فلسطين
تاريخ النشر : 2020-06-05 17:53

فلسطين في خدمة العائلة والقائد والفصيل والتفكير الأحادى!!

لعل من أهم الأسباب وراء الإنكسارات السياسية الفلسطينية وتراجع القضية الفلسطينية في مراحلها المختلفه سيطرة المفهوم العائلى تاريخيا ، ومفهوم القائد الواحد وهيمنىة وسيطرة الفصيل وفكره الأحادى على القضية الفلسطينية , وسيادة روح الإنقسام. وفى مرحلة العشرينات والثلاينات من القرن الماضى سيطرة العائلة التاريخية التي أدعت أحقيتها الشرعية في التعبير عن القضية الفلسطينية ,وأبرز هذه العائلات التقليدية النشاشيبى والحسينى ونسيبه وغيرها من العئلات ،ولذلك سادت فكرة العائلة الوطن، واختزل الوطن في العائلة مقابل وحدانية الحركة الصهيونية وقيادتها التى عبرت وقادت أهداف الحركة الصهيونية كما حددها المؤتمر الصهيوني الأول عام 1987 والذى قال مؤسسه هيرتزل أن العالم سيرى ولادة دولة جديده بعد خمسين عاما، التجسيد لفكر الوطن وهى التي غابت عن الفكر العائلى , والنتيجة الحتمية كان الفشل الذى صاحب عملية النضال الوطنى الفلسطيني , هذه الفكرة تم إستبدالها اليوم بفكرة ومفهوم القائد الواحد الذى تلتف حوله كل النخب ، وهو المعبر عن صوت الوطن، وما يقوله هو الصح، ومعيار الولاء للوطن يكون بدرجة القرب من فكر هذا القائد وتأييده وتبنيه، وهذا يتجسد كما نرى في محدودية النخبة الحاكمة التى تحيط بالقائد، وعدم إستبدالها ، ومن يخرج عنها يتم توصيفه بخروجه عن الوطن كله.ومن الوهم السياسى أن هناك إستقلالية ، بل الملاحظ إنحسارها سياسيا وإن وجدت فهى هشه،’وأيضا الوهم السياسى أن هناك مؤسسات مستقله وفاعله. حالة من الإستقطاب السياسى واضحه . إبتداء وقبل انتخابات عام 2006 كانت فتح وما زالت المهيمنة والمسيطرة على القرار السياسى في إطار منظمة التحرير التي لم تعد تحمل إلا إسمها كممثل شرعى ووحيد للشعب الفلسطيني ، فالمنظمة أهملت لحساب السلطه ، بل حولتها لأحد توابعها السياسية ، وهدفها فقط محاولة إضفاء شرعية على القرار السياسى.ومع انتخابات عام 2006 والتي فازت فيها حركة حماس وبأغلبية كادت تصل الثلثين ليكون بمقدورها تغيير الدستور الفلسطيني اوالبنية السياسية ، دخلت مرحلة الإستقطاب مرحلة جديده, وباتت القضية والوطن منقسمه ما بين فتح وحماس، وتجزأت الولاءات ، والتبعيات السياسية .

وبرزت قيادات جديده ، وكلها يجمع بينها الأبوية والرعوية . وسيطرت المظاهر التالية : الولاء للقياده ، وسيادة الثقافة الأبوية ، وهشاشة الفصائل الفلسطينية الأخرى وتناثرها ما بين حماس وفتح ، والإرتباط الخارجي ، وتغييب لدور المواطنه .وهشاشة وضعف مؤسسات المجتمع المدنى وهى أساس أي إسراتيجية للتحول الديموقراطى ما بين الحركتين مما افقدهما الفاعلية والتاثير. الكل يسعى أن يكون هو أولا لا غيره، ومحاولة للتنازع على تمثيل الوطن، وكأن الوطن الذى يمثله الشعب تحول إلى مجرد قطيع تحركه عصا الحركتان.ولم يعد للوطن إعلامه ومؤسساته وقنواته الفضائيه ، بل كل تنظيم وكل فصيل يملك ههذ الوسائل، وكأننا أصبحنا أمام أوطان بحجم وعدد هذه الفصائل.وتسخر هذه المؤسسات لصوت مالكيها ومموليها، وليس صوت الوطن. الكل يحتمى بالوطن وبشرعيته،لكنه في الوقت ذاته يقزم هذه الشرعية لصالحه ويلبس ثوب فصائليته، فالوطن بالمفهوم العائلى والقيادة والتنظيمى وطن صغير لا يحتضن كل أبنائه ، وكل الشعب، لأنه لا يتسع للجميع، فقط يتسع لمن يبدى الولاء والإنتماء والتاييد، فانت فلسطيني بقدر ما أنت فتحاوى ، وفلسطينى بقدر ما أنت حمساوى ، الوطن تجزأ ، سؤال المواطنه كيف نحب فلسطين تحول لكيف نحب فتح ونحب حماس.والثمن هو الوطن، وكما قال غوار الطرشى دريد لحام كل من حارة إيده له. الوطن تحول لحارات ضيقه لا يمشى فيها إلا أعداد قليلون يشعرون بالغربة رغم ان المولد هو فلسطين, وهذا أصعب إحساس وشعور يشعر به المواطن انه غريب في المنزل والأرض التي ولد عليها ، وعليه أن يبحث عن وطن غريب له ولأسرته يوفر له الحماية والغذاء.تحول المواطنون بفعل غياب الوطن ألأب والأم لمنتظرين على قوائم المساعدات والكوبونات التي يتم التحكم فيها عبر وسائل كل فصيل.. تحول الوطن لمتسول على أبواب الغير بعد أن كان يمنح الشرعية لكل الأنظمة والشعوبـ اليوم ألأنظمة والشعوب الأخرى تتمنن عليه بفتات ما يتبقى لديها. الكل يتكلم عن الوطن، وعن الشرعية والمصالحة ، والسؤال اين الوطن؟ كانت البداية القوية عندما رجعت القيادة ومنظمة التحرير عام 1993 بعد إتفاقات أوسلو وهذا أعظم ما في إتفاقات أوسلو ، عودة القيادة إلى أرض الوطن ليفتح الوطن كل أبوابه الضيقه بسبب الاحتلال وتتم عملية عناق وحضان سياسى بين الوطن الصغير في مساحته الكبيره في معطائه وحنانه وبقية الشعب ولتبدأ مسيرة بناء الوطن.

