أثر جائحة كورونا على واقع العمال في قطاع غزة
تاريخ النشر : 2020-04-29 23:33

تعتبر الحركة العمالية عصب الاقتصاد الفلسطيني وأهم عناصر الإنتاج، وهي الفئة الأضعف والأكثر هشاشة ارتباط بالظروف والواقع الفلسطيني والتبعية الاقتصادية وانعكاسا للحالة الاقتصادية والحصار المفروض على شعبنا، وهي تتأثر بشكل كبير بأي متغيرات أو تهديدات أو إحداث يتعرض لها مجتمعنا الفلسطيني على جميع الأصعدة، وخاصة في ظل غياب قوانين الحماية الاجتماعية وخاصة قانون الضمان.
كان لإعلان حالة الطوارئ في فلسطين بسبب جائحة كورونا والدعوة للحجر المنزلي أثر كبير على واقع العمال في محافظات غزة حيث فقد عدد كبير منهم فرصة عمله ودخله الوحيد فالكثير من عمالنا وعاملاتنا يعملون بنظام المياومة ووسوق العمل الغير منظم ويعيشون على قوت يومهم.
أولا / الاحصائيات حول واقع سوق العمل قبل وبعد اعلان الطوارئ حسب مركز الإحصاء الفلسطيني.
- بلغت نسبة البطالة حتى نهاية عام 2019، بنسبة 25% منها 15 % ضفة 45% غزة بواقع 343,800 عاطل عن العمل منهم 215,100 شخص في قطاع غزة و128,700 شخص في الضفة
- بلغ عدد العاملين حتى نهاية عام 2019 في دولة فلسطين 1,010,400 عامل، منهم 209,500 عامل في القطاع الحكومي، و667,600 عامل في القطاع الخاص، و133,300 عامل في إسرائيل والمستعمرات.
- عدد العاملين في القطاع الخاص في الضفة الغربية 501,700 عامل و165,900 عامل في قطاع غزة، وتمثل نسبة العاملين في القطاع الخاص حوالي 66% من إجمالي العاملين في فلسطين، وبلغت نسبة العاملين في إسرائيل والمستعمرات 13.2%، في حين بلغت نسبة العاملين في القطاع الحكومي 20.7%.
يصنف العاملون في القطاع الخاص بالتالي:
أ‌. عامل مستخدم بأجر ويقدر عددهم 391 الف، بواقع 276 في ألفا الضفة الغربية و115 ألفا في قطاع غزة
ب. صاحب عمل " ( أي يعمل في منشأة يملكها أو يملك جزء منها ولديه على أقل مستخدم واحد بأجر) وعددهم في فلسطين 61 الف شخص منهم: 52 الف بالضفة 9 الاف بغزة.
ج. يعمل لحسابه" (اي يعمل في مؤسسة يملكها أو يملك جزء منها وليس لديه أي مستخدم بأجر) وعددهم 177 الف شخص منهم: 140 الف ضفة و37 الف غزة.
د. العمالة العائلية وهم: يعملون كعضو أسرة غير مدفوع الأجر بواقع 39 الف شخص منهم بالضفة 34 الف مقابل 5 الاف بغزة.
- بلغ عدد العاملين في إسرائيل والمستعمرات الإسرائيلية 133,300 عامل، بواقع 110,400 عامل في إسرائيل و22,900 عامل في المستعمرات، منهم 300 امرأة عاملة في المستعمرات و600 امرأة عاملة في إسرائيل.
مجموع المنشآت الاقتصادية المصرح لها بالعمل خلال فترة الطوارئ حسب تقرير وزير الاقتصاد قبل تخفيف الإجراءات.
- تعمل في سوق العمل الفلسطيني بعد اعلان حالة الطوارئ تقريبا 37 الف منشأة تشغل حالياً أكثر من 100 الف عامل أي ما نسبته 26.2% من اصل 142,400 منشأة عاملة في الوضع الطبيعي.
