قيادة فتح وأولوية ترتيب "البيت" قبل التخويف من الفوضى!
تاريخ النشر : 2020-05-27 09:19

كتب حسن عصفور/ يثير الاستهجان السياسي ما تقوم به حركة فتح، من حملة سياسية – إعلامية منظمة، ضد ما تتوقع انه سيكون في المرحلة القادمة، من نشر "فوضى وإثارة الفتن" ونشاط حركة العملاء وأدوات الاحتلال (دون أن تحددها بشكل واضح)، وتضع تلك في مركز مهامها وتطالب الأجهزة الأمنية التي تسيطر عليها سيطرة مطلقة، ان تبقى يقظة لذلك "المخطط الكبير".

ومن الغرابة السياسية أكثر، ان تفتح الحركة صاحبة الرصاصة الأولى ومن قاد الثورة الفلسطينية، وأول مشروع كياني فلسطيني في التاريخ فوق أرض فلسطين، ان تتذكر الآن تلك المخاوف، وكأنها حركة اكتشاف أو حركة "صحو" بعد سبات دام طويلا.

فالعدو، الذي قام بتنفيذ أوسع عملية عسكرية لتدمير "الكيانية الفلسطينية" واغتيال مؤسسها الشهيد الخالد ياسر عرفات، وتجاهل البعض المتباكي تلك الحقيقة طويلا، لم يتوقف يوما عما تحذر منه "قيادة فتح" راهنا، وكأنها تجاهلت كيف له ان فرض الانتخابات العامة 2006 ليشق طريق الانقسام بوابة تدمير المشروع الوطني.

نعم، دولة الكيان وسلطات الاحتلال، ليس "صديقا" بل هو عدو وطني، ولذا لن يقف متفرجا كما لم يكن يوما، لخلق كل ما يخدم مخططاته، ولسنا بحاجة لتنشيط "ذاكرة البعض" فيما كان من 2000 وحتى 2004، واستخدام كل ما تتحدث عنه فتح الآن ضد السلطة الوطنية والخالد ياسر عرفات، ومن كان "الرافعة المحلية" لتنفيذ ذلك، من بناية العار حتى كرازاي وما بينهما.

مهم جدا، أن تتذكر فتح، ان دولة الاحتلال عدو قومي أو وطني، ومعها تتذكر ما يمكن للمحتلين وأدواتهم القيام به، ولكن الأهم من هذا وذاك، أن تقف بشكل حقيقي أمام ما كان من فشل كبير، وما يجب ان يكون لمنع العدو من تحقيق أهدافه، وفي المقدمة منها تهويد الضفة والقدس، وخلق المحميات التي باتت في طور التكوين.

لا يكفي أبدا لقيادة فتح، التحذير من فوضى ومخططات بديلة، فتلك كانت، بل مسؤوليتها الأولى والرئيسية، أن تعيد ترتيب أولوياتها، بدلا مما عاشته طويلا، منذ غياب الخالد من "حركة التباس سياسي وطني"، وفقدت القدرة على تحديد ماذا تريد.

على فتح وقيادتها، لمواجهة المشروع المعادي المركب، أن تعمل لـ:

*ترتيب بيتها الداخلي، وعدم الهروب من حقيقة وضعها التنظيمي والسياسي، في الضفة والقدس وقطاع غزة، فهناك غضب واسع ومعلوم لم يعد بالإمكان تجاهله.

*على قيادة فتح، وقف حركة التوازي في المسؤولية القائمة، وخلق مراكز قوى ظهرت بشكل واضح خلال ازمة كورونا، تمثلت فيما بات يعرف بـ "حكومتي الرئيس"، حكومة محمد اشتية وحكومة الديوان.

*إعادة تعبئة الأجهزة الأمنية وفقا لمشروع "المواجهة الوطنية الكبرى" مع العدو الإسرائيلي، وتنظيف شوائب ثقافة التنسيق ليس الأمني فحسب، بل تنسيق محطات في الوعي بينهم.

* العودة لتعزيز مفهوم "الشراكة الوطنية"، التي فقدت كل مقوماتها، ولا يوجد شريك حقيقي لفتح، بل يوجد تبعية تحت ضغط الامتيازات بكل اشكالها، وخسرت كثيرا مع البعض الوطني.

*العمل على ترجمة خطاب الرئيس محمود عباس حول التحلل من الاتفاقات، والانتقال به الى مرحلة القرارات السياسية – القانونية، ليدرك الجميع أن الأمر نهائي وليس خطابا انتظاريا لمسالة ما...

*إعادة النظر جذريا في سياسة الرئيس عباس وقراراته نحو قطاع غزة، حصارا ورواتبا وسلوكا.

*تقييم العلاقة مع الدول العربية وفقا للمصلحة الوطنية العليا وليس وفقا للمزاجية السياسية للبعض منها.

*دراسة حقيقية لتفعيل العلاقة مع الأردن وفقا لاتفاق 2012.

*وقبل كل ذلك يجب الفكاك الوطني مع الاحتلال لاستبدال السلطة الفلسطينية وحكومتها بدولة فلسطين وحكومتها.

ذلك ما يجب على قيادة فتح ان تدركه، لو حقا أنها تريد مواجهة مشروع الضم والتهويد وخلق "محميات الضفة وكيان غزة".

دون ذلك تصبح الحملة جزءا من حركة إرهاب للشعب كي لا ينتفض غضبا من هروب المواجهة الحقيقية مع العدو الفعلي وليس "المختلق".

ملاحظة: يبدو أن القوى الفلسطينية أصابها ارتباكا مفاجئا بعد خطاب الرئيس عباس، لم تقدم رؤية مشتركة تصنع منها فاعلا وليس مفعولا به...!

تنويه خاص: قيام سلطات الاحتلال بإرسال فواتير كهرباء الى مجلس محلي "فصايل" بالأغوار دون تنسيق مع السلطة هي أول رسالة للمرحلة القادمة...بيان الوصف المندد ليس ردا يا أهل الكهف السياسي!