك ايضا بخطة الضم, يريد تمرير هذا المخطط بتوافق مع دول الاقليم وخاصة الدول العربية, وبمحاولة اقناع السلطة الفلسطينية بالموافقة على الضم من خلال اغرائها بالفتات, والحديث عن امكانية حل الدولتين, ومحاذير بيني غانتس الحاضرة في ذهنه ان تندلع انتفاضة شعبية في وجه الاحتلال, و"اسرائيل" بمؤسساتها العسكرية والامنية غير مستعدة للحرب في هذه الفترة لانتشار فيروس كورونا, ولتأثر اقتصادها بالجائحة, وعدم قدرة الحكومة الصهيونية السيطرة على الجبهة الداخلية الضعيفة والمهترئة, فغانتس ونتنياهو متوافقان على الضم ولكنهما مختلفان على الاسلوب والطريقة, وفي النهاية ستطبق خطة الضم وفق الرؤية الامريكية ووفق نتائج الاجتماع في البيت الابيض والذي من المقرر ان تعقده ادارة ترامب هذا الاسبوع بمشاركة السفير الأمريكي في تل أبيب، ديفيد فريدمان, كما أن المبعوث الخاص للبيت الأبيض إلى الشرق الأوسط، أفي بيركوفيتش، قد ألغى زيارته "لإسرائيل" المزمع اجراؤها هذا الأسبوع؛ من أجل أن يشارك في مباحثات البيت الأبيض التي وصفت بـ"الاستراتيجية".

الادارة الامريكية تخشى من تنامي الخلاف بين نتنياهو وغانتس, وان يؤدي هذا الى حل الحكومة التوافقية بينهما, وبالتالي تتوقف عملية الضم لأراضي الضفة وفق المخطط الصهيوني الذي وافقت عليه واقرته الادارة الامريكية, وتعرضت في سبيل ذلك الى النقد حتى من دول حليفة تقيم علاقات وتحالفات مع الادارة الامريكية, ووجهت اليها اصابع النقد على سياستها المنحازة كليا "لاسرائيل", واتهامات بالالتفاف على قرارات الشرعية الدولية, فقرار رفض الضم احادي الجانب الذي يتبناه وزير الحرب بيني غانتس يدعمه ما يسمى بوزير الخارجية الصهيوني غابي اشكنازي, حيث يبدي غانتس وأشكنازي إصرارهما على أن "تنفيذ أية خطوة ضم، يجب أن يكون ضمن عملية سياسية واسعة النطاق، يتلقى الفلسطينيون في إطارها مقابلاً، وليست كخطوة إسرائيلية أحادية الجانب". فيما سبق أن أعلن نتنياهو عزمه الشروع في عملية الضم في الأول من يوليو المقبل، لتشمل غور الأردن ومساحات واسعة من الضفة، دون الاعتراف بالدولة الفلسطينية, وهو ما اثار غضب السلطة التي اتخذت قرارا بوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع "اسرائيل" بما فيها التنسيق الأمني, بينما هددت فصائل المقاومة الفلسطينية بالتصعيد عسكريا لمواجهة مخطط الضم, ودعت اهلنا في الضفة والقدس المحتلة الى تفجير انتفاضة عارمة في وجه الاحتلال, وهذا ما يحاول ان يتجنبه ويخشاه وزير الحرب الصهيوني بيني غانتس وما يسمى بوزير الخارجية غابي اشكنازي ويعملان له الف حساب.

لقد صنفت الادارة الامريكية برئاسة ترامب نفسها كشريك في العدوان على الحقوق الفلسطينية, وهى التي كانت تطرح نفسها سابقا كوسيط يسعى لتحقيق السلام, لكن ادارة يرأسها دونالد ترامب ويشارك فيها مايك بومبيو, ومستشار ترامب غاريد كوشنير, ومستشار الامن القوي الامريكي ريتشارد اوريان, بالإضافة الى ديفيد فريدمان لا يمكن ان تكون محايدة, فهم سيشاركون في اجتماع هذا الاسبوع, وسيدفعون باتجاه تنفيذ سياسة الضم ودفع حكومة نتنياهو للبدء بخطوات الضم بشكل تدريجي, وسيوفرون كل عوامل الامان والاطمئنان التي تضمن عدم معارضة غانتس واشكنازي لخطوات نتنياهو, فالمجموعة الامريكية المتصهينة التي يقودها ترامب, حريصة تماما على تنفيذ المخطط دون تفكير في عواقب قراراهم, وكأن الشعب الفلسطيني سيقف موقف المتفرج امام سياسة الضم, فترامب الذي ارتبط تكوينه العقلي والسلوكي "بحلبات المصارعة" الامريكية العنيفة, لا يستطيع ان يفرق بين ما هو ممكن وغير ممكن, ويبدو انه يدافع عن "اسرائيل" بعواطفه فقط, فكل مستشاريه في البيت الابيض قالوا انه يتخذ قرارات فردية, ولا يستمع لاحد الا لنفسه, فهو لا يلقي بالا لخطوة سيقدم عليها نحو 200 نائب عن الحزب الديمقراطي الامريكي، بتوجيه رسالة لنتنياهو، ووزيري الحرب والخارجيّة، بيني غانتس وغابي أشكنازي يؤكدون فيها رفضهم لمخطط الضمّ, وترامب يحاول احباط هذه الخطوة بخطوة استباقية من خلال اجتماعه بإدارته هذا الاسبوع لتنفيذ مخطط الضم تدريجيا.