MBC صدى هوليود
تاريخ النشر : 2020-04-30 15:14

لا أضيف جديدا للقارىء العزيز، عندما أؤكد ان مؤسسة هوليود الأميركية، تعتبر سلاحا حيويا هاما من اسلحة الولايات المتحدة، لإنها قامت على مدار عقود وجودها التاريخي في تحقيق أكثر من هدف، أولا تعميم ونشر الثقافة الأميركية؛ ثانيا تعزيز دور اللغة الأنكليزية، كلغة رائدة وأساسية؛ ثالثا نشر وإشاعة سيناريوهاتها حول مستقبل العالم، ووفق الرؤية الإستراتيجية الأميركية؛ رابعا تمجيد دور الرأسمالية العالمية بمراحل تطورها المختلفة، والـتأكيد على ديمومتها التاريخية؛ خامسا دعم الخيار الإستعماري الصهيوني لفلسطين، وفي ذات الوقت، تشويه الرواية الفلسطينية العربية، إن لم يكن نفيها وطمسها؛ سادسا إظهار العرب تحديدا من بين بني البشر كمجموعة بشرية "متخلفة"، وغير قابلة للتطور؛ سابعا محاربة أعداء أميركا عبر الشاشة الفضية ... إلخ

هذة الهوليود قامت عبر المؤسسة المسيطرة عليها، وأداوت الأجهزة الأمنية المتغلغة فيها من تعميم نموذجها في اوساط الأمم والشعوب المستهدفة، ومنها شعوب ودول الأمة العربية، المراد إحداث عملية غسل دماغ واسعة وعميقة للمواطن العربي، وإعادة تشكيله وفق الرؤية والمنظومة الفكرية السياسية الأميركية الصهيونية، بحكم الإندماج المالي والمصلحي بينهما. وأعتقد جازما انها تمكنت من إختراق الوعي العربي عبر مجموعة مؤسسات وقنوات فضائية ووسائل أخرى.

من بين الفضائيات، التي لعبت دورا مهما في تمثل دور وأهداف هوليود الأميركية الصهيونية، هي على سبيل المثال لا الحصر فضائية الجزيرة القطرية، ومجموعة MBC والقنوات الدينية عموما، التي تعمم الأفكار والتعاليم المشوهة للدين الإسلامي، وتندرج معها فضائيات اللهو والتسلية الرخيصة، التي لا هدف لها جميعا سوى إبعاد المواطن العربي عن هموم وقضايا أوطانه وشعوبه وحضارته وتطوره العلمي والتنموي، وإبقائه اسير سياساتها وبرامجها الموجهة لتطويع وتشويه وعيه، وتعميق إعاقته الفكرية والثقافية والمعرفية.

وإذا نحينا جانبا التعميم، وولجنا لدائرة الملموس، وتوقفنا امام مجموعة ال MBC وما لجأت إليه في الشهر الفضيل الحالي من عرض لمسلسلات مغرضة ومشوهة ("مخرج 7" و"أم هارون")، ولنلاحظ ان المسلسلين خليجيين، وهذا ليس عن سذاجة، ولا عن محض الصدفة، انما مقصودا ومبرمجا،هدفت منه إلى تحقيق أكثر من هدف، منها: اولا تشوية صورة الشعب العربي الفلسطيني بشكل عام، وكفاحه الوطني التحرري؛ ثانيا تعميق الفجوة بين الشعب الفلسطيني واشقائه العرب عموما والسعوديين والخليجيين خصوصا؛ ثالثا تمجيد وتلميع المستعمر الإسرائيلي الصهيوني؛ رابعا دفع التطبيع المجاني مع دولة الإستعمار الإسرائيلية خطوات غير مسبوقة للإمام؛ خامسا عملية غسل دماغ للكل العربي، ولكل ناطق بلغة الضاد حتى ولو لم يكن عربيا؛ سادسا التمهيد للمرحلة القادمة، وهي الأخطر عقد تحالفات عربية إسرائيلية علنية ورسمية، وفتح ابواب الدول العربية أمام المستعمرين الإسرائيليين الصهاينة؛ سابعا خنق المشروع القومي العربي النهضوي، وإستباق التحولات الإستراتيجية العالمية لإبقاء العرب في دوامة التبعية وذيل ركب الحضارة البشرية.

وعلينا هنا ان نميز في هذا السياق بين مسألتين هامتين، اولا هناك فرق شاسع وعميق بين الدين اليهودي وأتباعه من بني الإنسان، وبين الصهيونية، التي وظفت الدين اليهودي واليهود المضلليين في خدمة المشروع الإستعماري الصهيورأسمالي. لإنه بالأصل مشروع الرأسمالية الغربية كلها دون إستثناء، التي أوجدت ودعمت ورسخت جذور الحركة الصهيونية الرجعية والعنصرية في أرض فلسطين التاريخية. وبالتالي حتى لا نبقى اسرى هدف الصهيونية، التي نجحت إلى حد كبير في تعميم الخلط بين اليهودية كديانة سماوية، وبين الصهيونية المشروع الإستعماري، التي إستغلت اليهود لمآربها، ومآرب معلميها ومرجعياتها الرأسمالية العالمية.

وعليه في الزمن الحديث، وحتى لا ندفع بالصراع إلى المستنقع الديني، ونقع في دوامة نتنياهو وترامب وصفقتهم المشؤومة وأساطيرهم الخرافية، من الواجب رفض التعميم بين اليهودية والصهيونية، ولا بد من وضع حاجز وقاطع كبير بين المسألتين، لإن هناك من اتباع الديانة اليهودية قطاعات واسعة بمن فيهم من يقيم في إسرائيل ضد الدولة الإستعمارية، اضف إلى ان ابناء الشعب الفلسطيني من السامريين، هم يهود، ولكنهم او جلهم ليسوا صهاينة، وهناك مفكرون وعلماء وإعلاميون من اتباع الديانة اليهودية في العالم كله ضد الحركة الصهيونية وإسرائيل. وبالتالي لا يجوز في مواجهة عملية التشوية التي تديرها مجموعة إم بي سي والجزيرة ومن لف لفهم، ان ننسى للحظة التمييز بين من يريد تمرير التطبيع المجاني مع الدولة الصهيونية، وبين اتباع الديانة اليهودية، وتركيز الجهد على الأخطار الحقيقية لمروجي البضاعة الفاسدة. والتأكيد على ان مجموعة ام بي سي، هي الصدى لصوت ومنطق هوليود الأميركية الصهيونية.