خطة حماس "السرية" لاستعادة "خطف" منظمة التحرير؟!
تاريخ النشر : 2020-06-06 09:10

كتب حسن عصفور/ بشكل مفاجئ، وقد يكون للمرة الأولى، أعلن رئيس حركة حماس إسماعيل هنية يوم الخميس 4 يونيو 2020، ان حركته (حماس) لن تقبل استمرار "خطف منظمة التحرير الفلسطينية".

والحقيقة، أن العبارة بذاتها، وبعيدا عما ورد في تلك "الخطبة" ذات البلاغة اللغوية، حملت واحدة من أخطر الرسائل السياسية في الآونة الأخيرة، وتفتح باب "الاجتهاد" الكامل لقراءة أن هناك مخطط "دولي إقليمي" بالتعاون مع أطراف فلسطينية، ومنها حركة حماس، بات جاهزا لصناعة "بديل سياسي" ينهي مرحلة منظمة التحرير الفلسطينية، لاستكمال المخطط الذي تم صناعته عبر "انتخابات ديمقراطية" يناير 2006، بعد أن تم تهيئة المسرح السياسي العام كي تفوز حركة حماس، عبر ست سنوات من تدمير السلطة الوطنية وحصارها ثم اغتيال زعيمها الخالد المؤسس ياسر عرفات.

ومن المفارقات التي لا يجب أن تمر مرورا عابرا، ان مكان "الإعلان الحمساوي" بذاته يمثل "شبهة سياسية"، حيث اختار هنية منبرا لجماعة إخوانية أردنية، كارهة من حيث الأصل والفرع لمنظمة التحرير والثورة الفلسطينية منذ الانطلاقة وحتى تاريخه، وعبر الأثير في سابقة هي الأولى التي يسمح لهنية الحديث فيها بتلك التقنية لمهرجان أردني، غابت عنه فصائل منظمة التحرير وسفارة دولة فلسطين، وكان الأمر يحمل دلالة غاية في الوضوح السياسي.

وبعيدا، عن موقف الجماعة الإخوانية الأردنية ومخططها الخاص، فإن خطاب هنية هو ما يستحق التدقيق السياسي لما حمل من رسائل تعلن بلا أي التباس أن القادم ليس خيرا وطنيا، بل رجس شيطاني جديد، يتم العمل له في كواليس الظلام، كما حدث سابقا، ويبدو ان "قرار" ارسال هنية الى خارج قطاع غزة، والإقامة الدائمة في قطر وزائرا إسطنبول بين حين وآخر، جزء من "التهيئة" لدور جديد.

وكان ملفتا أن خطاب هنية أشاد بخطاب الملك عبدالله، وهو يستحق، واعتبره قاعدة مشتركة لموقف حماس مع الأردن، وفيها رسالة ليست عفوية ابدا، خاصة وهو رئيس حركة لا أكثر، وتحدث عن "قواسم مشتركة" بين الأردن وفلسطين، بلغة "رئيس عام" وليس رئيس حركة حزبية إخوانية.

خطاب هنية، الذي حمل إنذارا بعدم السماح باستمرار اختطاف منظمة التحرير، تجاهل كليا أن يعلن "الخطة الكفاحية جدا" التي جهزتها حركة حماس لاستعادة المنظمة من خاطفيها، ومن هي القوى الفلسطينية" الشريكة" له في تلك "الخطة الثورية"، وكيف له أن يحسم تلك المهمة داخل بقايا الوطن دون "مساعدة صديق"، وهل له أن يكشف للشعب الفلسطيني من هو هذا "الصديق".

المفارقة الكبرى، أن الخطة الحمساوية السرية، تتزامن بشكل غريب مع التطورات الأخيرة التي تعمل على انهاء مرحلة الثورة والمنظمة، واستبدالها بواقع جديد، وضمن محاولات سياسية تعمل على إيجاد "حل وسط" بين "دولة فلسطين" وفق قرار الأمم المتحدة وبين "دولة فلسطين" وفق صفقة ترامب، وكأن هنية بما قاله يرسل رسالته الى من يهمه أمر الخلاص من واقع لخلق واقع بلا منظمة التحرير.

كان ممكن جدا لهنية ولحركة حماس، ان يطالب ومن منبر وطني وليس عبر منبر إخواني غير فلسطيني، أن يتقدم بتصور شامل للتصويب العام، في المسار السياسي ومكانة منظمة التحرير وتفعيل أطرها وهيئاتها، وكيفية منحها بعدا لاستكمال وحدتها التنظيمية، من خلال وثيقة لقاء بيروت يناير 2017، والتي تعتبر وثيقة هامة وربما مفصلية، لتصويب المشهد الوطني العام، بما فيه واقع منظمة التحرير وتطوير ادواتها وأطرها، وعل قاعدة إنهاء حماس لخطفها قطاع غزة.

أن يستخدم هنية منبر غير وطني وغير فلسطيني لإعلانه السياسي حول قضية جوهرية، فتلك بذاتها "شبهة سياسية كاملة الأركان"، لا تفسير لها سوى انها رسالة لغير أهل فلسطين، ان هناك من هو مستعد لأن يكون عاملا مساعدا للمرحلة القادمة، بكل ما تحمله من أهداف سياسية.
والغريب، ان هنية لم يتقدم بخطوة واضحة لكيفية تنفيذ ما أعلنه بشكل مفاجئ، وبلغة تهديد صريحة، وهل حقا الهدف الذهاب الى منظمة التحرير لتطويرها أم العمل على قبرها.

خطاب هنية عبر منبر إخواني أردني، علامة سياسية سوداء تمثل إنذارا مبكرا للشعب الفلسطيني، ان هناك ما هو خطر تم ترتيبه في غرف ظلامية قريبة من مقر قاعدة أمريكية في بلد خليجي...
لبعض من قيادات حماس التي تعلن ليل نهار انها حريصة على المشروع الوطني، دون اعلان البراءة من خطاب هنية فأنتم جزء مما يعد له من مستقبل ظلامي جديد للشعب الفلسطيني...والتاريخ لا يقف عند لغويات الخطابات أي كان مضمونها، فما كان خطابا وعبر منبر غير وطني فلسطيني، وتحديدا إخواني أردني كاره تاريخيا للثورة والمنظمة، هو الخطيئة السياسية الكبرى، والصامت عليها ملعون وطنيا.

ملاحظة: رد وزير خارجية السلطة رياض المالكي على سؤال المحكمة الجنائية جاء أفقر سياسيا من المنتظر..كأنه نسي او تناسى أن فلسطين دولة تحت الاحتلال..يا دكتور راجع رسالتك التائهة في التحديد، والخوف ان تستغل خلافا لما رميت!

تنويه خاص: لا تزال حماس في غزة تتعامل مع إصابات كورونا بغير وضوح...الاصابات ليست جرما ولكن عدم الوضوح فيها هو الجريمة!