فايروس كورونا وتعزيز دور الدولة..!
تاريخ النشر : 2020-04-23 21:50

ازمة تفشي جائحة كورونا التي انطلقت من اووهان الصينية منذ اربعة اشهر لتجتاح كافة الدول وتضعها في امتحان عسير يقع بين الفشل والنجاح في المواجهة، النجاح الذي يعني حماية الارواح وحماية الصحة العامة للمجتمع والتي تعتبر اساس العقد الإجتماعي الذي تنشأ وتبنى على اساسه الدول، كما النجاح في توفير الغذاء والعلاج والأمن وديمومة عجلة التنمية، وعدم توقف الإنتاج والبناء والمحافظة على مستوى الرفاه للمواطن حتى في ظل الازمات والحروب أو إنتشار الأوبئة، لاشك أن الإمتحان قاس وصعب، لكنه سيكشف مدى جدارة الدولة وجدارة مؤسساتها ومسؤوليها في تحقيق الأهداف والغايات من وجود الدولة ومؤسساتها التي تفرض سلطانها على الجميع حكاما ومحكومين بقوة القانون المبني على اساس العقد الإجتماعي، الذي يمنح الدولة سلطة اصدار القوانين واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة للوفاء بواجباتها، ويلزم المجتمع افرادا وجماعات احترام تلك القوانين والإجراءات والتدابير المتخذة والإلتزام بها سواء في حالات الأزمات التي تفرض حالة طواريء أو حالة استثناء كما في الأوضاع الإعتيادية، التي لا تسمح بوجود أي هامش للمعارضة لتلك القوانين والإجراءت أو التدابير المتخذة من قبل مؤسسات الدولة التي تحقق نجاحها، من هنا تبرز اهمية ادارة الأزمة لدى كافة الدول والتي بدورها تمثل معيارا هاما لنجاح الدولة من فشلها.

من هنا وجدنا كافة الدول تجتهد في إختيار افضل الإجراءات والتدابير والسياسات التي من شأنها الحدِ قدر الإمكان من انتشار الوباء والوقاية من العدوى وتوفير افضل اسباب الشفاء للمصابين به، وقد رصدت الدول المبالغ المالية التي تمكنها من ذلك، ورغم ذلك فقد قارب عدد المصابين الثلاثة ملايين مصاب عدى عن الإصابات غير المسجلة أو غير المكتشفة والتي قد تكون اضعاف العدد المعلن عنه من جانب الدول وقد حصد ارواح ما يقارب المئتي الف من البشر، دون الدخول في مناقشة صحة ودقة البيانات المعلنة من جانب الدول، فإنها تكشف عن تباينات بينها تعكس مدى النجاح أو الفشل لكل واحدة منها، يضاف إلى ذلك حجم الاضرار الإقتصادية المهولة التي اصابت إقتصادياتها، وقد فقد الكثيرين من ابناءها وظائفهم كما ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل وبالتالي فقد مدخولاتهم كليا أو جزئيا خصوصا ممن يعملون في القطاعات الخاصة المختلفة والتي لم تستثني الازمة منها أي قطاع، هنا تكمن ايضا قدرة الدولة على انقاذ هذه القطاعات من الإنهيار ووضع آليات وتدابير وسياسات تمكنها من الإستمرار والنشاط ولو بالحد الادنى الذي يحافظ على ديمومتها دون التعارض مع الإجراءات والتدابير المتخذة للحدِ من إنتشار الوباء ومحاصرته.

تتعاظم مسؤولية الدولة (المركبة والمعقدة) في ظل الأزمات التي يصعب تحديد مدة استمرارها، التقارير الصادرة عن جهات الإختصاص الصحية والوبائية بشأن جائحة الكورونا لغاية الآن تشير في الغالب إلى امتدادها من ستة اشهر إلى ثمانية عشر شهرا وهذه مدة ليست قصيرة، هذا ما يفاقم من حدة الازمة ونواتجها السلبية على مستوى الصحة العامة للمجتمع وعلى مستوى اقتصاد الدول، وهكذا بدأنا نشهد ازمة اقتصادية دولية حادة وعامة وبدأت بعض الدول تعلن عن اضرار اقتصادية وخسائرها التي تقدر بالعشرات أو المئات من مليارات الدولارات، ما يثقل كاهل الدول الكبرى كما الدول الصغرى، ويؤثر على مستوى حياة الأفراد.

ازمة الكورونا عززت وستعزز من دور الدولة في حياة الافراد والمؤسسات والمجتمع بصفة عامة، أكثر فأكثر كلما طالت مدة الوباء واتسعت مساحة الإنتشار، فلا غنى عن دور الدولة وتدخلها وتعاظمه في الحياة، ولا غنى عن دور الفرد المواطن ووعيه بخطورة الوباء والازمة بل الازمات الناتجة عنه، والتقيد بشروط الوقاية والسلامة والتكيف مع ما تفرضه من ظروف اقتصادية. حتى تتمكن الدولة والمؤسسة والأسرة والفرد من الصمود وإجتياز المواجه للوباء واللازمة بأقل الأضرار والخسائر الممكنة.