وكانت الفرصة التاريخية بإلإنتخابات الأولى عام 1996 ليصبح لدينا أول سلطة تشريعية منتخبه ورئيس منتخب لنرسل للعالم رسالة قوية ان فلسطين الوطن والدولة وألأمة موجوده وبقوة ، وبدلا من بناء الوطن ومؤسساته وتوسيع قاعدة المشاكةر ، ودورأكبر للمواطن، ظل الوطن محكوما بالتنظيم الواحد وبالقيادة الواحده، ادركت إسرائيل ماذا يعنى ان يكون للفلسطينيين وطن، فعلمت منذ البداية على تفريغه من كل مقوماته ومضامينه السياسية والسياديه. وإنغمس الجميع في السلطة ومغانمها ونفوذها بدلا من الإنغماس في بناء الوطن ، وفك قيوده من المحتل ، وبدلا من ذلك زادت القيود الداخليه ليقزم ويصغر الوطن بابنائه. وجاءت الفرصة التاريخية الثانية في الإنتخابات الثانية التي أجريت عام 2006 بعد إنسحاب إسرائيل من غزه.

وفى غمرة الفرحة بالإنسحاب تغافل الجميع عن السؤال لماذا تنسحب إسرائيل من غزه؟، والجواب الذى كشفت عنه الإنتخابات الثانية أن إسرائيل كانت تسعى لوطن في غزه بدلا من الوطن فلسطين. وتحقق ما أرادته إسرائيل بفوز حركة حماس وما تبعه الإنقلاب على السلطة الشرعية او على الوطن الذى منح الشرعية للكل لتسلب شرعيته لحساب شرعية فصائلية ضيقه.ومنذ الإنتخابات ألأولى 1996 وحتى اليوم كان يفترض ان تكون لدينا حوالى ست انتخابات, وكل ما جرى إنتخابتين واحده لفتح وألأخرى لحماس.والنتيجة الحتمية وطن ممزق في شرعيته, تجميد للشرعية السياسية للوطن لحساب تمسك بشرعيات أخرى تتحصن حولها كل من فتح وحماس, تعميق للسلطة ألأمنية العميقة ، تراجع في مفهوم مواطنة الحقوق لحساب مواطنه فصائليه قياديه. تعميق بنية الفساد. ديمومة نخب حاكمه تجاوزتها شرعية الوطن والشعب.

لقد خسرنا الكثير بسبب الإنقسام ، خسرنا الوطن والهوية ، ودفع الشعب ثمنا غاليا من دم أبنائه ومعتقليه وأسراه. بيد سجان الاحتلال. لقد خسر المواطن الوطن بإعتقاله وكتم فمه، وقلع لسانه من قبل من يحكمه الآن, ومنع ألأوكسجين عنه.لأكثر من خمسة عشر عاما على الإنقسام والوطن رهن هذا الإنقسام، وسياسات فاشله داخليا وخارجيا وشعارات جوفاء فارغه من مضمون الوطن الحقيقى. أعيدوا للوطن روحه وهويته وحضنه الدافئ الحامى لكل مواطنيه وأنهوا ألإنقسام الذى تحول لوحش هائل يعيش على بقايا جسد وطن ضعيف، وطن أشبه بمقتل جورج فلويد لا أستطيع أن أتنفس ، فلسطين الوطن تصرخ لا أستطيع أن اتنفس!!