المطالبة بتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية كلامُ حقٍ يرادُ به باطل
تاريخ النشر : 2020-06-11 07:18

كثيرةٌ هي الدعواتُ من أجل إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، بعض هذه الدعوات تنطلق من الحرص الوطني على تفعيل مؤسسات المنظمة، والبعض الآخر ينطلق لغاية في نفس يعقوبَ، كما هناك بعض الدعوات يريد مَن يتقوَّلها أن ينهي المنظمة تحت بند الإصلاح وتفعيل دوره ليكون البديل. وفي مجمل العمل الوطني الفلسطيني هناك العديد من الشخصيات الوطنية الفلسطينية داخل المنظمة وخارج مؤسسات المنظمة لا يقبلون بأي شكلٍ من الأشكال بأن تكون المنظمة مَطيَّة لأطماع أحدٍ ويتم استخدامها لأهدافَ مُحدَّدة وبعد ذلك تعود إلى غرفة التحنيط والتجميد . لقد تعرضت المنظمة إلى العديد من محاولات التصفية من الأعداء والأصدقاء والخصوم على حدٍ سواء وذلك منذُ إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 حتى يومنا هذا، وكل المحاولات المتعددة الجوانب والأهداف لن تتمكن من إنهاء منظمة التحرير ،فالمنظمةُ ليست فصيلاً أو حزباً أو ملكية فردية، بل هي الكيان المعنوي والهُوية السياسية لشعبنا الفلسطيني في كل مكان وزمان حتى يتم تحقيق الأهداف الاستراتيجية في عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني من النهر حتى البحر وعاصمتها القدس الشريف، العاصمة الأبدية، هذا هو الهدف من إنشاء المنظمة. وكثيرة هي المحاولات التي تحاول إجهاض هوية الشعب الفلسطيني، بعض هؤلاء الأشخاص في موقع المسؤولية داخل السلطة. حيث اعتقد هؤلاء بعد اتفاق أوسلو وملحقاته أنَّ دور المنظمة قد انتهى، بل وحاول البعض منهم وهم في مواقع متقدمة على إنهاء مؤسسات المنظمة وبشكل خاص المجلس الوطني الفلسطيني وتحويل السلطة بديلاً عن المنظمة ومؤسساتها. ولكن حرص الرئيس الراحل ياسر عرفات ورفاق مسيرة ياسر عرفات والقيادة الفلسطينية على التمسك بمنظمة التحرير ومؤسساتها بكل قوةٍ، كذلك تمَّ تشكيل الإطار القيادي المؤقت بقرار من الرئيس أبو مازن واللجنة المركزية لحركة فتح والقيادة الفلسطينية من أجل تمكين كل الفصائل الفلسطينية من دخول منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها الشرعية والتنفيذية بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي..
ولكن حركة حماس بشكل خاص كم هو حال موقف حركة الإخوان المسلمين المعادي تاريخياً للمنظمة بشكل خاص منذُ إنشاء حماس تقف في الصف المعادي لمنظمة التحرير حتى يومنا هذا .وهذا الموقف يتطابق مع موقف "إسرائيل" ووفقاً للوثائق والمعلومات التي تتحدث في سبعينيات القرن الماضي بحث أرئيل شارون في الأرشيف الانجليزي تجربة الإنجليز مع التيار الديني في مصر فأمر ضباط الإدارة المدنية بعقد اجتماع مع بعض قيادات الإخوان المسلمين سنة 1973م وتم الاتفاق على إنشاء المجمع الإسلامي في قطاع غزة لضرب وحدانية التمثيل الفلسطيني وإضعاف نفوذ فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية. عندما أصبح المجمع الإسلامي رقما صعباً بالمعادلة الفلسطينية، ولأن الكيان الصهيوني يريد طرفاً فلسطينياً يتنازل فيه عن الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني اجتمع عيزرا وايزمان بأحمد ياسين سنة 1978 واتفقا على التصدي لعمليات فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مقابل المزيد من التراخيص والتسهيلات لمؤسسات المجمع الإسلامي. حيث تم حرق مكاتب الهلال الأحمر الفلسطيني والاعتداء بالسكاكين على المناضل الكبير الدكتور حيدر عبد الشافي سنة 1979م وكذلك الاعتداء بالجنازير والسكاكين على أبناء الكتل الطلابية لفصائل منظمة التحرير وسرق ونهب محلات الذهب وحرق المقاهي.. وقبل الإعلان عن إنشاء حماس كبديلٍ عن المجمع الإسلامي وتكوين الجهاز التنظيمي لحركة الإخوان المسلمين في فلسطين لجأت قيادات داخل حماس إلى شراء الأسلحة من خلال توافق جهاز الشباك مع المدعو عبد الله تمراز وضابط الإدارة المدنية "أبو صبري". وكانت صفقات شراء السلاح بدون علم جهاز الموساد.
