مسامير وأزاهير 333... غزة لن تركع إلا لله تعالى!!.
تاريخ النشر : 2014-07-26 02:35

الزعماء الكبار والتاريخيون للأمم هم وحدهم دون سواهم الذين يصنعون الأحداث ويُحسنون التعامل مع قضايا شعوبهم المصيرية ويرفعون من قدرها ووزنها وبالتالي يسجلون أسماءهم بأحرف من نور حتى قيام الساعة، هكذا كان غاندي ونيلسون مانديلا، وهكذا كان خالد الذكر الزعيم العربي المصري جمال عبدالناصر \"رحمه الله\" الذي أحبّه الشعب العربي من المحيط حتى الخليج وماتزال ذكراه حاضرة قوية وستبقى، فالقضايا العربية الكبرى والمصيرية التي آمن بها عبد الناصر والتي عمل ومات من اجلها كانت وما زالت الأكثر إثارة إلى اليوم وفي طليعتها قضية فلسطين .. ثم الوحدة العربية والقومية العربية والعروبة وكذلك التحرر من الاستعمار وما كان يسميه بالرجعية العربية، إضافة إلى مآثر ما زالت إلى يومنا شاهدة على حكمه وعلى زمنه.

تساؤلان بريئان أوجههما نيابة عن كل شرفاء هذه الأمة بعد مقدمتي تلك لقيادة السلطة الوطنية الفلسطينية أولاً ولحكومة الإنقلاب في مصر المحروسة بإذن الله تعالى ثانيا:

أولا... ما الذي قدمته حكومة التوافق الفلسطيني إزاء هذه المجزرة الصهيونية التي تجري هذه الأيام بحق أبناء شعبها الصامد المرابط في غزة العزة والشمم!؟، وهل أن ردة فعل القيادة الفلسطينية حتى هذه الساعة تتناسب وحجم هذه الجريمة النكراء بحق أبناء شعبها هناك!؟، وهل أقدمت تلك القيادة الفلسطينية على حماية شبابها المرابط المنتفض الثائر في مدن وقرى الضفة الذين هبّوا غاضبين لنجدة إخوتهم في غزة فراحت قوات الاحتلال الغاشم تمارس بحقهم تقتيلا وتنكيلا واعتقالا!؟.

ثانيا ... ما السبب الذي جعل حكومة مصر تتشبث ببنود ما سمي بمبادرة مصر فأعلنت وزارة خارجيتها أنها لا تعتزم إجراء تعديل على بعض بنودها وبما يتناسب ومطالب الفصائل الفلسطينية المقاومة في وقت سارعت حكومة النتن ياهو والولايات المتحدة الأمريكية بالموافقة عليها!؟, ثم كيف تناست حكومة مصر سريعا حقيقة من كان عدوها طيلة عقود مضت ودخل أبناء جيشها المصري العظيم ضده حروبا طاحنة شتى على أرض سيناء وروّت بدمائها الطاهرة نجيعها!؟، أم أنها قد تناست بجرة قلم تلك الحقيقة الدامغة من أن غزة بوابة مصر نحو آسيا، وأنها تشكل العمق الجغرافي لمصر، من ناحية، وتعتبر جزءً من أمنها القومي من جهة ثانية، علاوة على روابط الدم والقومية والدين والتاريخ المشترك، ورغم تلك الحقائق التاريخية والجغرافية فإنها تناست وتجاهلت كل تلك الحقائق وغضّت الطرف وتعامت عما يجري من مجازر وحشية صهيونية تجري في غزة العزة!؟.

بالنسبة للتساؤل الأول أقول ...

