وباء كورونا الجديد، بين الآمال والأوهام والمستقبل
تاريخ النشر : 2020-06-01 19:31

يثير تصريح الطبيب الإيطالي البارز، ألبرتو زانغريلو، الأحد 31 مايو 2020، الذي يرأس مستشفى سان رفاييل في ميلانو شمال ايطاليا، والتي تحملت العبء الأكبر لعدوى فيروس كورونا هناك، أن فيروس كورونا المستجد بدأ يفقد قوته its potency، وأصبح أقل فتكا less lethal، أمالا، أو حتى أوهاما اذا لم يأخذ بالحذر اللازم.

حيث أكد ان "المسحات التي أخذت على مدى الأيام العشرة الماضية أظهرت حمولة فيروسية متناهية الصغر من حيث الكميةa viral load in quantitative terms مقارنة بالمسحات التي أخذت قبل شهر أو اثنين".

طبعا لا يمكن تعميم هذه النتيجة على جميع المناطق الايطالية، فضلا على مختلف دول العالم، دون التوسع في أخذ مسحات من المصابين في مختلف هذه الدول لتأكيد هذه النتيجة. لذلك فإن مساعدة وزيرة الصحة في ايطاليا كانت دقيقة عندما دعت الحكومة إلى توخي الحذر قائلة إن إعلان النصر ما زال بعيدا لأننا ما زلنا ننتظر "الأدلة العلمية الداعمة لفرضية اختفاء الفيروس.. أدعو الذين يدعون تأكدهم من ذلك لعدم إرباك الإيطاليين".

بعيدا عن الاستخدام السياسي ونظرية المؤامرة التي تظهر في أشكال عديدة، من الشكل المباشر الذي يؤمن أن هذا الفيروس تم تصنيعه في المختبرات أو هرب من خلالها في إطار الحرب السياسية والاقتصادية الدائرة بين الدول، خاصة بين أمريكيا والصين

وينتشر رأى آخر خاصة بين عامة الناس تحت تأثير الإعلام الذي يشكك في طبيعة هذا الوباء خاصة في ظل انخفاض معدلات الوفاة بسبب هذا الفيروس وتركيزها تحديدا بين كبار السن والعجزة، يرى هؤلاء أن هذا الوباء لا يختلف عن الانفلونزا الموسمية وأن الوفيات كانت لتقع بين هذه الفئات بغض النظر عن وجود الوباء من عدمه؟!

وهناك شكل آخر من نظرية المؤامرة يروج له رجال الدين الذين يرون هذا الوباء بين البلاء والابتلاء، رغم انهم يلتزمون في خطابهم بأهمية الأخذ بالإجراءات الوقائية، لكنهم يعزون ذلك إلى الله الذي يسلط هذه الأوبئة على الناس بما كسبت أيديهم من فساد على الأرض وضد الأرض ومن عليها.

كثير من المثقفين والصحفيين يؤمنون بنظرية المؤامرة، لكن بشكل خفي وغير مباشر، منطلقين في ذلك من عدائهم الايدلوجي والسياسي المطلق لامربكيا ودورها التخريبي في العالم، كما ينم هذا الموقف أيضا عن ضعف المعرفة والوعي في أساسيات العلوم الطبيعية التي يفتقدها بعض هؤلاء المثقفين؟!.

بعيدا عن نظرية المؤامرة التي من الممكن أن نرصد أشكالا أخرى منها، خاصة تلك التي تشكك وتتوجس في كل تقدم علمي وتصب جام غضبها على التطعيمات وشبكات 5G والشرائح الإلكترونية الدقيقة التي يخطط بيل جيتس وشركاه لزراعتها في أجساد البشر، وفقا لتعليمات الحكومة العالمية، للتحكم في حركة الناس ومستقبلها، بعيدا عن كل هذا، من المفيد أن نعود إلى جوهر موضوعنا.

من الواضح أن الوباء ينتشر في مختلف دول العالم باشكال مختلفة different patterns

هناك دول تعافت وحققت نجاحات واضحة نحو الخروج الآمن من الوباء بطرق مختلفة، الصين وألمانيا أمثلة لذلك

وهناك دول في طريقها للخروج الأمن من الوباء مثل أمريكيا والسعودية والاردن وفلسطين وإسرائيل.

وهناك دول لم تصل بعد إلى ذروة الوباء ومازالت تسجل أعدادا متزايدة من المصابين بين مواطنيها مثل الهند والبرازيل ومصر وروسيا.

لكن جميع هذه الدول، رغم اختلاف مرحلة الوباء التي تمر فيها، تتخذ كل الإجراءات اللازمة خوفا من موجة جديدة ثانية من الوباء من المتوقع أن تضرب دول العالم في الخريف أو بداية الشتاء القادم.

لذلك فإن جميع دول العالم تعمل على مواصلة الحفاظ على أقصى درجات الحذر والإبقاء على التباعد الاجتماعي وتجنب التجمعات الكبيرة، والمداومة على النظافة العامة وغسل اليدين، وتفعيل قانون استخدام الكمامات في الاماكن العامة.

كما تعمل هذه الدول من أجل المحافظة على النظام الصحي وتعزيزه والتأكد من استعداده ومقدرته على مواصلة مواجهة هذا الوباء، مستفيدة من نجاحاتها واخفاقاتها خلال تجربتها السابقة مع هذا الوباء، لذلك من الهام التأكيد على الدروس والمبادئ التالية:

من أجل تخفيف العبء عن المستشفيات فإنه من الأهمية الزج بالرعاية الأولية لتكون هي خط الدفاع الأول في مواجهة هذا الوباء من خلال فحص الحالات المشتبه بها والمخالطين لها وفرز وتوجيه المصابين حسب وضعهم الصحي.

كما يمنع استخدام المستشفيات كاماكن لحجر المصابين، ويكون الحجر اما في المنازل أو المنشئات والمؤسسات العامة بعد تهيئتها، الفنادق المدارس الأندية الرياضية

التأكد من توفير الاحتياجات الصحية اللازمة من برتوكولات وأدوية وعلاجات للمرضى، وأجهزة ومواد فحص الفيروس، والملابس والأدوات اللازمة للحفاظ على الاطباء والعاملين الصحيين، والأسرة الطبية اللازمة لمبيت المرضى، إضافة إلى أهمية التأكد من توفير عدد كاف من أسرة العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي اللازمة لعدد من المرضى بهذا الفيروس.

أن تخفيف العبء عن المستشفيات والحفاظ عليها من اندفاع أعداد كبيرة من المصابين نحوها، والحد من الاصابات بين الاطباء والعاملين الصحيين هي ضرورة حيوية لضمان استمرارية وصمود هذا النظام الصحي ومنع انهياره، كما حدث سابقا في عدد من الدول