وخلال اعتقال بعض قيادات المجمع الإسلامي وأمام المحكمة الإسرائيلية عند توجيه تُهَمِ حيازة السلاح قال المتهمون هذا سلاح لمحاربة منظمة التحرير الفلسطينية، وقال القاضي لماذا تحتفظ بقائمة تحتوي على اسم مائة شخصية فلسطينية وعلى رأسهم الدكتور حيدر عبد الشافي؟ في تلك الفترة كانت الجماعات الإسلامية تتحالف مع الإدارة الأمريكية في الجهاد في أفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفياتي وكانت أولوية الجهاد في أفغانستان وليس في فلسطين!
وقبل أيام يشارك المدعو اسماعيل هنية رئيس حماس عبر الهاتف في حفل لجماعة الإخوان المسلمين ويقول بكل وقاحة إن منظمة التحرير مختطفة ويريد تحريرها! مُتجاهلاً إسماعيل أن قطاع غزة مُختَطَف منذُ الانقلاب الدموي الأسود بفعل حماس وتواطئ البعض الآخر والغطاء "الإسرائيلي" الشريك في تقسيم وعزل قطاع غزة عن الخارطة الفلسطينية، بحيث أصبحت حماس وقيادات الإخوان المسلمين حين يُصرِّحون ويخطبون يقولون يا شعب غزة بدلاً من قول أيُّها الشعب الفلسطيني. وتعلن أيضاً الإدارة الأمريكية عن تخصيص أكثر من مليار دولار أمريكي. وتتم الآن المفاوضات حول تحسين الشروط والقوانين "الإسرائيلية" من أجل استمرار الميزانية الشهرية التي تقدمها قطر إلى حماس في قطاع غزة من أجل تعزيز الفصل بين غزة والضفة في إطار صفقة القرن وضم أجزاء من الضفة وغور الأردن وشمال البحر الميت.
لذلك دعوة المدعو اسماعيل هنية وقيادات حماس هي دعوات مشبوهة دونَ ريبٍ. نتفهم ونُقدِّر دعوة الفصائل الفلسطينية الجبهة الشعبية والديمقراطية والقيادة العامة وباقي مختلف الفصائل الفلسطينية بما في ذلك الدعوات من حركة فتح ولا سيما القائد المؤسس فاروق القدومي وشخصيات وطنية فلسطينية، التي تدعو إلى تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها الشرعية والتنفيذية وانتخاب مجلس وطني جديد كردٍ وطنيٍ لمواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية حيث يتحملُ الجميع المسؤولية الوطنية في هذه المحطة المفصلية في صراع مع العدو الإسرائيلي الاستيطاني، ولكن حين تكون الدعوة من أمثال هنية والزهار والعوري والحية ورضوان نضع علامة استفهام كبيرةٍ كونها مشبوهة كما حال المطبعين السماسرة الذي بدأوا في الحديث عن المقاومة والانتفاضة والاصلاح وما إلى ذلك من أدوات المهنة بغرض الفتنة والاختراق للتغطية على أعمالهم المشبوهة في التطبيع مع "إسرائيل" تحت بند اختراق المجتمع "الإسرائيلي".

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ "(6) الحجرات صدق الله العظيم