خبراء أمريكيون: مساعي كيري للتهدئة في غزة تصطدم بفشل الولايات المتحدة
تاريخ النشر : 2014-07-29 16:29

امد/ واشنطن - ا ف ب: يرى محللون أن تراجع نفوذ الولايات المتحدة وفشل مساعي وزير الخارجية الأميركي جون كيري في إحلال السلام في الشرق الأوسط يؤثران على الجهود من أجل التهدئة في غزة، إلا أن الولايات المتحدة تظل القوة العظمى الوحيدة القادرة على التوصل لاتفاق من أجل وقف المعارك.

ويقول الخبراء إنه في ظل فراغ السلطة في الدول العربية بسبب المشاكل السياسية الداخلية في مصر، يبقى التوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بعيدًا لأيام إذ يرفض الطرفان تقديم تنازلات.

وتعرض كيري لحملة انتقادات شديدة من قبل الصحف الإسرائيلية وذلك بعد ساعات فقط على عودته من مهمة استمرت أسبوعا كاملا في الشرق الأوسط ولم يتوصل خلالها سوى إلى تهدئة لمدة 12 ساعة رغم الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي بذلها.

وشدد كيري وفريقه على أنهم يواصلون المساعي، لكن وبما أن هذه الجهود تأثرت بحالات من \"سوء التفاهم\" على حد تعبيره، يبدو أنهم خفضوا سقف الآمال في تهدئة لمدة سبعة أيام لإفساح المجال أمام مفاوضات أوسع نطاقا، إلى وقف إطلاق نار إنساني لمدة 24 ساعة فقط لإيصال الأدوية والمواد الأولية الى قطاع غزة.

وقال أرون ديفيد ميلر الدبلوماسي الأميركي السابق والخبير في شئون السلام في الشرق الأوسط \"اعتقد أن أمامنا أيام عدة على هذا النحو، وباستثناء أي تغيير جذري فإن أيا من الفريقين ليس لديه الرغبة أو القدرة على التراجع\".

وردت الولايات المتحدة على الصحف الإسرائيلية التي وصفت كيري بـ\"الهاوي الذي يعتقد أن بإمكانه حل مشاكل العالم بمجرد حضوره الشخصي\".

وقال نائب مستشار الأمن القومي، توني بلينكن:ليس هناك صديق أفضل من كيري لإسرائيل أو مدافع أكبر عنها، لا أحد بذل جهودًا كهذه لمساعدة إسرائيل على تحقيق سلام دائم وآمن\".

كما ألمحت واشنطن إلى حملة تخريب متعمدة لجهود كيري بعد تسريب مسودة سرية لـ\"ورقة مفاوضات\" تحتوي على أفكار من أجل وقف إطلاق النار إلى الصحف الإسرائيلية، وقال بلينكن إن تسريب الوثيقة كان \"محاولة للتضليل أو كان عملا من طرف تعرض للتضليل\".

إلا أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تأثرت طيلة سنوات بالاعتقاد أن واشنطن تبتعد عن بذل جهود جدية لإحلال السلام، وتضررت بشكل أكبر بالانطباع أن الإدارة الأميركية الحالية أساءت التعاطي مع الأزمة في سوريا بما في ذلك التراجع عن التهديد بشن ضربة لمخزون النظام من الأسلحة الكيميائية.

وقال ميلر \"المرة الأخيرة التي كانت هناك فيها سياسة فعالة في المنطقة تثير الإعجاب والخوف والاحترام كانت إبان الرئيس الأسبق جورج بوش الأب ووزير خارجيته جيمس بيكر، لكن ذلك كان منذ زمن بعيد\".

وأضاف ميلر لوكالة فرانس برس \"لكن إذا أراد الإسرائيليون تحقيق ما يقولون إنهم يريدون تحقيقه أي نزع الأسلحة فهناك قوة وحيدة القادرة على القيام بذلك كما كان الحال عند الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا حول الأسلحة الكيميائية في سوريا\".

وتابع \"لدينا ليس فقط تأثير على الإسرائيليين إذا شئنا استخدامه، بل أيضا دعم لا يستهان به في المنطقة\".

واعتبر الخبير حسين ايبش أن واشنطن \"في موقع فريد\" في مساعيها لإحضار كل الأطراف إلى طاولة الحوار مع أنها مضطرة للمرور بقطر وتركيا من أجل التأثير على حماس التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وقال ايبش المسئول الكبير في قوة التدخل الأميركية حول فلسطين \"ربما يكون نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة قد تراجع بعض الشيء مقارنة بالسنوات الثلاثين الأخيرة تقريبا منذ نهاية الحرب الباردة بسبب الانطباع بين حلفاءواشنطن بتراجع زخم سياستها لكنني أعتقد أنه حكم مسبق بعض الشيء\".

وأضاف \"على الرغم من رغبة عدد كبير من المسئولين في واشنطن بالتركيز بشكل أقل على الشرق الأوسط، لكن ذلك ليس ممكنًا فعلا، ربما قد يروق للبعض لكن لا يمكن القيام بذلك\".

وقال بعض الخبراء إن أيا من الإسرائيليين أو الفلسطينيين لم يبد متحمسًا لجهود كيري بعد فشل محاولته الأخيرة للتوصل إلى اتفاق سلام شامل بشكل ذريع في أبريل.

وقالت ميشال دان المسئولة في معهد كارنيغي من أجل السلام الدولي إن \"الناس كانوا لبقين خلال اجتماعهم بكيري لكنهم ليسوا متحمسين لمساعدته\". وأضافت أن \"جهود السلام السابقة لم تحظ بترحيب كبير ولم يحصل كيري على التعاون المطلوب\".

وقال ايبش إن مساعي كيري من أجل السلام في الشرق الأوسط أضرت به لأن الناس اعتادوا على فكرة أنه سيحاول أمرا ولن ينجح وأنه بالإمكان أن نقول لا لكيري ومن خلاله إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما\".

والعامل الآخر وراء هذا الحائط المسدود هو عدم استعداد حماس أو إسرائيل لوقف إطلاق النار.

فإسرائيل لا تزال تريد تدمير المزيد من الأنفاق في غزة بينما تشعر حماس \"بأنها حققت مكاسب مهمة مع أن قوتها تأثرت إلى حد كبير، وهي متورطة بعمق\"، بحسب ميلر.
وختم ميلر بالقول \"عليها أن تعطي تفسيرًا لتبرير القتل والتدمير الذي ساهمت مقاومتها بالتسبب به\".