- ما يقارب 560 الف تعطلوا عن العمل في فلسطين في القطاع الخاص في سوق العمل الفلسطيني، ومعظمهم عمال غير منظمين.
العمال غير المنظمين في سوق العمل:
- نعني بالعاملين في القطاع غير المنظم هم كل شخص يعمل لحسابه الخاص أو لدي صاحب عمل يعمل لحسابه ولا يوجد لديها سجل ضريبي، أو تسجيل قانونيا...وهذه الفئة العمالية منتشرة بشكل واسع في غزة في ظل ضعف استحداث فرص عمل جديدة في سوق العمل المنتظم...
والعاملين في القطاع غير المنظم لا يحصلون على أي من الحقوق في سوق العمل سواء مكافأة نهاية الخدمة/تقاعد، أو إجازة سنوية مدفوعة الأجر، أو إجازة مرضية مدفوعة الأجر، فقط يحصلون على أجور ومعظمها اقل من الحد الأدنى للأجور قد بلغت نسبتهم حوالي 57% من مجمل العاملين منهم 61% من الذكور و38% من الإناث، وبواقع 59% في الضفة الغربية و41% في قطاع غزة.
حسب المعطيات والاحصائيات أعلاه فإن الاف العمال تأثروا ووقع عليهم الضرر بصورة مباشرة من حالة الطوارئ وخاصة عمال في القطاع غير المنظم، وقد سجلنا الكثير من الشكاوي منهم في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.
ثانيا/ أهم القطاعات العمالية الأكثر تضررا على سبيل المثال لا الحصر وهي:
- عمال النقل والمواصلات
- عمال المطاعم والفنادق ويقدر عددهم اكثر من 4000 عامل وعاملة.
- أصحاب صالات الافراح وكل العاملين فيها.
- عاملات عمال رياض الأطفال ومربيات الحاضنات، والمدارس الخاصة..
- أصحاب البسطات والكافي هات.
- أصحاب المشاريع الصغيرة والمبادرات الإنتاجية.
- ملتزمي كنتين المدارس ومواقف السيارات...
- البائعين مع التجار في الأسواق الأسبوعية ..
- أصحاب الورش الصغيرة..
- عمال توصيل السريع (الدرفري)
- اخفاض كبير في اعداد العمال في المنشآت الصناعية، والتشييد والبناء والزراعية والخدمات العامة ...الخ...
- عمال تصاريح التجارة داخل الخط الأخضر وعددهم أكثر من 5000 عامل فتحوا سجلات تجارة للعمل في إسرائيل .
ثالثا/ أبرز الاثار التي تعرض لها العمال والتي حصرنا جزء منها:
- فقدان عدد كبير فرصة العمل ومزيد من الفقر والبطالة .
- فقدان الاجر اليومي الدخل الوحيد لمصدر الرزق، لان العمال يعيشون على قوت عملهم.
- عدم التزام المشغلين بدفع الأجور عن فترة الحجر المنزلي ... والالتزام بالاتفاق الموقع بين اطراف (مجلس التنسيق للقطاع الخاص والاتحاد العام لنقابات العمال برعاية وزارة العمل والذي ينص على التزام المشغلين بدفع 50% من اجرة شهر مارس وأبريل بحد أدنى 1000 شيقل على ان يكمل الراتب بعد استقرار العمل .
- عدم مقدرة العمال على تلبية الاحتياجات الأساسية لآسرهم وخاصة ونحن على مشارف شهر رمضان المبارك.
- إرغام العمال المنتظمين لاحتساب فترة الحجر المنزلي من اجازاتهم السنوية او على حسابهم بدون مقابل.(وقد سجلنا مخالفات قانونية لبعض الشركات والمؤسسات التشغيلية الكبيرة.
- اقتصار بعض المؤسسات التشغيلية على تشغيل أفراد الاسرة وتوفير العمال.
- فقدان كل العمال غير المنظمين في سوق العمل دخلهم الوحيد انعكاسا لحالة الطوارئ ووقف تقريبا الحياة الاقتصادية.