لقد أجمع جميع المحللين والمراقبين السياسيين من شرفاء هذه الأمة المنكوبة بزعمائها وقادتها المتخاذلين المتهالكين على كراسيّهم وعروشهم أن موقف قيادة السلطة الفلسطينية لا يتناسب وحجم الجريمة التي تقترفها قوات الاحتلال الصهيوني في غزة، كما ولم ترتق إلى ما بذلته وتبذله فصائل المقاومة الفلسطينية المقاتلة في غزة، في وقت كان على قيادة السلطة الفلسطينية اذا ما كانت معنية فعلا بالهمّ الفلسطيني وتسعى حقا لتوحيد الجهد والصف الفلسطيني ان تستغل صمود المقاومة في غزة بوجه هجمة الاحتلال الصهيوني وذلك بالاصطفاف معها منذ اللحظة الأولى للعدوان، من خلال الإعلان عن موت التسوية المهلهلة العبثية وإلى غير رجعة، وما تعنيه من إنهاء التنسيق الأمني بين قوات الأمن الفلسطيني وقوات الاحتلال الصهيوني، بدلاً من أن تسارع للإعلان عن مباركتها للمبادرة المصرية، وقيام الرئيس محمود عباس بحمل حقائبه متنقلا برحلات مكوكية بين الكويت وقطر وتركيا ومصر من اجل حشد الجهود للضغط على قيادة المقاومة في غزة للرضوخ لبنود هذه المبادرة التي تحمل عواراً وشبهة بين طياتها عند التطبيق لاسيما في ظل تجربة مريرة مع عدو ماكر ناقض للعهود والمواثيق، بل والأنكى من هذا كله، كان عليه وعلى طاقم قيادة السلطة الفلسطينية ومستشاريها شد الرحال منذ الساعات الأولى لهذا العدوان والتوجه إلى غزة لإعلان تضامنهم جميعا مع أبناء شعبه الصامد المرابط دلالة على وحدة المصير والدم الفلسطيني أولاً، وليكون مؤشرا لا يقبل التاويل والشك على مصداقية رئيس دولة فلسطين تجاه قضايا جماهيره سواء في الضفة أو القطاع، لاسيما وأن صواريخ وقذائف الكيان الصهيوني حين تطلق على غزة فإنها لا تفرق بين حمساوي أو فتحاوي أو جهادي أو فلسطيني مستقل!!.

لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى ولم يبق في القوس من منزع، في ظل هذه الجريمة البشعة التي تقترفها قوات الاحتلال الصهيوني التي فقدت صوابها تماما وتخلت عن أي من أخلاقيات الحرب وعرفها، وآن الأوان لقيادة السلطة الفلسطينية أن تطلق يد المارد الفلسطيني الجبار المكبل في مدن الضفة وقراها والمتمثل بالشباب الفلسطيني التواق للتصدي لقوات الاحتلال البغيض ليعلن عن الانتفاضة الثالثة المباركة التي ستزلزل الأرض تحت أقدام المستوطنين وقوات الاحتلال وكي تنبئ العالم الذي غطّ طويلا في سباته أن هناك شعبا عربيا فلسطينيا قد ضاق ذرعا ويسعى لنيل حريته وكرامته من احتلال بغيض غاشم يكبت أنفاس أبناء فلسطين في الضفة ويضيق الخناق في غزة ويذبح أبناءها.

أجل وربِّ الكعبة، إننا تالله لننتظر وبأحر من الجمر أن ينتفض أبناء فلسطين في مدن جنين ونابلس والخليل ويعبد وطولكم ورام الله والقدس وغيرها من مدن وقرى الضفة فيعلنوا الانتفاضة الثالثة بوجه قوات الاحتلال ومن يحميهم بتنسيق أمني من قبل قوات أمنية فلسطينية، في إشارة منهم لوحدة المصير الفلسطيني التي تمتد على كل الرقعة الجغرافية لفلسطين التاريخية أولاً وأن المعركة مع العدو الصهيوني واحدة تمتد من مدن وقرى الضفة وأراضي 48 مرورا إلى غزة الصمود والإباء والشمم التي تمثل اليوم آخر قلعة صامدة من قلاع المقاومة التي إن سقطت وخفّ أوارها فلن تقوم لفلسطين قائمة بعد اليوم!!!.

وإجابة عن التساؤل الثاني فأقول متيقنا واثقا ...

