حكومة نتنياهو... الخامسة تغيير الشخوص والنهج ذاته
تاريخ النشر : 2020-04-29 16:27

بعد ثلاث جولات انتخابية متتالية وبعد انقلابات وتحولات في المشهد السياسي الإسرائيلي استطاع رئيس حكومة إسرائيل الجديد القديم بنيامين نتنياهو أخيراً تشكيل حكومته الخامسة فبعد التعسر المتواصل منذ أكثر من عام حصل ما كان متوقعاً في البداية وهو أن نتنياهو باقٍ في الحكم وأنه غير مغادر للساحة السياسية حالياً.

فكل الشواهد تؤكد بأن موازين القوى ما زالت بصالحه وأن أرباب السياسة والمال المتحكمين بالدولة العبرية إن كان في الداخل أو في الخارج مازالوا يراهنون على نهج اليمين بقيادة نتنياهو، فما لعبة الانتخابات إلا واحدة من الوسائل المتبعة لتحسين موقعه التفاوضي  أمام خصومه السياسيين، فبعدما استنفذ كل ألاعيبه السياسية والإعلامية وحتى العنصرية لجعل اليمين المتطرف هو الحاكم الأوحد لدولة إسرائيل قام بما كان متوقعاً وهو تفكيك أكبر كتلة منافسة له منذ انهيار حزب كاديما بزعامة تسيفي ليفني هذه الكتلة التي ترأسها ثلاث قادة أركان سابقين وإعلامي بارع لم تستطع الصمود أكثر في وجه الشخص الأكثر تمرساً في الحياة السياسية الإسرائيلية مما أدى لانهيارها وانقلاب رئيسها على نفسه ومبادئه وما كان ينادي به منذ دخوله الحلبة السياسية.

فغانتس الذي بدأ حياته السياسية كمنافس شرس لنتنياهو وسياسته والذي انتقد كل سياسات اليمين الإسرائيلي بالحكم وإدارة الدولة والفساد والذي طبع حقبة  نتنياهو وفريقه الحاكم منذ أكثر من عقد من الزمن يطل اليوم على ناخبيه ومناصريه بثوب جديد يدافع فيه عن خياراته السياسية بالجلوس بحكومة يرئسها متهم في الفساد وعنصري فاشي حتى أن ما التزم به أمام ناخبيه الذين تشكل غالبيتهم من بقايا اليسار الإسرائيلي لم يستطع الإيفاء والالتزام به فقد تنازل عن شروطه كافة حيث إن نتنياهو أعطاه حقائب وزارية ومواقع هامة دون أن يعطيه السلطات المطلوبة، واستطاع تكبيله باتفاق ائتلافي يتم من خلاله تغيير قوانين أساس في الكنيست الإسرائيلي وذلك لتحسين مواقع الليكود ونتنياهو أمام القضاء الإسرائيلي الذي سيبدأ محاكمته قريباً بل واستطاع أن يمنع وزراء حزب غانتس من أخذ قرارات هامة وتعيين موظفين كبار دون موافقته.

فلأول مرة في إسرائيل يكون لرئيس حكومة القدرة على التدخل بهذا الشكل بتعيين لجنة القضاة أو النائب العام. أما الأمر الذي استطاع نتنياهو إبقاءه على الطاولة فهو قرارات الضم الإسرائيلية المزمع تنفيذها مباشرة بعد تشكيل الحكومة حيث إن هذا الأمر أصبح الآن جزء من اتفاق ائتلافي يُلزم مختلف الأطراف ما يجعل كل ما نادى به غانتس واليسار الإسرائيلي فقط شعارات انتخابية لم تصمد عند أول امتحان فالحكومة الإسرائيلية الجديدة ستحافظ على نفس النهج الذي مارسته لسنوات طويلة إن كان على مستوى العلاقة مع الشعب الفلسطيني  والإجراءات العنصرية المتواصلة بحقه وهذا ما يجعل مجرد التعويل على أجنحة من اليسار الإسرائيلي تستطيع تغيير سياسة إسرائيل أمر غير واقعي وغير عملي وأثبتت كل التجارب السابقة فشله.