التهديدات اللفظية لا تخيف الاحتلال الإسرائيلي
تاريخ النشر : 2020-04-23 13:49

بعد نكبة 1948اختصر الشاعر الفلسطيني أحمد فرح عقيلان مجمل الصراع مع الإسرائيليين بجملة شعرية واحدة، فال فيها:

إن ألفي قذيفة من كلامٍ لا تساوي قذيفة من حديد

هذا الشعر يحاكي التهديدات التي صدرت عن الرئاسة الفلسطينية، إثر تناقل المعلومات عن تشكيل حكومة الطوارئ الإسرائيلية، وتوافق الأحزاب على ضم منطقة الأغوار بعد شهر 7 من هذا العام!

لقد أدانت الرئاسة الفلسطينية التوافق الإسرائيلي على الضم، وأدانت القرار الاستفزازي الصادر عن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية الذي قرر مصادرة أراضٍ في الحرم الإبراهيمي تابعة للأوقاف الإسلامية، بهدف تهويدها لصالح مشاريع استيطانية. واعتبرت الرئاسة هذا العمل عدوانيا صارخا، ومخالفاً للقانون الدولي.

جاءت الإدانة الفلسطينية صاخبة ومدوية في سماء الإعلام الفلسطيني فقط، أما على الصعيد الخارجي، فلم يلتفت العالم للتهديدات الفلسطينية، ولن يأخذها على محمل الجد، ولم تهتز شعرة من جسد المستشار القضائي لتصريحات الرئاسة الفلسطينية التي لم تكتف بالإدانة، وإطلاق ألاف القذائف الكلامية، بل أوغلت الرئاسة في التهديدات حين حذرت الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ سياسة الضم سواء في الأغوار أو في مناطق أخرى، لأنها ستؤدي إلى نتائج كارثية.

فهل خافت الحكومة الإسرائيلية من التهديدات الإسرائيلية وارتعبت؟ وهل ستحد من أطماعها خشية رد فعل بعض التنظيمات الفلسطينية الرافضة لضم الأراضي الفلسطينية؟

الشعب الفلسطيني يعرف الجواب قبل الشعوب العربية، والإسرائيليون يعرفون أن هذه التصريحات بلا رصيد على أرض الواقع، ولن تتحول إلى قرارات ميدانية تقلب المعادلة، فالإسرائيليون مطمئنون إلى النتائج، ولو كان يساورهم بعض شك باختلال الأمن، أو انكسار قواعده المعول بها منذ عام 1994، لما تجرأت الحكومة الإسرائيلية على مناقشة موضوع الضم، ولما فكرت من قبل في وضع حجر واحد على أطراف مستوطنة يهودية.

الاطمئنان الإسرائيلي بأن رد فعل الفلسطينيين سيكون قذائف من كلام هو أكبر محفز للضم، وهذا الاطمئنان هو سماد الأرض الذي انزرعت مستوطنين يهود، ولاسيما أن بيان الرئاسة الفلسطينية قد حذر إسرائيل من أن سياسة الضم والاستيطان هذه ستقوض كل شيء، وتنهي عملية السلام برمتها!

فأين هي عملية السلام ورمتها؟ وهل يبكي الإسرائيليون لفراقها؟ وهل ما زال بين الفلسطينيين العرب من يزعم بوجود عملية سلام؟ ألم تنته عملية السلام منذ عام 1999، حيث انتهت المرحلة الانتقالية وفق نصوص أوسلو البائسة؟

هذه القراءة النقدية للواقع الفلسطيني لا علاقة له بالانقسام، ولا تدخل من باب المناكفة التي أحبطت العزائم الفلسطينية بمقدار ما حفزت الأطماع الإسرائيلية، هذه القراءة تلزمنا بالإجابة على سؤال يتصدر كل النقاشات الفلسطينية، ويقول:

ماذا بوسع القيادة أن تفعل، في ظل الانقسام، وتحت ظلال هذا الواقع العربي الضعيف والممزق؟

فيكون الجواب: على القيادة الفلسطينية أن تلتقي مع كل مكونات الشعب الفلسطيني، وأن تتفق معهم على برنامج عمل مقاوم للاحتلال. فاليد وحدها لا تصفق، حتى ولو كانت يد اليهودي شمشون الجبار، فكيف لو كانت هذه اليد مغلولة بالاتفاقيات التي أعطت للاحتلال كل شيء، وسلبت من الفلسطيني أعز شيء، سلبت منه الحق في مقاومة الاحتلال بكل ما أوتي من قوة وبأس.