ولادة منظمة التحرير
تاريخ النشر : 2020-05-31 18:15

توقف رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، أمام ذكرى انعقاد مجلسه التأسيسي الأول عام 1964، ففي أيار من ذلك العام بعد مشاركة شخصيات منتقاة، عمل أحمد الشقيري على اختيارهم من كافة أماكن تواجدهم، ليشكلوا المجلس التأسيسي الأول، ويُعلن من موقع انعقاده في القدس ولادة منظمة التحرير الفلسطينية.

انعقاد المجلس التأسيسي لمنظمة التحرير في القدس كان الظاهرة الأولى الملفتة التي ستبقى عالقة، ويجب أن تبقى في الذاكرة الفلسطينية وهي أن ولادة منظمة التحرير من المجلس الوطني الأول، تم في القدس عاصمة فلسطين: لأنها الوفاء والعنوان والطموح وبوابة العودة إلى فلسطين ومقدساتها وقدسها المدينة والبشر والعاصمة والتاريخ والقيم والمستقبل.

أما الظاهرة الثانية فهي خطاب رأس الدولة الأردنية، الراحل الملك الحسين أمام المجلس التأسيسي الفلسطيني، تأكيداً على الانحياز والدعم والإسناد، أن فلسطين ليست بديلاً عن الأردن، وأن الأردن لن يكون وطن الفلسطينيين، فالأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين، هذا هو الواقع والسياسة والهوية الوطنية، والمستقبل.

ولادة منظمة التحرير ونيلها التمثيل الأوحد، يشكل الانتصار الأول للشعب الفلسطيني الذي استعاد هويته المبددة المبعثرة، وولادة مؤسسته التمثيلية الموحدة، وكلاهما المدماك الأول على طريق استعادة الظاهرة الفلسطينية وحضورها من جوف اللجوء والإفقار والتشتت.

الاعتراف العربي والإقرار أن منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني شكل الانتصار الثاني ليتوسع بالاعتراف العالمي في 1974 وقبول منظمة التحرير عضواً مراقباً لدى الأمم المتحدة، وقبول المجلس الوطني الفلسطيني عضواً عاملاً بالاتحاد البرلماني الدولي في تشرين الاول عام 2009، وقبول دولة فلسطين عضواً مراقباً لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29/11/2012.

انتصارات الفلسطينيين خارج فلسطين كانت الضرورة والمقدمة، والأرضية التي وفرت فرص الانطلاق نحو الوطن، فكان الانتصار الجوهري الذي حققه الرئيس الراحل ياسر عرفات بنقل الموضوع الفلسطيني من المنفى إلى الوطن، اعتماداً على عاملين هما: 1- الانتفاضة الأولى عام 1987، 2- اتفاق أوسلو عام 1993، الذي يمكن الحديث عنه ونقده ومن وقع عليه، ولكنه الإنجاز الجوهري على أرض الوطن الذي حققه الشعب الفلسطيني بفعل نضاله وتضحياته، وإن كان البعض لا يرى إلا بعين واحدة مساوئ أوسلو واخفاقاته وهي كثيرة متعددة، ولكن هذه المساوئ ليست حجة أمام عزيمة من يرغب في مواصلة النضال بأدوات مختلفة تنسجم ومعطيات الواقع الفلسطيني على الأرض وفي الميدان داخل الوطن، وليس رغبات وشطحات من يعيش في بيروت والقاهرة وعمان وطهران واسطنبول.

منظمة التحرير بحاجة لوقفة تنظيمية سياسية لمعرفة أصول نجاح مسيرتها التي تعتمد على مقومات بنيانها وهي: 1- فصائل المقاومة الفلسطينية 13 وخاصة فتح وحماس والشعبية والديمقراطية والجهاد، 2- الاتحادات الشعبية المهنية: الطلاب، الأطباء، المهندسين، الحقوقيين، الكتاب والصحفيين، وغيرهم من أصحاب المهن، 3- ممثلي الجاليات الفلسطينية المنتخبين، وعدد من الرموز الإبداعية والإنتاجية البارزة في مجالات الحياة المتعددة، هذه هي قواعد ومرتكزات منظمة التحرير، وليس ممثلي وسكان الضفة والقدس والقطاع فقط، كما يحاول البعض تسويق الحضور الفلسطيني بتمثيلهم، وتهميش المكونات الأخرى التي بمجموعها هي مكونات الشعب الفلسطيني برمته.