جــــــــاءت الــَراجِفـّـــة تّــتـــــبَعــــــهَــــــــا الـــــــرَادِفّـــــة
تاريخ النشر : 2020-04-21 21:37

"وقولواُ للِّناسِ حُسناً"، فالتفكر، والصمُت عن قُوِلّكْم الشر عبادة، ومن تّبَّشَبَشْ في وجه آخيهِ يُؤجر؛ إن كُل شيء في هذا العالم من حولنا تَغّير، وكأن نهاية العالم، وفناء الدُنيا، وقيام القيامة قد بات وشيكاً؛ والله تعالي أعلي، وأعلم، فلا أحد يستطيع أن يُجزم، أو يعلم متي هُوْ موعد قيامها بالضبط، إلا الخالق الله جَل جَلالهُ، ونَّنتظر علاماتٌ لها، منها خسفٌ بالمَشِرق، وخسفٌ بالمَغِربْ، وخِسفٌ بجزيرة العرب، بين مكة والمدينة، لقد "اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ" لاهيةٌ قلوبهم في الدُنيا!. لقد تحققت ارهاصات كثيرة جداً تحدث عنها القرآن الكريم، والسنة النبوية باقِّترِابها، وجاءت الآية بصيغة الماضي لتحقيق، وقوعه في المستقبل قال تعالي: "اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ"، وسيحدث، تدمير للنظام الكوني كله، وإن الزلزلة أتيةٌ لا ريب فيها، وهي ليست كالزلازِل الصغيرة التي تُحسب علي مقياس "ريختر"، وإن كان كثرة حدوث الزلازل اليوم هو علامة من علامات اقتراب قيام الساعة، وحدُوث الطامةُ الكُبرى، والصاخة، لآنها إذا زلزلت الأرض زلزالها بأمر ربها فيومئذِ وقعت الواقعة، ودُكّتْ الأرض دكةً واحدة، وجاءت الراجفة، تتبعها الرادفة؛ ومن الادلة علي اقتراب يوم القيامة من السنة النبوية الحديث الصحيح عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: "يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه"، "ولا تقوم الساعة إلا علي شرار الخلق"، فإن تُركت الصلاة، وهُجرت المساجد، ولم يبقي علي وجه الأرض إلا الكفرة، والفجرة، والمجرمون والمشركون قامت الساعة. يقول الله عز وجل عن قيام الساعة: "لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً"، والبغتة هي أقل وأقصر مدة زمنية ممكنة، قال تعالي: "وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ"، أي أسرع من الضوء، (وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ )؛ وبنص القرآن الكريم والسنة النبوية نري الدليل الواضح الصريح بأن قيام القيامة قد اقتربت حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى"؛ ورغم ذلك يبقي علمها غيباً مُطلقاً عند علامُ الغيوب، قال تعالي: "إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ"؛ وحينما كلم الله تعالى سيدنا موسى عليه السلام قال سبُحانهُ" "إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا"، وبعد ذلك بحوالي ألف عام تقريباً أُّنِزل القرآن الكريم، قال تعالى: "فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا"، ,أول علامات قُرب الساعة، هو مبعث سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، ونزول القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، ومن الأدلة علي قُربها أن العالم اليوم أصبح قرية صغيرة، ووصلوا مرحلة كبيرة من الانفجار العلمي والمعرفي والتقني، والعلو، والفساد، والاستكبار وتفشي الزنا، والقتل، والربا، والظلم في الأرض!؛ فُوقع "وباء فايروس كورونا"، الذي أعجز هذا العالم كله، قال سبحانهُ وتعالي:" حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"؛ وكأن الآية الكريمة تُحاكي هذا الزمان الذي نعيشهُ اليوم.
وإن من علامات الساعة تضييع الأمانة بإسناد الأمر إلى غير أهله ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال : كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسندَ الأمرُ إلى غيِر أهله فانتظر الساعة"؛ ومن علاماتها ظهور النساء الكاسيات العاريات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مُميلات مائلات رؤُوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"، ومن العلامات الكبرى وتظهر تباعاً كما ينفرط خيط المسبحة وهي: "الدخُان، والدجال، وخروج دابة من الأرض تكلم الناس وتعظهم، وخروج الشمس من مغربها ونزول سيدنا عيسي عليه السلام، وظهُور يأجوج ومأجوج، والمهدي المنتظر محمد بن عبد الله، وثلاثة خسوف، وآخرهُا نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلي محشّرِهم"؛ ويَروي الصحابي عوفُ بنُ مالكٍ الأشجعي رضِيَ اللهُ قال: "عنه أَتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: "اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بيْنَكُمْ وبيْنَ بَنِي الأصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا".
ونحن علي أعتاب شهر الرحمة، والمغفرة والخيرات، والصدقات، والنبي صل الله عليه وسلم أُرسل الله جل جلاله رحمة لكل الناس، لذلك لابد من الدعوة للتراحم والتأخي، والسلام فيما بيننا وخاصة في ظل جائحة فايروس كورونا، وموت وإصابة ملايين من البشر؛ رسالة نبرقها رحمة للعالمين، للجيش الأبيض من الأطباء العرب الميامين الذين يعيشون ويعملون في مستشفيات بلاد الغرب، وبجانب مهمتهم العظيمة الانسانية، عليهم واجب أن يلقنوا الناس قبل موتهم للنطق الشهادتين، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة؛ فعّن أنَسٌ رضي الله عنه أنَّ غلامًا يهوديًّا كان يخدُمُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فمرِض هذا الغلامُ، فأتاه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعُودُه ويزُورُه، فقعَد عند رأسِه، وطلَب منه أن يُسلِمَ، فنظَر الغلامُ إلى أبيه، وهو عنده، فأجابه أبوه أن أطِعْ أبا القاسِمِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأسلَم الغلامُ، فخرَج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن عندِه وهو يقولُ: الحمدُ للهِ الَّذي أنقَذه، أي: خلَّصه ونجَّاه، بي مِن النَّار؛ وهنا يضرِبُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أروعَ الأمثلةِ في الرَّحمةِ بخدَمِه، وإنْ كانوا مِن أهلِ الكتابِ، والحِرصِ على هِدايتِهم إلى الإسلامِ؛ فيجب علينا أن يكون فكرنا وهمنا هو الهداية والرحمة للناس أجمعين وفعل الخيرات والصالحات.