حكومة في مواجهة القانون الداخلي والدولي ..!
تاريخ النشر : 2020-04-22 09:09

 

اتفاق نتنياهو_غانتس شرَّع لتشكيل حكومة (المستعمرة الإسرائيلية) لتجنب الذهاب إلى انتخابات رابعة في المستعمرة في غضون سنة، تحت وطأة جائحة الكورونا التي تجتاح العالم ومنه فلسطين المحتلة، استطاع ثعلب السياسة اليمينية زعيم الليكود من تفكيك تحالف المعارضة له وصناعة اغلبية تمكنة مع غانتس زعيم كاحلون لفان وبيريتس زعيم بقايا حزب العمل من توقيع اتفاق لتشكيل حكومة جديدة للمستعمرة وإنهاء ازمة تشكيل الحكومة الذي دام قرابة ثمانية اشهر، وقد اتسم التحول في المواقف لدى تلك القوى الحزبية التي توافقت على تشكيل الحكومة بصفة الإنتهازية السياسية التي تخلت فيه عن برامجها المعلنة مسبقا ومواقفها الإنتخابية التي بناء عليها قد صوت لها ولصالحها الناخب الإسرائيلي مما حدى بأصحاب الرايات السوداء للتظاهر في ميدان اسحاق رابين ضدها فور الإعلان عنها واعتبر هذا الاتفاق المفضي اليها انقلابا على الديمقراطية الإسرائيلية، مستغلة هذه القوى وباء الكورونا وعدم القدرة على تنظيم انتخابات رابعة في ظلها لتقفز عن مواقفها ووعودها الإنتخابية وتجري انقلابها.

قد استطاع نتنياهو من خلال هذا الإتفاق الذي وقعه مع غانتس يوم 20/04 من اعادة تشكيل مواقف هذه القوى الحزبية واعادة صياغتها ليشكل على اساسه برنامج حكومته التي ستكفل له الصمود في مواجهة القضاء الإسرائيلي من خلال تمكنه من اعادة تشكيل المحكمة العليا والإدعاء الحكومي الذي سينظر في قضايا فساده الثلاثة المعروضة على القضاء، في سبيل تأجيل النظر فيها أو تبرئته منها كلية، ما يشكل ضربة قوية لإستقلال القضاء والإنقلاب عليه وبالتالي المس بأسس الديمقراطية الأساسية المتمثل في استقلال القضاء والفصل بين السلط، وهكذا يتمكن رجل فاسد من فرض حكمه على المستعمرة.

بغض النظر عن صفقة توزيع المغانم والحقائب الحكومية بين القوى المشكلة لهذا التحالف الجديد فإن جوهر الإتفاق بينها تم حول اولا (قانون الأساس ليهودية الدولة) الذي يؤكد ويشرعن عنصرية الدولة والتمييز بين مواطنيها على اسس دينية تنسف مبدأ المساواة بين الموطنين والذي يعدُ اهم مبدأٍ من مبادىء الدولة الديمقراطية، وسيكون هذا القانون بمثابة الاداة السياسية والقانونية الداعية لإسقاط حقوق المواطنيين الأصلين من الفلسطينيين في فلسطين المحتلة للعام 1948م واسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين ..

والبند الثاني الأساس في برنامج هذه الحكومة هو إتفاقها على تنفيذ (صفقة القرن الامريكية الإسرائيلية) في ما يتعلق بضم المستوطنات والأراضي الفلسطينية في الأغوار ومنطقة البحر الميت والتي نص الإتفاق على أن يجري الشروع في ضمها في يوليو/ تموز القادم مستغلة انشغال العالم بمواجهة والوباء وآثاره الصحية والإقتصادية..

ستكون هذه الحكومة الإنتهازية حكومة عنصرية ومعادية للقانون الداخلي والدولي بإمتياز على حدٍ سواء، فهي ترسي قواعد نظام التمييز العنصري في الداخل والإخلال بمبدأ المساواة بين مواطنيها. كما الإخلال بمكانة القضاء وتحييده أو افقاده استقلاليته، وتكييفه بما يناسب السلطة التنفيذية ورئيسها الفاسد نتنياهو،  وبتأكيدها على ضم الأراضي الفلسطينية والمستوطنات تتحدى به القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، التي لا تجيز ضم اراضي الغير والتوسع والإستيطان فيها بالقوة، فهي حكومة  فاسدة وعنصرية وتهدد الامن والسلم في المنطقة، لا بد من العمل على محاصرتها داخليا وخارجيا، والعمل على ردعها عن سياساتها العنصرية والعدوانية، هذا يقتضي تشكيل تحالف دولي لمواجهتها ورفض الإعتراف بها ونزع الشرعية عنها وترتيب ما يتوجب من عقوبات عليها، لما تمثله من تهديد للسلم الأهلي الداخلي وتهديد للأمن والسلم الخارجي وتنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتنكر لمواقف  كافة الدول العربية  وغيرها التي سعت وعملت من اجل تسوية سياسية للصراع على اساس احترام قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وإنهاء الإحتلال وضمان حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

من هنا يجب الإلتفاف عربيا ودوليا حول الموقف الفلسطيني الرافض لهذه المواقف والسياسات التي ستنهجها هذه الحكومة، وضرورة الإستجابة للدعوة التي أطلقها الرئيس الفلسطيني في مجلس الامن ردا على (صفقة القرن) الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي يستند إلى قواعد القانون والشرعية الدولية لإقرار التسوية السياسية بين الطرفين والتي تحقق الأمن والسلم في المنطقة وتنهي الصراع.

وإلا فإن هذه الحكومة العنصرية والفاسدة والمتحدية للقانون والشرعية الدولية ستقود المنطقة إلى دوامة من العنف يقضي على كل امل بتحقيق تسوية تكفل ضمان الأمن والسلام في المنطقة ..