- ضعف الرقابة وسبل السلامة المهنية والوقائية من فايروس كورونا، في المنشآت التي تعمل.
- انعكاسات نفسية واجتماعية وشعور بالقلق والاضطراب ..
- تأخير في الأجور المستحقة لأعداد من العمال.
- مشاكل بين العمال مع مشغليهم لوقف علاقة العمل وما ترتب عليها من حقوق عمالية.
رابعا / مقترحات وتوصيات للتدخل .....
بعد توصيف الحالة وانعكاس فرض حالة الطوارئ بشكل سلبي على العمال بكل فئاتهم وبتفاوت يجب العمل على التالي:
- من المهم تنظيم كل البرامج لتعويض العمال والمتضررين لضبط تقديم المساعدات .
- تتحمل الحكومة المسئولية الأولى عن تعويض العمال المتضررين من فرض حالة الطوارئ.
- يجب ان يكون هناك مساعدات وتعويضات دورية طوال فترة جائحة كورونا والحجر المنزلي للعمال، و يجب العمل على تقاسم لقمة العيش وتوزيع الدخل بشكل عادل بين الجميع ، وهناك أيضا مسئولية مجتمعية يتشارك فيها اطراف الإنتاج ومؤسسات المجتمع المدني .
- على المشغلين في القطاع الخاص تحمل مسؤولياتهم في الالتزام بأجور العمال حسب الاتفاق الموقع بين اطراف الإنتاج.
- يجب وضع معايير للعدالة والشفافية والوضوح في كافة البرامج الاغاثية والمساعدات المقدمة للعمال ، الإعلان عنها للجميع وفتح باب للتظلم والابتعاد عن الفئوية والمحاصصة في تقسيم المساعدات بعيدا عن الأولويات للأكثر ضررا.
- يجب مراعاة خصوصية عمال قطاع غزة وظروفهم بزيادة عدد المستفيدين من برامج التعويضات.
- ضرورة العمل على تنظيم وتوحيد برامج المساعدات ومراقبتها بما يكفل العدالة وعدم التمييز بكل اشكاله، وتقديم صورة مهنية في برامج الإنقاذ، حتى نستطيع جلب تمويل.
- ضرورة العمل تعزيز سبل السلامة المهنية في بيئة العمل والوقاية من فايروس كورونا بما يكفل استمرار عملها.
- ضرورة العمل على تعزيز مبدأ التكافل الاجتماعي والتعاضد بين افراد المجتمع .
- يجب العمل بالضغط على حكومة الاحتلال لتحمل مسئولياتها عن عمال الخط الأخضر والمطالبة باسترداد أموالهم المتأخرة في صناديق التأمينات الاجتماعية التي تقدر بالمليارات منذ عام 1970.
- ضرورة العمل على تفعيل قانون الضمان الاجتماعي والذي يشكل حماية اجتماعية للعمال بالتأمينات في مواجهة الاخطار والكوارث.
- ضرورة ان يقوم أصحاب الشركات و رؤوس الأموال بالتبرع لدعم برامج المساعدات والتعويضات لمتضرري من جائحة كورونا وتحمل المسؤولية الأخلاقية والوطنية لتعزيز صمود شعبنا.
- ضرورة العمل على تدعيم المؤسسات الاقتصادية لتستطيع استعادة وضعها والحفاظ على استمراريتها في تشغيل عمالها.
من المهم أن يتم العمل على انهاء الانقسام المقيت و تخطي تداعياته، والعمل بشكل وحدوي لمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية وانصاف العمال المتضررين وادراج تعويضات لهم بعدالة من صندوق وقفة عز واي مصادر أخرى لتخفيف الأعباء على العمال ومساعدتهم في هذه الازمة .
أخيرا اعتقد أن أزمة كورونا لن تنتهي بالقريب، وهذا يحتاج لتعزيز الصمود والتعاون الدولي والمحلي ووضع خطة وطنية واضحة في كل مراحلها حتى انتهاء الازمة .