جاهل وظالم لنفسه بل وآثم من يرى أن لا فرق بين عداء الولايات المتحدة الأمريكية للمقاومة الفلسطينية المتمثل بدعمها العسكري والسياسي والدبلوماسي للكيان الصهيوني وبين صمت دولنا العربية المريب على جريمة الاحتلال الصهيوني ووقوف أنظمتنا العربية مكتوفة الأيدي وكأن الأمر لا يعنيها من جانب، وزاد عليها ظلما وإثما وخيانة عظمى ما يقدمه نظام الانقلاب في مصر من خدمة كبرى للكيان الصهيوني من خلال تشديده الخناق على أبناء غزة في محنتهم هذه ومنع أي مقوم للحياة لهم في محنتهم هذه بحجة حماية الأمن القومي المصري!!.

لقد كان على نظام مصر ألا يقتصر دوره بإطلاق مبادرته والتعنت بعدم تعديل بنودها بما يحقق لشعب فلسطين في غزة بعض مطالبهم المشروعة، بل كان عليه أن يبادر من أول لحظة انطلاق العدوان على غزة أن يسارع دون مناشدة أو مطالبة لفتح أبواب معبر رفح وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة من مأكل ومشرب ووقود وأدوية تعزيزا منها لصمود أبناء غزة، لا أن يخلط بين مشاكله السياسية التي نعلمها يقينا وبين قضية العرب المركزية \"قضية فلسطين\" التي كان قد حارب من أجلها الرئيس الراحل زعيم العرب جمال عبدالناصر \"رحمه الله\" منذ نكبة 1948 حين كان ضابطا في الجيش المصري حتى ساعة لقاء وجه ربه إبان حرب الاستنزاف المعروفة وتهيئة جيش مصر للمعركة القومية التي لم ينل شرف خوضها.

لا نلقي تهما جزافا بحديثنا هذا على حكومة مصر، فلقد تابعنا وللأسف الشديد وعبر شاشات الفضائية كيف منعت سلطات مصر قوافل إنسانية حوت عددا من نشطاء مصريين كانوا متوجهين للتضامن ودعم صمود أبناء غزة، وكيف أعادتهم إلى القاهرة بعد رفع السلاح بأوجههم وصدورهم، وكيف أن سلطات مصر الأمنية منعت في الوقت ذاته قافلة إنسانية من الأطباء الماليزيين والأوربيين وأجبرتهم على العودة للقاهرة بحجة سلامتهم مما يجري في غزة، وكأن هؤلاء الأطباء الأجانب لا يعلمون أنهم متجهون إلى أرض تغطيها الصواريخ والقذائف والقتال!!!.

إن ما يؤلمنا حقا ويحزّ في أنفسنا لا يكمن بوحشية قوات الاحتلال الصهيوني، فوحشيتهم أمر نعلمه يقينا ولا يدهشنا أبداً بل ونتوقعه، إنما يؤلمنا موقف مَنْ يُسمَون بأبناء جلدتنا الذين تطابقت مواقفهم ومواقف الصهاينة إلى حد كبير فلم يعد بإمكاننا أن نفرِّق أيهم العدو الحقيقي لنا ولقضايانا المصيرية: أبناء صهيون بوحشيتهم ومجازرهم، أم أبناء جلدتنا الذين حقّ عليهم قول العزيز القدير في كتابه الكريم: \"أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا\"... (محمد: 23-24)!!؟.

حيّ الله رجال المقاومة الفلسطينية الأبطال بكافة فصائلهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم الذين سطروا أروع ملاحم البطولة والصمود، والذين كسروا عنجهية قوات الاحتلال وأربكوا لهم مخططاتهم وأحلامهم، فظنوا أن عدوانهم الأخير هذا سيكون نزهة قصيرة الأمد سيتم بعدها قلع جذور المقاومة، فخاب ظنهم وخسء فألهم، وما مجازر قوات الاحتلال الصهيوني في الشجاعية وخزاعة إلا دليلا دامغا لا يقبل الدحض والإنكار على حجم صدمتهم وفداحة ما خسرته قواتهم المعتدية الغاشمة!!.

والله أكبر وليخسأ المنبطحون المتخاذلون من أبناء جلدتنا.

25 تموز /يوليو/ 2014