كيف تواجه فصائل المقاومة قرار الضم في الضفة؟
تاريخ النشر : 2020-06-01 20:17

شكّل التوافق الحزبي الصهيوني على فرض السيادة الاسرائيلية على مناطق "ج" في الضفة الغربية المحتلة، ومنطقة الأغوار الفلسطينية بدءاً من شهر تموز المقبل برعاية أمريكية نهاية عقيمة لخيار التسوية الذي اعتمدته حركة فتح والسلطة الفلسطينية طيلة العقود الثلاثة الماضية دون توافق وطني، ويُسدل القرار الصهيوني الستار نهائياً على وهم إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافياً وذات سيادة غربي نهر الأردن، وهي الأهداف التي روّجت لتحقيقها حركة فتح والسلطة الفلسطينية من خلال المفاوضات مع الاحتلال.

رغم أن قرار الضم يمثل فشلاً سياسياً ذريعاً لمشروع حركة فتح والسلطة الفلسطينية التي وافقت على مبدأ الضم الإسرائيلي تحت عنوان "تبادل الأراضي"، ويبرهن أن الاحتلال استخدم المفاوضات مع الفلسطينيين مُطية وغطاءً سياسياً لشراء الوقت وتمرير مشاريعه الاستيطانية المتواصلة طيلة السنوات الماضية على حساب أراضي الدولة الفلسطينية الموعودة، إلا أنه أيضاً يمثل تحدياً كبيراً لفصائل المقاومة الفلسطينية التي أعلنت رفضها للقرار ويقع على كاهلها إفشال هذا المخطط الاستيطاني الجديد في ظل الاعتقالات المتواصلة والملاحقات المزدوجة التي تتعرض لها من جيش الاحتلال وأجهزة السلطة الفلسطينية في الضفة، واستمرار حصارها في غزة، وانحسار مواردها المالية في ظل جائحة كورونا مما أضعف قدرتها على تخصيص موازنات مالية كبيرة لدعم صمود أهالي الضفة.

في هذه الورقة سنناقش خيارات فصائل المقاومة الفلسطينية للتعامل مع قرار الضم الإسرائيلي.

السيناريوهات المتوقعة:

في ظل المعطيات السابقة، نخلص إلى السيناريوهات التالية:

1-  حدوث توافق وطني بمشاركة السلطة الفلسطينية على خطة شاملة لمواجهة قرارات الاحتلال، وهو خيار يطالب به الكثيرون ولكنه مُستبعد بسبب تعنُّت عباس في ملف إنهاء الانقسام، ورفضه التراجع عن العقوبات الجماعية ضد غزة، أو التوقف عن ملاحقة المقاومة في الضفة، وتلكؤه في تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي حول إنهاء التنسيق الأمني، والانفكاك عن التبعية الاقتصادية للاحتلال، والتحلل من الاتفاقيات المُوقَّعة معه.

2-  نجاح فصائل المقاومة في تشكيل تحالف وطني جامع لمواجهة مخططات الاحتلال الاستيطانية في الضفة بعيداً عن السلطة الفلسطينية، وهو خيار مهم لكنه ضعيف في ظل الملاحقات الأمنية المتواصلة لأنصارها في الضفة، ورفض السلطة المشاركة في أية تحالفات فلسطينية مقاوِمة لدولة الاحتلال.

3-  نجاح فصائل المقاومة في إشعال انتفاضة شعبية في الضفة، وهو أفضل الخيارات لمواجهة مخططات الاحتلال، وفرص تحقيقه حالياً متوسطة، وقد ترتفع حال وقوع أحداث ميدانية متتالية ومتصاعدة في الضفة.

4-  نجاح فصائل المقاومة في إبقاء جذوة الصراع في الضفة مشتعلة، مع عدم قدرتها على إعاقة قرار الضم الإسرائيلي، وفرص حدوث هذا السيناريو مرتفعة في حال أقدم الاحتلال على تنفيذ قرار الضم بالتدريج، وبما لا يؤدي إلى ردة فعل كبيرة من السلطة الفلسطينية، أو اشتعال مواجهات ميدانية واسعة، كأن يقوم مبدئياً بإحدى الخطوات التالية:

أ‌.       ضم الكتل الاستيطانية التي تمثل 10% من مساحة الضفة نظراً لقبول السلطة ضمنياً مبادلتها بأراض في النقب.

ب‌.   ضم البؤر الاستيطانية التي تمثل 4% لضمان إدراجها ضمن الكتل الاستيطانية مستقبلاً.  

ت‌.   ضم منطقة الأغوار التي تمثل 17% سعياً لتحقيق المصالح الاقتصادية لدولة الاحتلال، وضمان سيطرتها على الحدود الفلسطينية الأردنية ضمن أية تسوية مستقبلية.

التوصيات:

في ظل إصرار قيادة السلطة الفلسطينية على التفرد ورفض أي شراكة فصائلية فاعلة في القرار الوطني، وعدم قيامها بأية خطوات مؤثرة ضد الاحتلال مثل تجميد الاتفاقات أو وقف التنسيق الأمني، تبقى فصائل المقاومة مضطرة إلى مواجهة مخططات الاحتلال بمنأى عن السلطة الفلسطينية، حيث يمكنها القيام بالخطوات التالية:

·        العمل على تشكيل جبهة وطنية موسعة لمواجهة مخططات الاحتلال، بحيث تضم أكبر عدد من القوى والشخصيات والمؤسسات الفلسطينية.

·        العمل على إشعال انتفاضة شعبية لمواجهة مخططات الاحتلال، ومواصلة دعم صمود المواطنين في الضفة المحتلة مادياً ومعنوياً.

·        المبادرة إلى إفشال مخططات الاحتلال الاستيطانية بشتى الوسائل النضالية المتاحة وعدم الانتظار أن يبدأ الاحتلال بتنفيذ قرار الضم في بداية يوليو المقبل.

·        التواصل مع الدول العربية والصديقة والعمل على تأمين دعم دبلوماسي مؤازر للقضية والحق الفلسطيني في المحافل الدولية، خاصة مع إقدام الاحتلال على تجاوز القرارات الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية.

·        تعزيز مقاطعة كيان الاحتلال، وفضح ومهاجمة المطبعين الداعمين للمشروع الاستيطاني في فلسطين.

(أصدر معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية تقدير موقف كيف تواجه فصائل المقاومة قرار الضم في الضفة؟ وذلك من خلال لقاء تفاعلي وقد أعد الورقة الأستاذ ماجد الزبدة وبمشاركة الأستاذ رامي الشقرة والأستاذ عبد الله العقاد وخلصت الورقة الي وجوب وضع التوصيات بعد استعراض للواقع الفلسطيني والقراءة للمواقف الإسرائيلية والدولية).