"الموساد" والمهمات القذرة
تاريخ النشر : 2020-06-02 11:04

العديد من الكتب التي صدرت مؤخراً في «إسرائيل» كشفت جوانب من العمليات القذرة التي نفذها «الموساد» ضد الفلسطينيين وبعض الدول العربية.

الموساد «الإسرائيلي» تأسس في 13 ديسمبر/كانون الأول 1949، وأولته الحكومة الاحتلالية الوليدة التي أنشئت من العدم بعد طرد ثلاثة أرباع مليون فلسطيني من وطنهم وارتكاب عشرات المجازر في القرى والبلدات والمدن الفلسطينية، اهتماماً خاصاً، سواء بانتقاء موظفيه من أشرس أعضاء العصابات الإرهابية الصهيونية، أو برصد ميزانية ضخمة له، والتنسيق الكامل مع المخابرات البريطانية وكافة مخابرات الدول الاستعمارية والأمريكية فيما بعد.

هذه المعلومات احتوتها الكتب الصادرة عن الموساد نفسه، من بينها كتاب: تاريخ «إسرائيل» و «الملاك» و«هاربون» وغيرها.

يُكلف الموساد بالمهام الخاصة من قبل قادة الاحتلال سواء بجمع المعلومات وتنفيذ العمليات السرية في الخارج أو القتل وتنفيذ المهمات القذرة الأخرى. لقد تورط الموساد في عمليات كثيرة ضد الدول العربية وبعض الدول الأجنبية، منها عمليات اغتيال لعناصر تعتبرها «إسرائيل» معادية لها، ولا يزال يقوم حتى الآن بعمليات التجسس حتى ضد الدول الصديقة، كالتجسس على الولايات المتحدة من خلال الجاسوس جوناثان بولارد على سبيل المثال وليس الحصر. وفي الموساد العديد من الأقسام: المعلومات، العمليات، قسم الحرب النفسية، التدريب، التخطيط والتنفيذ. وتتحدث تقارير «إسرائيلية» عن احتكاكات تدور أحياناً بين الموساد والشاباك (جهاز الأمن الداخلي والمعروف ب «الشين بيت»).

صدر حديثاً في دولة الكيان كتاب عن الموساد بعنوان: «انهض وبادر بالقتل» للصحفي «الإسرائيلي» رونن بيرغمان يشيد بالنجاحات التكتيكية لدولته العنصرية، ويرصد مئات عمليات الاغتيالات لفلسطينيين والعرب التي نفذها الموساد في مناطق مختلفة من العالم، منذ تأسيس «إسرائيل» وحتى عام 2000. وقال المراقبون إن المؤلف جمع مادة ثرية بدأت قناة «إتش بي أو» تعد مسلسلاً تلفزيونياً من إنتاجها بالتعاون مع بيرغمان الذي يقول إن «كثيراً مما كتب عن الموساد كان مجرد تخمين لا يستند إلى مصادر حقيقية». وانتقد الفيلم الذي يروي عملية ميونيخ عام 1972، وقال عنها إنها من البداية إلى النهاية «نسيج خيال يستند إلى رواية زائفة».

للعلم إشارة الكاتب تلقي الضوء على تعظيم الموساد لنفسه وادعائه القيام بعمليات لم يقم بها. هذا ما تقوله مصادر من الموساد نفسها بعد تركها للعمل. بالطبع لا ينكر أحد قدرات الموساد بخاصة أن المخابرات المركزية الأمريكية ومخابرات دول أوروبية كثيرة ودول صديقة ل«إسرائيل» هي عملياً في خدمة الموساد وتتعاون معه، وتساعده في تنفيذ المهمات التي يحاول تحقيقها. الأمر الذي دعا الكاتب بيرغمان إلى اختتام مؤلفه بالقول إن «تاريخ الموساد حلقة من سلسلة طويلة من النجاحات التكتيكية المثيرة للإعجاب، لكن أيضاً من الإخفاقات الاستراتيجية الكارثية، لأنه لا يوجد حل دائم أمام «إسرائيل» إلا الحل السياسي للصراع».

من جانبه أيضاً، أصدر الصحفي في «هآرتس» يولي ميلمان كتاباً جديداً عن الموساد بعنوان «عملاء ليسوا كاملين- العمليات الكبرى للمخابرات «الإسرائيلية» فيه إشارات واضحة إلى أهم العمليات التي نفذتها هذه الأجهزة في الدول العربية المحيطة ب«إسرائيل»، من خلال إحباط التهديدات الأمنية وتحييد المخاطر المحيطة بالدولة». ويفهم من كتاب ميلمان أن الموساد هو ليس كما تحاول «إسرائيل» تصويره «كجهاز منضبط بمنتهى الدقة والأمانة»؛ إذ يفند ميلمان ذلك بالقول «عملاؤنا ليسوا كاملين، فمن وراء شاشة السرية الثقيلة التي تظلل هذه العمليات الخاصة لا يدور الحديث فقط إلا عن إنجازات أمنية واستخبارية ويخفي نزاعات داخلية بين كبار قادة أجهزة الأمن «الإسرائيلية»، إضافة إلى حروب وتصفيات وأخطاء ميدانية، وعملاء خانوا المخابرات «الإسرائيلية» في اللحظات الأخيرة».

وكشف الكتاب، سلسلة من العمليات الإرهابية التي نفذها الموساد في مصر والدول العربية في أربعينات القرن الماضي بتسميم آبار مياه الشرب، وتخريب المنشآت الزراعية والحيوانية وتزوير مستندات لتخريب اقتصادها، وإساءة علاقاتها مع دول العالم، وخوض أشكال كثيرة من الحرب النفسية ضدها، والتخطيط لتنفيذ عمليات تفجيرات ضخمة، وتنفيذ بعض العمليات الكبيرة التي تستفيد منها المخابرات الأمريكية والبريطانية والألمانية، وقامت بتنفيذ عمليات تخريبية في دور السينما ومؤسسات بريطانية وأمريكية في القاهرة والإسكندرية للوقيعة بين مصر وأمريكا وبريطانيا. ميلمان يسمي نتفاً فقط من العمليات القذرة للموساد! هذه هي دويلة الكيان لمن يراهن على السلام معها.

عن الخليج الإماراتية