حال المشروع الوطني بعد 72 عاما من النكبة
تاريخ النشر : 2020-05-23 11:01

لم يعد  خافيا الان بعد قرارات السلطة الوطنية التي تم إعلانها مؤخراً بأن  المشروع الوطني الفلسطيني  القائم على اتفاقية اوسلو وبما يسمي بعملية السلام الذي يقودها الراعي الأمريكي قد وصل إلى طريق مسدود وذلك  بسبب تعنت الكيان الصهيوني وعدم استعداده لدفع استحقاقات السلام العادل اعتقادا منه بأن التمسك بالفكر السياسي الصهيوني  لتحقيق الرواية إليهودية فيما يتعلق بتسوية  الصراع العربي الصهيوني هو أهم بكثير من تحقيق السلام نفسه  مع دول عربية ضعيفة تعاني من خلل في موازين القوى لذلك عندها الميل الدائم  لتقديم التنازلات كما تضمنتها مبادرة   السلام العربية الذي أقرها مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2000 خاصة في موضوع الاجئين بالإشارة إلى( حل متفق عليه) لتفتح مجال التفكير واسعا في مشاريع التوطين  بدلا من التأكيد على حق العودة وقد يدفعها هذا الميل في النهاية إلى القيام بإجراءات  التطبيع  المتعددة وهو  ما يحدث الان بالفعل  مع دول عربية عديدة ... لقد كان على  قيادة المشروع الوطني منذ البداية أن لا تراهن على طريق التسوية السياسية الذي يحتكرها الراعي الأمريكي المنحاز تاريخيا للكيان الصهيوني والا تنقاد لنظرية وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كيسنجر صاحب نظرية الخطوة خطوة في المفاوضات السياسية الدبلوماسية التي كانت محصلتها إبرام اتفاقية كامب ديفيد مع مصر وكان ذلك اول اختراق للمشروع الوطني الفلسطيني  والقومي العربي  في مواجهة المشروع الصهيوني تبعه بعد  أعوام  اختراق آخر أكثر خطورة على مستقبل القضية الوطنية الفلسطينية  وذلك  بتوقيع اتفاقية اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني والحكومة الإسرائيلية ومنذ ذلك التاريخ  اضحت المفاوضات السياسية  بين السلطة الوطنية الفلسطينية التي أصبح  ينظر إليها محطة أساسية واول سلطة انتقالية على طريق الدولة المستقلة  والحكومات الأسرائيلية المتعاقبة هي الخيار الوحيد لتحقيق أهداف المشروع الوطني وهي مفاوضات أثبتت تجربة الاعوام العديدة الماضية التي مرت على توقيع اتفاقية "السلام " في العاصمة النرويجية اوسلو انها كانت مفاوضات عقيمة حقق فيها الكيان الصهيوني إنجازات كبيرة خاصة  على صعيد  مسألة الأستيطان اليهودي  بينما لم يتحقق أي  إنجازات استراتيجية هامة على طريق تحقيق  الاستقلال الوطني اما ما حققته الدبلوماسية الفلسطينية من نجاح  بحصول دولة  فلسطين على  صفة عضو مراقب في الأمم المتحدة فقد بقي  هذا الإنجاز الدبلوماسي الهام  قائما  ولكن حتى الآن في اطار استمرار حالة التعايش مع الكيان الصهيوني في وضعية دولة تحت  الاحتلال   سواء أكان ذلك  في الضفة الغربية  المحتلة التي يتجه أبناؤها  للعمل داخل الكيان الصهيوني  أو في قطاع  غزة الذي يعيش حالة تهدئة مقابل كوبونات وأموال قطر مما جعل  المشروع الوطني يطغى على جوهره الحقيقي السياسي التحرري  الطابع  الاقتصادي  الإنساني بعيدا عن ممارسة النضال الوطني بكافة أشكاله المشروعة    فلا مقاومة مسلحة في الضفة المحتلة  بسبب التنسيق الأمني ولا كذلك في قطاع غزة  بسبب سياسة التهدئة بل نظام  حكم سياسي  وظيفي في كل منهما   قاعدته التحتية  جماهير فقيرة مطحونة بالصعوبات المعيشية  تنتظر في غالبيتها خاصة في القطاع المحاصر   الرواتب والكوبنات والوظائف  ...هكذا  هو حال مشروعنا الوطني الفلسطيني  الآن بعد 72 عاما  من النكبة وأكثر  من خمسين عاما من انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة  وهو ما شجع حكومة اليمين الإسرائيلي بمزيد من التطرف لاعتقاده بأن أي إجراءات تقوم بها خاصة في موضوع الضم والتوسع الاستيطاني سوف لا تقابل من الطرف الفلسطيني  إلا بقرارات بحاجة إلى التفعيل ولكن  مع بقاء كل شيء  على حاله من ناحية عدم تغير في أداء  العقلية السياسية الفلسطينية التي تراهن على خيار المفاوضات فقط كخيار وحيد  وذلك  منذ ان تم التكيف مع نهج التسوية العربية  واستبدال البرنامج الاستراتيجي الذي أقرته الثورة الفلسطينية منذ انطلاقها  بتحرير فلسطين ببرنامج الحل المرحلي القائم على  مشروع حل الدولتين  الذي تخلت عنه الإدارة الأمريكية الحالية  واستبدلته بصفقة القرن التصفوية .. والسؤال الان  هل بمقدور شعبنا أن يفشل هذا الاعتقاد الإسرائيلي الراسخ في عقلية اليمين الصهيوني  الذي يعبر عنه الآن  الثنائي نتنياهو وجانتس في توليهما بالتناوب  رئاسة أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ الكيان  ..؟ وايضا هل  شعبنا الفلسطيني  قادر بما يمتلكه من مخزون نضالي كبير  أن يجدد نفسه ويزيل  مما لحق به  من إحباط ويأس وميل جارف  لطلب المساعدات المالية والإغاثية   فيدفع فصائله الوطنية والإسلامية المتعددة  للتوصل الى صياغة استراتيجية وطنية جديدة للمشروع الوطني يستطيع من خلالها تحقيق هدفه في  التحرر والاستقلال الوطني التام.